فاصولياء السليمانية.. والطعم العثماني العريق

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 06.09.2022 13:07
طبق الفاصولياء على الطريقة التركية طبق الفاصولياء على الطريقة التركية

في أعلى قمة في إسطنبول ينتصب جامع السليمانية بمآذنه الأربعة الفريدة مطلا على البوسفور والقرن الذهبي في أن معا وفي وسط الجزء القديم من المدينة وإلى جانبه جامعة إسطنبول القديمة وبنائها الأثري.

وإلى جانب احتوائه لأكبر قبة في إسطنبول فإنه يضم إلى جانبه لمسات الحياة التركية بشكل خاص به، وأحد أهم هذه اللمسات هي الفاصوليا المجففة أو كما يسميها الأتراك kuru fasülye.

الفاصوليا، وجبة تركية شعبية من أقدم الوجبات وألطفها، ولا يمكنك أن تتذوقها بطعمها التركي الأصلي إلا على تلك القمة العالية.

وتنتشر على جانبي الجامع مطاعم صغيرة قديمة عائلية يصل عمر بعضها إلى مئة عام أو أكثر، ويتوارثها الأبناء مع حرفة طبخ الفاصوليا.

ويقدم طبق الفاصولياء بطعمه الفريد والذي يعود بالزمن لعقود عثمانية سابقة، بشكل رئيسي ويقبل عليه أهل المدينة والزائرون والسائحون.

الوجبة التي تعد يوميا بعناية فائقة تقدم إلى جانب طبق من الأرز، حيث يلقي زائرو المنطقة بأنفسهم على الطاولات المرصوفة على الرصيف في استراحة الطعام بعد متعة التجول بالمناطق القديمة لمدينة إسطنبول.

ويعتبر السكان المحليون أن المكان التاريخي يجمعهم بهذه المطاعم لتناول وجبة الفاصوليا، وبعضهم يفضلها أن تكون خاصة بعد صلاة الجمعة كل أسبوع، فضلا عن طلبة جامعة إسطنبول المجاورة.

** إعداد بعناية

وجبة الفاصولياء في هذه المنطقة تتميز بأنها متوارثة عبر الأجيال، ومنذ قرابة 60 عاما تقدم في هذه المنطقة يتم إعدادها بمواصفات وتقنية خالصة تحافظ على عبقها وأصالتها وطعمها المميز.

ويتم اختيار القدور المصنوعة من النحاس من أجل إعداد الفاصولياء الحب، وتتميز هذه القدور بأنها الأصلية التي كانت تعد بها الأطعمة العثمانية سابقا، وتتوزع الحرارة فيها بشكل متوازن في معدنها.

وتختار حبة الفاصولياء أيضا بعناية ولها معايير مهمة من القياس الذي يجب أن يبلغ 11 ملم بحسب القائمين، وتجلب من موطن الفاصولياء في تركيا وهي ولاية أرزينجان شمال البلاد.

وبعد اختيار الصلصات والتوابل والخضار الخاصة بعناية فائقة، ويتم تحضير الفاصولياء بعناية وتترك لترتاح وتنضج فوق نار الجمر بكل هدوء وتقدم بعدها للقادمين من الزبائن السائحين والزائرين.

** اهتمام كبير

ومنذ عقود تشهد هذه المطاعم المنتشرة بجانب جامع السليمانية إقبالا كبيرا من السياح العاشقين للأطعمة التقليدية، خاصة بعد إكمال جولة بجامع السليمانية الشهير الذي بناه المعماري العثماني الشهير سنان.

وبدأت فصول الوجبة بالمنطقة قبل نحو 60 عاما عندما كانت تباع بداية عبر عربة متنقلة، قبل أن يستقر المقام بها في هذه المنطقة، ويتم استقبال الزوار والسياح فيها.

ومنطقة السليمانية التي تقع خلف جامعة إسطنبول وبقرب مكتبة السليمانية، وبموقعها المرتفع في إسطنبول، تستقطب حركة كبيرة من الزائرين بمختلف الأهداف التعليمية والسياحية والدينية.

وتجمع هذه المطاعم الأحباب والأصدقاء الذين يجتمعون بشكل مستمر ومتواتر في هذه المنطقة، فضلا عن اهتمام الطلاب بتناول هذه الوجبات، والسائحين الذين يتدفقون بكثرة هذا العام إلى تركيا.

ورصدت عدسة الأناضول حركة سياحية مكثفة في المنطقة قاصدة هذه المطاعم وتناول الوجبة المتميزة إلى جانب الأرز وسلطة اللبن والخيار، وتناول الحلويات المقدمة في هذه المطاعم، إضافة لبعض الوجبات الجانبية تلبية لكافة الخيارات.

** منطقة هامة

"السليمانية" تكتسب اسمها من جامع السليمانية، الذي أمر السلطان العثماني سليمان القانوني (1494-1566) ببنائه، ويتواجد قبره فيه فحملت المنطقة اسمه.

وكلف السلطان سليمان القانوني، المعمار سنان (1489-1588)، أشهر المهندسين في العصر العثماني، بالإشراف على تشييد الجامع وافتتاحه.

وتتواجد بالمنطقة مكتبة السليمانية للمخطوطات الشهيرة، وهي من أكبر المكتبات التراثية العريقة في العالم، وتحوي أكثر من 70 ألف مخطوطة، مكتوبة بالعربية والتركية والفارسية.

وتقع المنطقة على إحدى تلال إسطنبول الاستراتيجية المطلة على خليج البوسفور، في موقع يمكن رصده داخل المدينة القديمة، بحي الفاتح، ويشرف على مشهد رائع للمدينة تظهر فيه معالم المدينة القديمة.

وتجمع السليمانية الجانب الروحاني المتمثل بالجامع والمنطقة المحيطة به، والجانب السياحي، نظرا لإقبال السياح للجامع ولمشاهدة المناظر المميزة، وانتشار المقاهي والمطاعم المختلفة.