على مدى قرون من العلاقات الثقافية المتبادلة بين اسطنبول وتبليسي، لم تتلاشَ جاذبية القهوة التركية في عاصمة جورجيا، حيث تباع دلال القهوة التركية التقليدية بكثرة في أسواق السلع المستعملة العتيقة.
تتراكم الدلال واحدة فوق الأخرى متلألئة بالنحاس غير المطلي والخشب المصقول الذي صنعه الحرفيون في الماضي، وربما حتى قبل تشكل الحدود الحديثة التي تقسم تركيا وجورجيا. إن القواسم التاريخية المشتركة والقديمة والمتعددة اللغات للتفاعل الاجتماعي والثقافي بين الدولتين تمتد في أعماق المياه والأرض والشعوب في المناطق المشتركة بين البلدين، لا سيما حيث يلتقي الركن الجنوبي الشرقي للبحر الأسود بالمدن والبلدات بين باتومي وطرابزون.
وفي الداخل، في تبليسي أكبر مدينة جورجية وعاصمة جمهورية القوقاز، تكثر آثار الثقافة التركية. ويقوم صانعو القهوة في أرقى مقاهيهم جنباً إلى جنب مع النظام العالمي لمشروبات الإسبريسو، بتقديم القهوة التركية التقليدية طبقاً للطقوس القديمة مع كوب ماء صافٍ، ومن المعتاد الانتظار بصبر ليرى ما تمتد إليه يد الضيف أولاً. فإذا اختار الماء ومر فوق القهوة وربما فوق قطعة الحلقوم التركية، فهذا يعني بحسب النبوءة أنه جائع.
ومع ذلك، فإن تناول الطعام اللذيذ هو أقل مشاكل المسافر في جورجيا، حيث يوزع الخبازون في الشوارع أنواعاً ضخمةً من الخبز بكميات كبيرة، محشوة بالجبن والبطاطا والعديد من النكهات الأخرى المحيرة والمشبعة والسريعة، مثل البوريك في تركيا، ومثل البيتزا في اليونان. وتذكّر المأكولات الأساسية المصنوعة من القمح ومنتجات الألبان بالإرث الذي ربما أحدثته الإمبراطورية الرومانية القديمة منذ فجر الحضارة الغربية. والمطبخ الجورجي حتى في تجسيداته اليومية، مغذي بشكل مبهج بقدر ما هو دافئ.
ومع الكنيسة الشرقية وروابطها في جميع أنحاء الأناضول وآسيا الوسطى، من التراث البيزنطي التركي إلى المجتمعات الرهبانية المبكرة في جورجيا، نجد تأتير المجتمع الروماني متعدد الثقافات يلوح في الأفق بشكل كبير، وتتناثر أشكال مختلفة من القهوة في كل مكان وكذلك تنتشر الدلال المعروفة بالتركية باسم cezve في جميع أنحاء سوق السلع المستعملة الأكثر شهرة في تبليسي، والتي تقع على الشواطئ الغربية لنهر كورا، فوق جسر Chughreti، حيث القبة الذهبية التي تزين كاتدرائية سامبا المطلة على المدينة المنخفضة الارتفاع والتي تعود إلى العصور الوسطى.
بقلم: MATT HANSON
justify">