تقع قلعة "قحطة" Kahta التاريخية في منطقة تحمل الاسم نفسه، وهي تابعة لولاية أديامان جنوب شرق تركيا، وقد أعيد فتحها للزوار بعد 17 عاماً من الترميم الشامل.
ويعود تاريخ منطقة "قحطة" إلى عصور ما قبل التاريخ نظراً لقربها من بلاد ما بين النهرين مهد العديد من الحضارات. وبفضل موقعها الجغرافي، استضافت المنطقة حضارات لا حصر لها منذ العصور القديمة وحتى الآن، منهم الحيثيون ومملكة ميتاني والآشوريون والحيثيون اللاحقون والفرس والإسكندر المقدوني الأكبر ومملكة كوماجين والإمبراطورية الرومانية الشرقية وغيرهم.
وبالرغم من امتزاج تقاليد شعبها من الثقافات اليونانية والفارسية، إلا أن حكام هذه المملكة لم يخفوا إعجابهم بالثقافات الفارسية والآشورية والأرمنية كما تدل التماثيل العملاقة للآلهة الموجودة على جبل "نمرود" أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1987، وهي من القطع الأثرية المعروفة التي خلفتها مملكة كوماجين في أديامان وتمثل جزءاً من مقبرة المعبد الذي يعود تاريخه لحوالي 49 قبل الميلاد، والذي بناه ملك أنطاكية الأول حاكم مملكة كوماجين لنفسه.
وبالاضافة لهذا المعبد تقف قلعة "قحطة" كأعجوبة معمارية أخرى من أعاجيب مملكة كوماجين، وبنيت القلعة من قبل شعب كوماجين كمقر ملكي هام يدل على عظمة تلك الحضارة، وهي تحمل اليوم آثار 3 حضارات هامة إذ حافظت خلال الفترة الرومانية على أهميتها وتطورت كثيراً. ومع سيطرة المماليك على المنطقة في ستينيات القرن التاسع عشر، تم ترميم القلعة وإعطائها شكلها الحالي.
وتبهر قلعة "قحطة" الزوار بسوقها ومسجدها وزنزانتها وممراتها المائية. وقد أغلقت القلعة الواقعة على طريق جبل نمرود أمام الزوار عام 2005 لأسباب أمنية وبدأت فيها عملية ترميم شاملة. وبعد الانتهاء من العمل المكثف الممتد على 3 مراحل،عادت القلعة اليوم بعظمتها السابقة لترحب بالزوار مرة أخرى.
وفي معرض حديثه عن افتتاح القلعة قال محمود جوخدار والي أديامان للإعلام المحلي، إن شرفة زجاجية بنيت داخل القلعة كجزء من مشروع "تنشيط قطاع السياحة في أديامان". وأضاف: "تم الانتهاء من وضع الشرائط الأمنية للممرات. والقلعة تنتظر الزوار الآن".
وفي إشارة إلى أن قلعة "قحطة" هي من أفضل القلاع التاريخية المحفوظة في تركيا، تابع الوالي قائلاً:"تستحق القلعة المشاهدة فعلاً، ولن يندم زوارنا على المجيء إليها، فنحن نرحب بالسياح المحليين والأجانب هنا". مشيراً أن أديامان هي جنة سياحية وأنها تتمتع بإمكانيات كبيرة وتمتلك موارد متنوعة تحت الأرض وعلى سطحها.
من جانبه قال محمد ألكان مدير متحف أديامان، إن القلعة تتمتع بمظهر رائع بأسوارها ومعبدها وبناء القصر الداخلي والبرج المحصن. مضيفاً أنهم اتخذوا جميع الإجراءات الأمنية. وهم بانتظار الزوار المحليين والأجانب.
بدورها أعربت سوزان كالا وهي زائرة من النمسا، عن سعادتها بافتتاح القلعة للزوار لأنها لم تتمكن من زيارتها على مدى 3 سنوات إذ كانت مغلقة للترميم.
وقالت: "أنا من أكثر الناس حظاً في العالم لرؤية هذه القلعة الرائعة. لقد رأيت العديد من القلاع، لكن هذا المكان محفوظ جيداً، لقد تأثرت كثيراً".
وقال زائر فرنسي اسمه إيمانويل جوست، إنه بصفته مرشداً سياحياً في بلده، سيضيف انطباعاته عن القلعة إلى كتاب السفر الخاص به ويحدّث المعلومات عنها بالصور التي التقطها.