جسور اسطنبول المعلقة.. 3 لآلىء تزين البوسفور وتربط آسيا بأوروبا
- وكالة الأناضول للأنباء, اسطنبول
- Aug 26, 2016
تفتتح الحكومة التركية اليوم الجمعة، الجسر المعلق الثالث في مدينة اسطنبول الذي سيصل بين القارتين الأوروبية والأسيوية، لتغدو الجسور 3 نجمات تتلألأ في قلب المدينة التاريخية وتعبر مضيق البسفور الشهير لتضيء مياهه بأضوائها الباهرة.
وقد أطلق على الجسر الجديد اسم "جسر السلطان ياووز سليم" (سليم الأول)، ويعتبر أعرض جسر معلق في العالم إذ يصل عرضه إلى 59 متراً.
ويأتي هذا الافتتاح ضمن سلسلة من المشاريع الكبرى التي عملت الحكومة على إنجازها في السنوات السابقة، لتقود البلاد نحو أقوى الاقتصادات في العالم، بهدف احتلال مرتبة من بين أفضل 10 اقتصادات مع حلول الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية في العام 2023.
ومن الملفت للنظر أن زائر مدينة اسطنبول لا يدرك منذ البداية تعدد جسور المدينة المترامية الأطراف ما بين القارتين الأسيوية والأوروبية، فيعتقد أن ما يربط شطري المدينة هو جسر واحد، إلا أن الافتتاح الجديد هو الثالث من نوعه، خلال 43 عاماً.
ومنذ التاريخ القديم، كانت هناك أطروحات لبناء جسر يربط شطري المدينة؛ وفي مختلف العصور كانت هناك أفكار متنوعة؛ حتى في التاريخ العثماني كانت هناك مساع لإنشاء جسر بين الضفتين إلا أنها لم تكن تكلل بالنجاح، من بينها مشروع لجسر تمر من فوقه سكة حديدية. ومع إعلان الجمهورية التركية في العام 1923،عادت المساعي من قبل الشركات الأوروبية لإنشاء جسر بين الضفتين، لكن أياً منها لم ير النور.
وفي العام 1967، طلب من 4 شركات متخصصة عروضاً لإنشاء الجسر وحصل تحالف 4 شركات أوروبية على المناقصة، لتبدأ الأعمال في الجسر الأول في 20 شباط/فبراير من العام 1970، لتضع نهاية لقرون طويلة من استخدام القوارب والعبّارات فقط في التنقل بين القارتين الأوروبية والأسيوية.
الجسر الأول (شهداء 15 تموز/يوليو - البوسفور سابقاً)
افتتح الجسر الأول مع مناسبة الذكرى 50 لتأسيس الجمهورية التركية، في 30 تشرين الأول/أوكتوبر من العام 1973، وعند الافتتاح كان يعتبر رابع أطول جسر في العالم، وهو يحتل حالياً المرتبة 21 عالمياً بحسب المعطيات المتوفرة. وعرف باسم جسر "البوسفور" إلى أن تم تغيير الاسم إلى جسر "شهداء 15 تموز/يوليو" عقب فشل المحاولة الانقلابية التي نفذتها مجموعة مرتبطة بمنظمة "فتح الله غولن" الإرهابية، قبل نحو شهر ونصف.
وقبيل الافتتاح الرسمي، وضعت اللوحة الأخيرة على الجسر المعلق في 26 آذار/مارس من نفس العام، ليكتب التاريخ أول عبور مشياً على الأقدام بين القارتين؛ وفي 8 حزيران/يونيو من نفس العام، بدأت التجارب لعبور السيارات وصولاً إلى الافتتاح الرسمي حيث افتتح رئيس الجمهورية آنذاك، فخري قورتورك، الجسر معلناً بدء عصر جديد في اسطنبول.
وترتفع أعمدة الجسر التي تحمل كوابل التعليق 165متراً، 64 متراً عن سطح الماء، فيما يبلغ طول الجسر 1560 متراً، والمسافة ما بين البرجين (الأعمدة) 1074متراً، فيما يبلغ عرض الجسر 39 متراً؛ وتسير فوقه السيارات بثلاث مسارات ذهاباً ومثلها إياباً، وقد بلغت تكلفته 21 مليون و774 ألف دولار.
ويعتبر الطريق المار من الجسر الأول عصب اسطنبول وشريانها النابض؛ وفي العام 2004، سجل الجسر مرور نحو 180 ألف مركبة يومياً بحسب معطيات حكومية، في حين منعت الحافلات والشاحنات والمركبات الثقيلة من العبور في العام 1991، فيما منع المشاة من العبور فوق الجسر في العام 1987.
كما يستضيف الجسر الأول سنوياً سباق الماراثون (الأوراسي) البالغ 42 كم، لتكون مرحلة عبور الجسر هي الأهم؛ إذ بدأ المارثون منذ العام 1979، ويشارك فيه سنوياً عشرات الآلاف من مختلف الجنسيات، أما عائدات الجسر فقد بلغت ما بين 2004 والعام 2013، ملياراً و449 مليون دولار.
الجسر الثاني (السلطان محمد الفاتح)
ومع ازدياد أعداد السيارات في اسطنبول وعدم كفاية الجسر الأول لتلبية حاجة التنقل بين شطري المدينة، ونظراً للازدحام الشديد، جاء إنشاء الجسر الثاني لمتطلبات النقل والتنمية، وبدأ العمل به في 4 كانون الثاني/يناير 1986. وقد صممه تحالف شركات أجنبية، ونفذته شركات عديدة من بينها شركات تركية ويابانية.
وافتتح الجسر في 3 تموز/يوليو من العام 1988، رئيس الوزراء آنذاك، تورغوت أوزال، بقيمة بلغت 125 مليون دولار؛ وتمر فوقه المركبات بأربع مسارات ذهاباً ومثلها أياباً.
ويبلغ طول الجسر 1510 متراً وعرضه 39 متراً، والمسافة بين البرجين 1090 متراً، فيما يرتفع الجسر عن سطح البحر 64 متراً؛ ويتميز الجسر بأنه معلق بزوج من الكوابل، وفي حال استدعت الضرورة استبدال أحدها، فالأمر سهل.
وقاد رئيس الوزراء أوزال بنفسه سيارته الرسمية في افتتاح الجسر لتكون أول سيارة تعبر الجسر الجديد، فيما يعد جسر السلطان محمد الفاتح في الوقت الحالي جزءً من طريق أنقرة (وسط)- أدرنة (غرب)، من ضمن الطريق الدولي الأوروبي السريع المعروف اختصار بـ TEM.
الجسر الثالث (السلطان ياووز سليم- سليم الأول)
جسر "السلطان ياووز سليم" (سليم الأول) هو الجسر المعلق الثالث الذي يصل بين شطري ولاية اسطنبول الأوروبي والآسيوي، ويعد أعرض جسر معلق في العالم إذ يبلغ عرضه 59 متراً، كما تعد أعمدته الأعلى في العالم بارتفاع 322 متراً، ويحتوي على عشرة مسارات، 8 منها للسيارات ومسارين للقطار السريع، ويرتفع عن سطح البحر 59 متراً.
ويفتتح الرئيس رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء بن علي يلدريم، بحضور عدد من ممثلي الدول الأجنبية، الجسر الذي يربط بين القارتين الأوروبية والأسيوية، عصر اليوم الجمعة، حيث سيوفر الجسر الذي شيده القطاع الخاص، خدمة مرور لقرابة 135 ألف سيارة يومياً، وقد بدأت أعمال الإنشاءات فيه بتاريخ 29 أيار/مايو 2013.
ويُعرف جسر السلطان سليم أيضا، بأنه أطول جسر معلق مدعم بمسارات للسكك الحديدية في العالم، حيث يبلغ طوله 2164 متراً، والمسافة بين البرجين 1408م، ويعول الأتراك خاصة في مدينة اسطنبول على الجسر كثيراً للمساهمة في حل أزمة التكدس المروري الذي تعاني منه المدينة، فضلاً عن تخفيف الكثافة على الجسرين الآخرين.
وحتى 2 يناير/كانون ثان 2017، سيكون العبور من الجانب الأسيوي في اسطنبول إلى الجانب الأوروبي فقط بالمجان، بينما سيتكلف 9.9 ليرة تركية (قرابة 3.3 دولار أمريكي) عند الانتقال من الجانب الأوروبي إلى الأسيوي. ومن المتوقع أن يسهم الجسر الذي بلغت تكلفة تشييده 3 مليارات دولار أمريكي، بشكل فعال في تقليل نسبة تلوث الهواء ومشكلات بيئية أخرى ناجمة عن الاختناقات المرورية كانت تعاني منها مناطق التكدس المروري المحيطة بالجسرين الآخرين، كما يبلغ الجسر مع الطرقات السريعة التي يربطها 215 كيلومترا.
وفي نفس الإطار، قال وزير المواصلات والنقل التركي أحمد أرسلان، الأسبوع الماضي، أنه "يجري العمل على إجبار المركبات الثقيلة على استخدام الجسر الثالث الجديد فقط، بالرغم من أن الطريق سيصبح أطول إلا أنه سيوفر في الوقت والطاقة المهدورة، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على المواطنين والشركات".وخلال جولة تفقدية له قبل الافتتاح، أفاد أن "الازدحام المروري في اسطنبول يتسبب بهدر مليار و785 مليون دولار، هي عبارة عن طاقة مهدورة بقيمة مليار و450 مليون دولار، وقوة عمل بقيمة 335 مليون دولار".