استمتع الباريسيون أمس الأحد، ومن كان له حظ التواجد في باريس بشمس دافئة وبشوراع خالية من السيارات... بل هو شارع واحد. إنها جادة الشانزيليزيه.
فقد عادت جادة الشانزيليزيه، أمس الأحد، إلى الهدف الذي أراده لها لويس الرابع عشر، ألا هو أن تكون مكاناً للنزها، حيث قررت بلدية باريس وقف حركة المرور في الشارع المشهور وجعله مفتوحاً فقط للمشاة وراكبي الدراجات الهوائية، في أول أحد من كل شهر.
وتقول آن ايغالدو رئيسة بلدية باريس التي تسعى منذ انتخابها إلى تقليص حركة السير في العاصمة: "هذه أجمل جادة في العالم، وعلينا أن نجعلها أكثر جمالاً".
وتضيف في حديث لوكالة فرانس برس: "حين نمشي في الجادة من دون السيارات وزحامها، نراها في حلة مختلفة". وإذا كانت الجادة تجذب السياج الأجانب بكثرة، لكننا في البلدية نرغب في جعلها أيضاً مقصداً لسكان باريس ومكاناً يشعرون أنه لهم. ولذلك، ستقفل الجادة في أول يوم أحد من كل شهر من الساعة الثانية عشرة ظهراً حتى الثامنة مساء أمام حركة السيارات، على أن يمدد هذا الوقت ليغطي اليوم كله لاحقاً".
وتأتي هذه المبادرة في سياق سعي السلطات المحلية في العاصمة الفرنسية للحد من زحمة السير وحظر المركبات المسببة للتلوث فيها.
وللعاصمة الفرنسية تجارب سابقة في حجب أحياء باريس عن السيارات في مبادرات مثل "يوم من دون سيارات" أو "باريس تتنفس"؛ والذي شهد انخفاضاً في نسبة أكسيد الآزوت بين 20 % و40 % في ذلك اليوم وفق قراءات مقياس نقاوة الهواء في العاصمة.
تم شق جادة الشانزيليزيه في العام 1670، على يد أندريه لو نوتر مهندس الحدائق لدى الملك لويس الرابع عشر، لتكون مكاناً لنزهات الباريسيين. وقد أصبحت من أشهر جادات العالم إذ يقصدها يومياً حوالي 300 ألف شخص. تقام كبرى الاحتفالات الباريسية في هذه الجادة، من الاحتفالات بنتائج كأس العالم لكرة القدم إلى الاستعراضات العسكرية بمناسبة العيد الوطني الفرنسي في الرابع عشر من تموز/يوليو وطبعاً احتفالات رأس السنة. علاوة على كبرى المحال لأشهر الماركات العالمية، تجذب الجادة الزوار والمتنزهين بمواقعها الثقافية والترفيهية ومطاعمها وصالات السينما وصالات العرض الفنية، وبحسب إحصائية فإن نسبة من يقصدونها للتسوق لا تزيد عن 23 %.
هذا وتدرس السلطات المحلية مشروع أن تصبح الجادة يوماً ما خالية تماماً وبشكل دائم من حركة السيارات، أو على الأقل أن تصبح حركة المركبات فيها حكراً على مركبات النقل العام، الأمر الذي سيخفض بشكل كبير زحمة السير وطغيان حركة السيارات على حركة المشاة.
وقد بدأت تظاهرة "يوم بدون سيارات" تنتشر في أوروبا لما فيها من متعة واستجمام لسكان المدن الكبرى، أما عربياً فالسبق كان للجزائر حيث أطلقت أمانة العاصمة الجزائرية، يوم 8 أيار/ماي "يوم بدون سيارات في العاصمة" منذ ثمان سنوات.