احتفالاً برأس السنة الهجرية، انطلق آلاف الصوفيين من عدة محافظات مصرية وجنسيات عدة، مساء أمس الأحد، في مواكب من مسجد سيدي صالح الجعفري بمنطقة الدرّاسة، مروراً بشارع الأزهر الشريف، وصولاً إلى مسجد الحسين (القاهرة الإسلامية).
فقد شهدت منطقة الحسين (وسط العاصمة)، تجمعاً كبيراً للطرق والجماعات الصوفية، من بينها "الحامدية الشاذلية والعزمية والدسوقية والرفاعية والسادة البيومية"، وسط انتشار أمني مكثف.
وشهد ميدان الحسين زحاماً عقب توافد المسيرات الصوفية إلى المكان، كما احتشد المئات أمام ضريح الإمام الحسين بغرض الزيارة، فيما حملت الطرق الصوفية في الموكب لافتات عليها أسماء كل طريقة، ولافتات تمدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وبالدف والرق، ردد الصوفيون أناشيد "طلع البدر علينا" وتواشيح الصلاة على النبي، وسط رقصات يتميزون بها دون غيرهم.
وفي بيان لها، قالت دار الإفتاء المصرية بمناسبة هجرة النبي محمد من مكة إلى المدينة المنورة، في حكم المواكب احتفالاً بذكرى هجرة النبي أو مولده، أن "الاحتفال بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم أمر مقطوع بمشروعيته؛ لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى"، مشيرة إلى "احتفالات السلف الصالح منذ القرنين الرابع والخامس الهجريين بمولد الرسول، بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح".
وتم اتخاذ الهجرة النبوية بداية للتقويم الهجري، بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب بعد استشارته بقية الصحابة في زمن خلافته، واستمرت هجرة من يدخل في الإسلام إلى المدينة المنورة حيث كانت الهجرة إلى المدينة واجبة على المسلمين، ونزلت الكثير من الآيات تحث المسلمين على الهجرة، حتى فتح مكة عام 8 هـ.
ويمثل الاحتفال بذكرى هجرة النبي، مناسبة وقيمة دينية واجتماعية ترتبط بعادات وتقاليد الكثير من المصريين، مثلها مثل مولده ومولد آل بيته وأصحابه.
ويتمسك المصريون بالصورة العامة للاحتفال التي رصدها المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي، في تأريخه للحملة الفرنسية على مصر (من 1798م إلى 1801).
ويقول الجبرتي أن "المصريين أجبروا الاستعمار الفرنسي على مشاركتهم الاحتفال، إذ استشعر نابليون بونابرت أن من أهم أبواب الدخول إلى قلب هذا الشعب الاحتفال معهم بمثل هذه المناسبة".
وذكر أن "بونابرت أرسل أموالاً للاحتفال قدرها 300 ريال فرنسي، إلى منزل الشيخ البكري (نقيب الأشراف فى مصر) في حي الأزبكية وأرسلت الطبول الضخمة والقناديل، وفى الليل أقيمت الألعاب النارية احتفالاً بمولد النبي؛ وعاود نابليون الاحتفال به في العام التالي، من أجل استمالة قلوب المصريين إلى الحملة الفرنسية وقادتها".