في عمق مياه منتجع "كاش" القريب من مدينة أنطاليا السياحية المشهورة، يوجد عالم غامض مثير، يقطع الغواصون من جميع أنحاء العالم مئات الكيلومترات لرؤية بعض عجائبه. فالبلدة الصغيرة الساحلية "كاش" التي تقع جنوب غرب تركيا،
تبهر عشاق الغوص بمياهها النظيفة الصافية بالإضافة إلى عالم النباتات والحيوانات الزاخر تحت مياهها.
تتميز "كاش" بجمال طبيعي أخاذ بفضل موقعها غرب مدينة أنطاليا، بين خضرة الجبال وزرقة البحر المتوسط. وبالرغم من اكتظاظ المدينة بالزوار صيفاً إذ يفضل معظمهم الاستمتاع بأشعة شمس الجنوب والسباحة في المياه الفيروزية، يبقى بعضهم مفتوناً على مدار العام أيضاً بمغامرات "كاش" المختلفة، مثل الغوص والطيران المظلي والمشي لمسافات طويلة على المسارات التاريخية أو زيارة المدن القديمة مثل "باتارا" و"إكزانثوس"، العواصم السابقة لحضارة "ليكيا".
ولأن متعة الغوص تبقى متاحةً طوال العام تقريباً بفضل المناخ المعتدل للمنطقة، يتوافد مئات الغواصين إلى "كاش" كل يوم لاكتشاف عجائب ما تحت الماء. ويعتقد الكثيرون أن فصل الخريف ومطلع الشتاء يمثلان وقتاً ذهبياً للغوص تحت مياه "كاش". إذ غالباً ما يصادف الغواصون أنواعاً نادرةً من المخلوقات البحرية هناك مثل، السلاحف البحرية وأسماك الأسد، والأخطبوط، وثعبان البحر، وأسماك القير، وحوت الحبار إلى جانب بقايا حطام السفن.
مراكز الغوص الرائدة في "كاش":
تكثر مراكز الغوص في "كاش" وتتنوع، ويوجد في المنطقة السياحية 42 نقطة غوص، وفي وسط المدينة 34 موقعاً، وثمانية في بلدة "كالكان" القريبة. وهناك 17 مدرسة للغوص في "كاش" و19 في "كالكان". ويصل مجموع ما تستضيفه "كاش" و"كالكان" حوالي 100.000 غواص سنوياً.
وحول التدريب على الغوص تحدث "مراد درامان" مدير ومدرب في مركز "كاش كيكوفا"، أحد المراكز الرائدة في سياحة الغوص، ويقع في منطقة المحميات البحرية، وقال إنهم يغوصون ويدربون الناس على الغوص بالإضافة إلى مساعدة العلماء في الحفاظ على الطبيعة والتفاعل معها. وشدد على فلسفة جميع مراكز الغوص في الحفاظ على البيئة البحرية وعدم العبث بها لضمان استمرار توازنها الدقيق، والمتمثلة في "ألا تترك وراءك سوى الفقاعات، والامتناع عن أخذ أي شيء".
إن أكثر ما يجذب الأنظار في مواقع الغوص في "كاش"، الكهوف والمروج البحرية والكثبان الرملية والمنحدرات والحطام والأواني الفخارية القديمة الغارقة، بالاضافة إلى الحطام الحديث كحطام القوارب المصنوعة من الألواح المعدنية. والمنطقة غنية جداً بالمخلوقات البحرية. ويمكن للغواصين المصنفين في فئة نجمة واحدة، رؤية "داكوتا" وهي طائرة عسكرية غارقة على عمق 20 متراً من سطح الماء، لم يعتريها الكثير من الصدأ لأن سطحها الخارجي مصنوع من الألومنيوم. وتضفي مشاهدة حطامها صورة جميلة تحت الماء، مما يخلق الشعور بطائرة تمر عبر الغيوم. لذلك يسعى معظم الغواصين تحت مياه "كاش" لرؤيتها. وحطام "داكوتا" ليس الوحيد في المنطقة، إذ تم العثور على حطام أعمق لبعض القوارب اليونانية ناتج عن الحوادث البحرية.
لكن "درامان" أكد أن الحطام الذي يبهر الغواصين بشكل خاص يشوه طبيعة البحر. وقال: "إن أي حطام في النهاية يلوث البيئة المحيطة به. هناك بالتأكيد بعض الزيوت في حطام السفن، كما يمكن للطلاء أن يتسرب إلى المناطق المحيطة. وبغض النظر عن نوع المعدن أو المواد المستخدمة في التصنيع، يمكن أن يتحلل ويستقر في القاع، كما أن الأسماك لا تتكاثر في الحطام الصناعي، لكنها يمكن أن تتخفى بين أجزائه لتجنب الأنواع المفترسة".