بلدة تركية صغيرة يعمل معظم أبنائها المغتربين في قطاع الخدمات الأمريكي
- ديلي صباح, إسطنبول
- Aug 11, 2022
"ياغلي ديرة"Yağlıdere بلدة صغيرة يبلغ عدد سكانها حوالي 15.000 نسمة وتقع على طول وادٍ خصب في شمال تركيا على البحر الأسود في ولاية غيرسون، ويوجد عدد كبير من أهاليها حالياً على بعد آلاف الكيلومترات من حدودها، ففيهم حوالي 30 ألف شخص يقطنون في نيويورك ونيوجيرسي وماساتشوستس، بعد تدفق كبير للمهاجرين الأتراك إلى الولايات المتحدة.
ويقول رئيس البلدية "يشار إيباش" إن حوالي 70% من سكان البلدة الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة منذ عقود هم الآن موظفون، وأن "معظم محطات الوقود في لونغ آيلاند على سبيل المثال، يملكها أو يديرها أشخاص من ياغلي ديرة".
وفي عطلة الصيف تغمر موجات المغتربين وأبنائهم وأحفادهم أركان المدينة حيث يقضون إجازاتهم الصيفية في مسقط رأسهم ذو الجمال الساحر، والتي يبدو أنها لم تتغير كثيراً منذ بدأت الموجة الأولى من الهجرة في السبعينيات.
وأدت موجة الهجرة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية إلى انتقال معظم الأتراك إلى أوروبا، وخاصة ألمانيا التي قبلت "العمال الضيوف"، بينما اختار عدد محدود من الأتراك أراضي أبعد. وبالرغم من أن الولايات المتحدة لم تكن وجهة رئيسية للكثيرين، إلا أن زيارة رجل يوناني من مواليد "ياغلي ديرة" التي كانت آنذاك قرية، في الستينيات من القرن الماضي، غيرت ذلك على ما يبدو. وبناءً على دعوته، غادر أول مهاجر إلى الولايات المتحدة عام 1968 وشجع المزيد على الاستقرار هناك بعد أن شاع عنها أنها أرض الفرص المالية. وفي السنوات التالية، غادر عشرات آخرون "ياغلي ديرة" إلى الولايات المتحدة، بمساعدة المهاجر "الأصلي" إحسان أردن الذي بدأ فيما بعد في جني الأموال من خلال ترتيب سفر العمال المهاجرين.
وأوضح "إيباش" للإعلام المحلي أنهم يقدرون عدد الأشخاص المنحدرين من "ياغلي ديرة" في الولايات المتحدة بحوالي 21.000 شخص، باستثناء أولئك الذين ليس لديهم تصاريح إقامة. وأشار إلى أن عدد سكان البلدة يصل إلى 50 ألفاً أحياناً خلال فصل الصيف حيث يزور جميع الأشخاص الذين نشأوا في "ياغلي ديرة" المدينة مرة واحدة على الأقل في السنة. كما أن كل من هاجر من أبناء البلدة إلى الولايات المتحدة، عاد وبنى منازل جديدة فيها وأن وبعضهم لديه ما يصل إلى 5 منازل وجميعهم تقريباً قاموا ببناء منزل واحد جديد على الأقل.
وأكد أن سكان البلدة يعملون بجد في المغترب الأمريكي وأنهم أصبحوا "رواد أعمال" هناك، مشيراً إلى أنهم نشطين في قطاع الخدمات في نيوجيرسي وأن غالبية سكان ماساتشوستس وكونيتيكت يعملون أو يديرون مطاعم. أما بالنسبة لأولئك الذين بقوا في "ياغلي ديرة" فيعتبرون قدوم المهاجرين للزيارة صيفاً "مصدر دخل إضافي" للشركات المحلية. وأن الجميع يتطلع إلى فصل الصيف بفارغ الصبر "من تجار المجوهرات إلى محلات السوبر ماركت، تنتظر كل الأعمال هنا بفارغ الصبر عودة المهاجرين لقضاء عطلة الصيف".
علي توب البالغ 53 عاماً، هو واحد من بين "الوافدين المتأخرين" إلى الولايات المتحدة. وقد سافر على متن سفينة عام 2000، واستقر في نيويورك. وهو اليوم وبعد حوالي 22 عاماً، يمتلك محطة وقود ومحل بقالة ويعمل تاجر سيارات مستعملة.
وحول رحلته وعيشه في أمريكا قال توب: "نكسب جيداً ونستثمر ما ربحناه في ياغلي ديرة. نحن دائما نفتقد بلدتنا الجميلة. ومع أني خططت لقضاء عطلة هذا العام في مرمريس وبودروم وفتحية، لكنني قررت البقاء في ياغلي ديرة فهي جنة على الأرض وإلى جانب ذلك، أريد لابني أن يتعرف على ثقافتنا وشعبنا وأن يتعلم كيف يحبون ويحترمون بعضهم".
بدورها قالت فاطمة أوزباي، التي انتقلت إلى الولايات المتحدة في العشرينات من عمرها، وتزوجت هناك من مواطنها من غيرسون، وهي تبلغ اليوم من العمر 44 عاماً رأياً مشابهاً لرأي توب، بأنهم يريدون لأطفالهم التعرف على الثقافة التركية.