شدد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، على أن المسلمين الذين يعيشون في أوروبا يريدون رؤية وقوف العالم الإسلامي خلفهم بقوة في ظل تصاعد الإسلاموفوبيا.
جاء ذلك خلال تصريحات للصحفيين، السبت، في "البيت التركي" بمدينة نيويورك الأمريكية التي زارها للمشاركة في الدورة 78 للجمعية العام للأمم المتحدة.
مكافحة الإسلاموفوبيا
وأكد فيدان تنامي العنصرية وكراهية الأجانب في البلدان الأوروبية إلى مستويات غير مسبوقة منذ مدة طويلة.
ولفت إلى أن "الاعتداءات الدنيئة على كتابنا المقدس القرآن الكريم، والأعمال المعادية للإسلام، أصبحت مثل الوباء في أوروبا".
وأوضح فيدان أن الخطوات الواجب اتخاذها في مكافحة الإسلاموفوبيا مطروحة على جدول أعمال الاجتماعات لدى منظمة التعاون الإسلامي.
وأشار إلى صدور بيان مشترك في المنظمة بشأن التصدي للظلم في العالم، وأن قضية فلسطين على رأس القضايا في هذا الصدد.
وشدد على أن المسلمين الذين يعيشون في أوروبا يشعرون بالقلق بسبب الأعمال المناهضة للإسلام وخطاب الكراهية والتمييز.
وذكر وزير الخارجية التركي أن مسلمي أوروبا يريدون أن يروا العالم الإسلامي يقف خلفهم بكل قوة.
وأكد أن تركيا تؤدي دورا رائدا وفعالا في مكافحة هذا الوضع.
وقال إن القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة ومجموعة العشرين بشأن إدانة الاعتداءات على الكتب المقدسة، فضلا عن قرار السويد والدنمارك تغيير التشريعات، أظهرت أن العالم الإسلامي قادر على تحقيق النتائج عندما تتحرك دوله بطريقة مشتركة.
إحلال السلام
من جهة أخرى، أكد فيدان أن قلب الدبلوماسية نبض في نيويورك خلال فترة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن تركيا تربعت على مركز هذا الحراك الدبلوماسي.
ولفت إلى أن "البيت التركي" الواقع مقابل مقر الأمم المتحدة، تحول إلى مكان تتجسد فيه المرحلة المتقدمة التي وصلت إليها السياسة الخارجية التركية حاليا، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.
وأشاد بالدور الفعال الذي تمارسه تركيا في قضايا "السلام والرخاء والتقدم والاستدامة للجميع" وهي شعار الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوضح أن تركيا اليوم تقوم بدور الوساطة من أجل السلام، وخاصة في الحرب الأوكرانية، وتحول دون حدوث أزمة غذاء، وتبذل جهودا متعددة الطبقات والشركاء من أجل مبادرة شحن الحبوب في البحر الأسود، وتطور نماذج للتعاون الاقتصادي والسياسي الإقليمي، وتحشد كل الوسائل لحل مشكلة الظلم وعدم المساواة العالمية.
وقال فيدان إنه عقد وحضر العديد من الاجتماعات ذات الأهمية الاستراتيجية في نيويورك، بشأن قضايا مختلفة مثل أوكرانيا وقره باغ وسوريا وتغير المناخ.
وكشف أن المحادثات تركزت على القضايا ذات الصلة الوثيقة بالسلام والأمن في المنطقة، وخاصة التطورات المتعلقة بالحرب الروسية ـ الأوكرانية.
قره باغ
وبخصوص العملية التي أطلقتها باكو ضد الإرهاب في "قره باغ" يوم 19 سبتمبر/ أيلول الجاري، قال فيدان إن تركيا تقف دائما إلى جانب أذربيجان في قضيتها المحقة.
وشدد على أن عملية قره باغ الأخيرة "فتحت نافذة فرص جديدة من أجل الاستقرار والتطبيع في جنوب القوقاز".
وأضاف: "نعتقد أنه ينبغي لأرمينيا أن تستغل بشكل أفضل هذه الفرصة السانحة قبل فوات الأوان".
وتابع فيدان: "سنواصل العمل بكل قوتنا لضمان أن يسود السلام والاستقرار والرخاء في المناطق المجاورة".
سوريا
وفيما يتعلق بالملف السوري، قال فيدان إن الملف السوري لا يزال يحافظ على مكانه في الأجندة الدولية، مشيرا إلى استمرار الأزمة التي تنتج الإضرابات في هذا البلد.
وأوضح أنه عقد في هذا الإطار اجتماعا مع نظيريه الروسي سيرغي لافروف، والإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ضمن مسار أستانة لمناقشة الوضع في سوريا.
ولفت إلى أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، شارك أيضًا في الاجتماع الذي تناول قضايا مواصلة المساعدات الإنسانية وإحياء العملية السياسية وانتهاك وقف إطلاق النار والمشاكل الأمنية التي تحدثها التنظيمات الإرهابية، لا سيما "بي كي كي" و"داعش".
وشدد على أن تركيا لن تترك أبدا أي مجال أو أرضية لجميع التنظيمات الإرهابية، بما في ذلك "بي كي كي/ واي بي جي" و"داعش"، وللدوائر التي تصنع مخططات إمبريالية في منطقتنا من خلال هذه الأدوات.
إصلاح الأمم المتحدة
ورداً على سؤال عن إصلاح مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، أشار فيدان إلى أن تركيا بقيادة رئيسها أردوغان تؤكد هذا الأمر منذ وقت طويل.
وقال إن الحقيقة التي كانت قائمة لفترة طويلة تحولت اليوم إلى خطاب، وإن تركيا تأمل تحول هذا الخطاب إلى سياسة يتم انتهاجها بالفعل.
وشدد على ضرورة إجراء نقاشات سليمة للغاية من أجل تحويل هذا الخطاب المقبول من طرف جميع الدول إلى سياسة.
مبادرة الحبوب
وفيما يتعلق بمبادرة شحن الحبوب عبر البحر الأسود، قال فيدان إن تركيا تقود حراكا دبلوماسيا مكثفا من أجل إعادة إحياء الاتفاقية.
وأكد أن الجانبين الروسي والأوكراني ينظران إلى اتفاقية الحبوب المحتملة كجزء من الجهود والأنشطة الحربية العامة أكثر من كونها إطارا يساهم في الأمن الغذائي العالمي، وبطبيعة الحال، هذه المسألة زادت من صعوبة مهمة تركيا في الفترة الأخيرة.
وخلال مراسم أقيمت بإسطنبول في 22 يوليو/ تموز 2022، وقعت الأمم المتحدة وروسيا وتركيا وأوكرانيا اتفاقية ممر الحبوب في البحر الأسود بهدف الحد من تأثير الحرب الأوكرانية الروسية على أسعار المواد الغذائية العالمية.
وقال متحدث الكرملين ديمتري بيسكوف، في 17 يوليو الماضي: "لقد انتهت بالفعل اتفاقية ممر الحبوب، وتم إيقافها. ستعود روسيا فورا إلى الاتفاقية بمجرد تنفيذ شروطها، فلم يتم الوفاء بالقسم المتعلق بروسيا في الاتفاقية".
العلاقات التركية ـ اليونانية
وفي تعليقه على المحادثات بين أنقرة وأثينا على مستوى القادة، أشار فيدان إلى أن الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، يركزان على أجندة الأعمال الإيجابية في العلاقات الثنائية.
وقال فيدان إن هناك إرادة لحل المشاكل بين تركيا واليونان على أساس الاحترام المتبادل وحسن النية.
وأكد الرئيس أردوغان وميتسوتاكيس، خلال لقائهما في مدينة نيويورك، الأربعاء الماضي، "المناخ الإيجابي" القائم في العلاقات بين بلديهما وعزمهما على حمايته.