تم مؤخراً اكتشاف شبكة كهوف قديمة شاسعة في ضواحي منطقة "غودول" بالقرب من العاصمة أنقرة. وهي منطقة ذات كثافة سكانية قليلة إذ يبلغ عدد سكانها 9000 نسمة فقط. وتقع "غودول" بين المناطق الريفية الكبيرة في "بيه بازاري" و"كزلجا حمّام" المرشحتين للتحول إلى مناطق جذب سياحي عالية قرب العاصمة التركية.
وبالرغم من مساحتها الجغرافية الصغيرة، تفتخر "غودول" بالعديد من العوامل السياحية الطبيعية والتاريخية حيث تتمتع المنطقة بجمال طبيعي هادئ وعريق بالإضافة إلى كهوف "إينونو" الأثرية، وهي شبكة كهوف قديمة تم بناؤها داخل وادي "كيرمير" في "غودول"، وتطل على النهر الذي يحمل اسمها.
كهوف "إينونو"
هي مجموعة من الكهوف الاصطناعية المثيرة والغامضة بسبب صمودها لفترات طويلة من الزمن في وجه عوامل التآكل والتلف الطبيعية. وتشكل هذه الكهوف مع بعضها ممرات قديمة تعود بالزوار إلى مئات أو آلاف السنين. ومن الواضح عند النظر إلى كهوف "إينونو" أن هذه الهياكل التي صنعها الإنسان قد حافظت على أصالتها عبر العصور.
يعود تاريخ كهوف إينونو إلى عام 2000 قبل الميلاد، أي إلى العصر الحثي الأول في الأناضول. ويُعتقد أن شبكة الكهوف الأساسية، وهي جزء من كهوف "إينونو" التي تجذب معظم الزوار، قد تم بناؤها من قبل الرومان الذين استقروا في المنطقة خلال الفترة التي كانت المسيحية فيها آخذة في الانتشار بينما كان المسيحيون يتعرضون للاضطهاد. وفيما بعد، سكن البيزنطيون المنطقة وراحوا يؤسسون فيها حضارتهم تدريجياً.
وتقع شبكة كهوف "إينونو" على مستويات متعددة وتتكون من عشرات الغرف والكنائس. وبفضل جهود الترميم والتجديد والحماية التي قامت بها البلدية لتعزيز السياحة في المنطقة، أصبحت الغرف متصلة ببعضها البعض بواسطة سلالم حديدية محفوفة بالأسوار، وذلك للسماح للزوار بالصعود دون التعرض لأية مخاطر.
ويعتبر السير داخل الغرف التي عاش فيها الرومان والبيزنطيون والحثيون القدماء، ولمس الرموز الدينية المحفوظة التي نحتت بدقة داخل الحجارة القديمة، تجربةً رائعة تستغرق حوالي 45 دقيقة للزوار الذين يضطرون في بعض الأحيان للإنحناء أو المشي بوضعية القرفصاء داخل الأنفاق الضيقة ومسارات الكهوف العميقة.
كيفية الوصول إلى الكهوف
أصبح الوصول إلى كهوف "إينونو" أسهل مما كان عليه في السابق بسبب توفر وسائل النقل العام إلى منطقة "غودول" القريبة من أنقرة في رحلة تستغرق حوالي 90 دقيقة، ومنها إلى الكهوف بواسطة سيارة أجرة عبر طريق يستغرق حوالي 10 دقائق بالسيارة، و35 دقيقة بالسير على الأقدام بوتيرة طبيعية. كما يمكن الذهاب إلى الكهوف عبر الطريق السريع المجاني الذي يمتد غرباً من أنقرة بدلاً من القيادة عبر الطريق السريع المتجه نحو الشمال.
ويمكن للزوار أن يقوموا بمجرد الانتهاء من زيارة كهوف "إينونو"، بزيارة متحف مدينة "غودول" الصغير المثير للاهتمام والذي يضم مجموعةً كبيرةً من القطع الأثرية المكتشفة في المنطقة، بالإضافة إلى الملابس التقليدية التاريخية ولوحات المعلومات التي تتحدث عن التاريخ والحياة الاجتماعية والاقتصادية والطبيعية لمدينة "غودول".
كما يمكن للزوار بعد ذلك زيارة بحيرة "سورغون" الواقعة في المنطقة الشمالية من "غودول". وفيها يظهر الفرق الواضح بين طبيعة تلال وسط الأناضول الجافة وطبيعة جبال البحر الأسود ذات الغابات الكثيفة والمناخ البارد. وتحتوي الغابات المحيطة ببحيرة "سورغون" على مئات النباتات المختلفة وهي موطن للعديد من أنواع الحياة البرية مثل الذئاب والثعالب والنمور والخنازير وابن آوى وابن عرس والأرانب البرية وحتى الدببة.
وتتميز المناطق حول البحيرة بوجود مسارات مخصصة للمشي وركوب الدراجات ومساحات معدة للتخييم ومواقف للسيارات ومرافق للخدمات العامة.
