استطاعت مدينة بودروم التركية المطلة على البحر المتوسط، الاحتفاظ بطابع منازلها البسيطة التي يغلب عليها اللونان الأبيض والأزرق، دون أن يؤدي توافد السياح عليها إلى انتشار المباني الخرسانية المرتفعة فيها.
وساهم حفاظ بودروم على طابعها الأصلي في استمرارها وجهةً سياحية متميزة على المتوسط، حيث يفضل كثير من السياح الإقامة في منازلها التقليدية دون أن يعرفوا ربما أن اللون الأزرق الذي تطلى به أبواب ونوافذ تلك المنازل ليس للزينة فحسب، وإنما تعمل مادة "النيلة" التي يصنع منها الطلاء على طرد العقارب والثعابين أيضاً.
وتطبع تلك المنازل المدينة بألوانها، حيث يغلب عليها الأبيض والأزرق، إضافة إلى الأخضر والبنفسجي بلون نبتة "الجهنمي - بيغونفيل"، المنتشرة في حدائق المنازل.
وقال رئيس بلدية بودروم محمد كوجادون، في تصريحات للأناضول، إن بيوت المدينة بنيت على أيدي مقاولين أتراك وروم؛ وتتكون من طابقين ويغطى سقفها بالقرميد، ولا يتجاوز ارتفاع البيوت في العادة 6.5 أمتار.
ويبدو كوجادون فخوراً بحفاظ مدينته على طابعها التقليدي، ويقول إن معظم المناطق السياحية الأخرى في تركيا ترافق زيادة عدد السياح فيها بزيادة في ارتفاع المباني، إلا بودروم التي تمكنت من حماية هويتها التقليدية.
وأشار كوجادون أن الاهتمام تزايد في الفترة الأخيرة بالبيوت التقليدية في بودروم، وتم ترميم العديد منها والعودة للسكن بها، وأن البلدية تعمل ما بوسعها للحفاظ عليها، مضيفاً أنه هو نفسه يسكن في واحد من تلك البيوت.
وقال ممثل غرفة المعماريين في بودروم، جواد كالفا، إن اللون الأبيض في بيوت بودروم يرمز إلى النظافة، في حين أن الأزرق يأتي من مادة النيلة التي استخدمها الأهالي لطلاء البيوت والنوافذ لأنها تطرد الحشرات والعقارب والثعابين وغيرها من الحيوانات الضارة.
وأشار كالفا إلى أن من يرغبون في تجربة العيش في الماضي ويحبون أن يكونوا في أحضان الطبيعة، يفضلون بودروم، فبيوتها التقليدية منخفضة الارتفاع، وتندمج مع الطبيعة دون أن تشوهها.
ويشتهر في بودروم شارع "تارلا" الذي تعيش فيه عائلات هاجرت من اليونان إلى تركيا، وتقول حسينة جنكيز (71 عاما)، التي تعيش في الشارع منذ 68 سنة، إن الشارع بات مشهوراً جداً، حتى إن بعض الأفلام صورت فيه، ومنازله تثير إعجاب السياح كثيراً.
وتشير جنكيز إلى أن طلاء المنازل بالجير أصبح منتشراً في المدينة، قائلةً إن الجير كان يستخدم في الماضي لعدم وجود بديل، لكنه أصبح موضة الآن.
وقامت نوراي قره داغ، بتحويل أحد منازل الشارع، وبني قبل 50 عاماً إلى فندق صغير بعد تجديده؛ وتشير إلى استقبال الفندق سياح محليين أجانب من جنوب إفريقيا، وإسبانيا، وإيطاليا، وألمانيا، واليابان، والصين.