هل سيؤدي تغير المناخ إلى حدوث تحول في السياحة المتوسطية؟
- ديلي صباح ووكالات, إسطنبول
- Jul 27, 2023
حرائق مدمرة ودرجات حرارة تصل إلى 40 درجة مئوية وبقاء السياح في مساكنهم لتفادي كارثة محتملة … فهل سيؤدي تغير المناخ إلى التحول عن السياحة المتوسطية؟
تعد مناطق البحر المتوسط التي ترحب بنسبة كبيرة من المصطافين، هي الأكثر تضرراً من تغير المناخ. ففي اليونان، تم إجلاء آلاف السياح في الأيام الأخيرة من جزيرتي رودس وكورفو اللتين اجتاحتهما حرائق بسبب الطقس الحار الخانق. وتحول مطار رودس الدولي إلى موقع تخييم مؤقت غمره السياح المرتبكون.
كما تضررت دول أخرى حول البحر المتوسط، ففي إسبانيا، ارتفع معدل الحرارة بمقدار 15 درجة فوق المستويات العادية لموسم هذا الصيف. كما عانت إيطاليا من موجات الحر حيث ذابت جزيرة سردينيا تحت 48 درجة مئوية، بينما عانت تونس يوم الاثنين من 49 درجة مئوية.
وتلعب السياحة دوراً رئيسياً في اقتصادات المنطقة، إذ يمثل القطاع ما يقرب من ربع الناتج المحلي الإجمالي في اليونان وحوالي 12% في إسبانيا.
العواقب الاقتصادية
يمكن أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى إعاقة الزوار وتغيير خطط السياح على المدى المتوسط والبعيد ولكن ماذا بشأن الموسم الحالي!
بالنسبة إلى جان فرانسوا ريال الذي يرأس شركة السفر الفرنسية Voyageurs du Monde، فقد قال: "سيؤدي الاحتباس الحراري إلى جعل بعض الوجهات أقل زيارة. إن منطقة البحر الأبيض المتوسط كلها معنية بالأمر ومع ذلك فهي الوجهة الرئيسية للمسافرين الأوروبيين".
من جانبه قال خواندوكس لانتادا الأستاذ في جامعة مدريد كلية إدارة الأعمال: "بدأنا نسمع في إسبانيا السائحين يسألون أنفسهم إذا كان عليهم أن يتطلعوا لقضاء إجازتهم الصيفية على ساحل البحر المتوسط أم في وجهة أخرى".
ووفقاً لملاحظةٍ حديثةٍ من وكالة موديز "قد تقلل موجات الحر من جاذبية جنوب أوروبا كوجهة سياحية على المدى الطويل أو على الأقل تقلل الطلب في الصيف، ما سيكون له عواقب اقتصادية سلبية بالنظر إلى أهمية القطاع".
لا مزيد من حمامات الشمس؟
يرى حامد كوك كبير مستشاري رئيس رابطة وكالات السفر التركية، أن الأمر ليس بهذا الشكل لأن السياح الأوروبيين برأيه يعشقون الشمس حتى وإن كانت الحرارة مرتفعة.
وأضاف: "هذه المسألة مهمة جداً لصناعة السياحة، لكنها ليست مشكلة إذا كانت درجات الحرارة شديدة في أنطاليا مثلاً، لأن السياح الأوروبيين يفضلون في الغالب رؤية الشمس، ويمكننا أن ننظر إلى أمثلة من مصر ودبي. ففي يوليو/تموز وأغسطس/آب، تصل درجات حرارة هناك إلى 45 درجة مئوية، ولا يزال السياح يفضلون الذهاب إلى تلك الوجهات".
بدورها قالت دورا ميلاد رئيسة اتحاد الفنادق في تونس، إن "الحر الشديد لم يؤثر حتى الآن على السياحة. وإذا لم نعد بعد إلى مستويات نشاط 2019... فذلك يرجع في المقام الأول إلى ارتفاع تكلفة السفر الجوي".
أما ديدييه أرينو رئيس شركة بروتوريزم لاستشارات السفر والسياحة في فرنسا فقال: "عندما يتعلق الأمر بعطلاتهم، لا يحلم الناس بوجهة رائعة فحسب، بل يريدون طقساً جيداً أيضاً".
ولاحظ كوستاس كريسوهويدس نائب محافظ دوديكانيز، وهي مجموعة جزر جنوب شرق بحر إيجه تضم رودس، أن "24.000 سائح وصلوا إلى رودس" بين الأحد والاثنين، بالرغم من الحرائق. وقال إن عدداً قليلاً فقط ألغوا رحلاتهم "كإجراء احترازي".
الالتفاف على الركود السياحي
إذا أصبح من المستحيل زيارة وجهة شديدة الحرارة في ظل درجات حرارة غير طبيعية، فقد يتطلع المصطافون إلى وجهات أبعد، كما يشير جان فرانسوا ريال الذي قال: "وجهات شمال أوروبا آخذة في ارتفاع الإقبال السياحي عليها".
وأشار إلى أن كل من بريطانيا وأيرلندا يمكن أن تكتسبا قوة جذب سياحي.
ويتفق المختصون في القطاع على شيء واحد وهو أن السياحة ستتغير. ويتوقعون أن إجمالي عدد زوار البحر الأبيض المتوسط قد يرتفع لكن هذا الارتفاع سيكون في مواسم خارج الصيف، مدعوماً بزيادة الطلب من المتقاعدين.
وقال كوك: "في الوقت الحالي، ليس لدينا قلق بشأن طلب السوق المحلي ولكن إذا استمرت أزمة المناخ العالمية في التصاعد، فسيتعين علينا مراجعة فصلي الصيف والشتاء".
ومن وجهة نظر ريال "قد يكون ذلك فرصة لتقليل السياحة الزائدة " بمعنى أن خسارة بعض العملاء في الصيف قد تقود إلى كسب المزيد في الأشهر التسعة الأخرى من العام.