في أعماق غابات طرابزون دائمة الخضرة في منطقة البحر الأسود بتركيا، تتربع هضبة "بيه بيناري" الخلابة التي تشبه جزيرة في السماء، على ارتفاع أكثر من 2100 متر، في منطقة "دوزكوي" كجنة مخفية لا يعرفها سوى عدد قليل من الزوار والسياح.
لكن المزيد من الناس اكتشفوا هذه البقعة الماسية مؤخراً بعد أن دفعهم حر الصيف لزيارة المرتفعات والتمتع بالبرودة وضباب المساء والغيوم التي تغطي الهضبة معظم العام. بالإضافة إلى رغبة الزوار بالهروب من ضغوط المدينة والتواصل مع الطبيعة بعيداً عن الزحام وسط جائحة كوفيد-19 ولو لمدة يوم أو يومين. ويختار معظم المصطافين عادةً التخييم وسط المناظر الطبيعية الخضراء مستخدمين خيامهم الخاصة ومستفيدين من الخدمات العامة التي تحيط بمناطق التخييم هناك.
وبعد تسلق لا يعد سهلاً على منحدرات متفاوتة الشدة يصل المصطافون إلى منطقة التخييم المنبسطة ويصبح بإمكانهم إلقاء نظرة على غروب الشمس المذهل الذي يلون الهضبة بظل برتقالي لا يمكن تخيله.
ويشترط للتخييم هناك أن يكون الزائر مستعداً دائماً بأكياس النوم والبطانيات المريحة وإبريق الشاي للحصول على مشروب ساخن أثناء الاستماع إلى ألحان الكمان الصغير ثلاثي الأوتار الذي تشتهر به منطقة البحر الأسود. وعندما يبدأ البرد في التسلل إلى الأطراف يمكن للضيوف أداء رقصة الهورون الشعبية الحية التي تشتهر بها المنطقة والتي تضخ الدم في العروق وتعيد الدفء والحيوية للجسم والروح معاً.
وتعتبر أيام الصيف مثاليةً لهواة التصوير الفوتوغرافي الذين يسعون لالتقاط منظر غروب الشمس بأشعة برتقالية ساحرة حين يكون القرص الأرجواني محاطًا بسحب تشبه "غزل البنات" القطنية.
وفي لقاءات الزوار مع الصحافة قالت "ألف حرفكر" التي جاءت إلى الهضبة لتختبر جمالها بنفسها: "جميع الفصول جميلة في منطقة البحر الأسود حيث يسود الاخضرار دائماً، لكن الخريف مختلف هنا لأنه يحوي كل الألوان تقريباً. إلى جانب بحر السحب الذي نراه في السماء في هذا الفصل بالذات والذي يجذب الزوار ومحبي الطبيعة وعشاق التصوير".
وقال الزائر "عمر فاروق حجي صالح أوغلو" الذي أراد رؤية هذه الجنة العائمة: "من المستحيل رؤية جمال هذا البحر من السحب في أي مكان آخر غير منطقة البحر الأسود. الغيوم هنا تجعل المكان مميزاً للغاية".