جولة أردوغان في الخليج لتنويع العلاقات وتطويرها لفترة جديدة

ديلارا أصلان أوزير
أنقرة
نشر في 17.07.2023 14:18
آخر تحديث في 17.07.2023 14:24
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يلتقي بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل حفل افتتاح كأس العالم، الدوحة، قطر، 20-11-2022. صورة: الأناضول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يلتقي بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل حفل افتتاح كأس العالم، الدوحة، قطر، 20-11-2022. (صورة: الأناضول)

تشير زيارة الرئيس التركي أردوغان إلى السعودية وقطر والإمارات إلى تعزيز العلاقات مع دول الخليج والقدرة على فتح الباب أمام مجالات متنوعة من التعاون وكذلك شراكات أمنية ودبلوماسية جديدة.

قال خبراء إن جولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المرتقبة إلى الخليج، التي تشمل السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، ستمكن من تنويع مجالات التعاون ورفع مستوى العلاقات في الفترة المقبلة.

ويستهل أردوغان جولته في الخليج، الاثنين، بزيارة المملكة العربية السعودية، حيث يلتقي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وقال د.علي باكير، أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر والزميل الأول غير المقيم في "مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط" التابعة للمجالس الأطلسية، لصحيفة "ديلي صباح": "لا يمكن أن يكون توقيت الزيارة أفضل من هذا الوقت، بالنظر إلى أن الرئيس أردوغان انتخب لولاية رئاسية جديد لمدة خمس سنوات أخرى، ولأن الدول الخليجية تتطلع إلى زيادة تنويع علاقاتها الاقتصادية والأمنية وتعزيز الشراكات الإقليمية والدولية".

وتأتي الجولة، التي تستغرق ثلاثة أيام، بعد إعادة انتخاب أردوغان لولاية رئاسية جدية أواخر مايو/ أيار الماضي، ولأجل البناء على الجهود الدبلوماسية التي تبذلها أنقرة، منذ عام 2021، لتطبيع العلاقات مع السعودية والإمارات، وكذلك ستسعى إلى توسيع وتعزيز شراكتها القوية مع قطر.

وستتناول الجولة العلاقات الثنائية والقضايا العالمية والإقليمية ومجالات التعاون الممكنة خاصة في مجالات الاقتصاد والاستثمار.

ومن المتوقع أن يتوجه أردوغان إلى الدوحة، الثلاثاء، لإجراء محادثات مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

فيما ستكون المحطة الأخيرة للرئيس أردغاون، الأربعاء، في الإمارات العربية المتحدة، ومن المقرر أن يلتقي رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أبوظبي.

وأضاف باكير: "يتمتع الطرفان بإمكانيات كبيرة للبناء على العلاقات الحالية وتوسيع علاقاتهما في عدة مجالات، لا سيما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والإنشاءات والمقاولات والأمن والدفاع وغيرها".

وأردف: "تعتبر تركيا الخيار الأول والطبيعي على المستوى الإقليمي، وأعتقد أن الزيارة سترتقي بالعلاقة بين تركيا ودول الخليج إلى مستوى جديد في فترة ما بعد التطبيع".

وقال مصطفى يتيم، الأكاديمي في جامعة "إسكي شهير عثمان غازي" والخبير بالشؤون الخليجية في مركز دراسات الشرق الأوسط (ORSAM): إن "الزيارة تؤكد أن التركيز الاقتصادي لتركيا في الفترة الجديدة لن يتم متابعته فقط من خلال مجلس الوزراء الجديد ولكن أيضاً من خلال السياسة الخارجية، مضيفاً: "الاجتماعات السابقة وشبكات العلاقات مع الخليج تؤكد ذلك".

وقال مسؤولون أتراك إنهم يتوقعون استثمارات جديدة من دول الخليج بعد فترة وجيزة من الزيارة التي أجراها نائب الرئيس جودت يلماز ووزير الخزانة والمالية محمد شيمشك إلى الإمارات العربية المتحدة وقطر، قبل جولة أردوغان، حيث أجريا محادثات مع كبار المسؤولين ونظرائهم.

وكذلك زار كل من شيمشك وحفيظة غاية أركان، الحاكم الجديد للبنك المركزي التركي، الأسبوع الماضي المملكة العربية السعودية والتقوا المسؤولين والمستثمرين السعوديين.

كما يمكن أن يؤدي التعاون التركي العربي الأكبر إلى توحيد الجهود المشتركة في مواجهة التحديات العالمية والإقليمية المتصاعدة بما في ذلك الوضع في سوريا، والتطورات في السودان وليبيا والعراق، فضلاً عن أزمة الحبوب.

وأضاف يتيم: "إمكانات تركيا العسكرية، والمبادرات في مناطق مثل ليبيا وأذربيجان وأرمينيا والعراق وسوريا معروفة جيداً، وتسعى دول الخليج، التي دخلت فترة تحول اقتصادي وسياسي واجتماعي، إلى شركاء إقليميين وعالميين بديلين من أجل تعزيز أمنها".

وأكد أن "قطر كانت أول من بادر بذلك، في حين أن السيناريوهات المماثلة ممكنة الآن مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية".

وأردف يتيم: "نحن نشهد انفراجاً في المنطقة، فضلاً عن فترة تطبيع متعددة الأوجه بين دول مركزية مثل إيران وتركيا ومصر والمملكة العربية السعودية، ولهذا السبب تسعى الدول إلى تعزيز مواقفها بالإضافة إلى بناء شراكات جديدة، بينما تركز الجهات الفاعلة مثل إيران وتركيا ومصر أيضاً بشكل متزايد على الاهتمامات الاقتصادية"، مؤكداً أنه "من وجهة نظر دول الخليج، فإن الأجيال الجديدة تجمع اهتمامات جديدة".

وأشار إلى أن" هذه البلدان تهدف إلى ترك إرث يتم فيه حل المسائل المتعلقة بالأمن الغذائي والتوظيف وأمن الطاقة بالإضافة إلى أمن النظام"، مضيفاً: "نحن نرى أن دول الخليج متفقة على حقيقة أن تركيا يمكن أن تكون شريكاً نشطاً ومؤثراً في مجالات الغذاء والدفاع والأمن إضافة إلى أمور أخرى، هذا هو السبب في أننا قد نشهد توسعاً في العلاقات مع هذه الدول، بالإضافة إلى بناء شراكات جديدة بين تركيا ومجلس التعاون الخليجي وتنويع التعاون الدفاعي والعسكري".

وقال وزير الطاقة ألب أرسلان بيرقدار لصحيفة "ديلي صباح" مؤخراً: إن "التعاون في مجال الطاقة سيكون أحد أبرز البنود على جداول الأعمال الرئيسية للزيارة، حيث تهدف أنقرة إلى التعاون في مجال الطاقة مع الدول الخليجية الغنية بالنفط".

وشدد يتيم على أن "العالم يواجه مشكلة طاقة، لذلك، وبالنظر إلى الدور الحيوي الذي تلعبه هذه الدول الثلاث في سوق الطاقة العالمي فيما يتعلق بالنفط والغاز، فقد أولت أنقرة تركيزاً خاصاً على العلاقات مع الخليج".

الإمكانات الاقتصادية

وصرح وزير التجارة عمر بولات، الأسبوع الماضي، إن "الإمارات يمكن أن تستثمر ما يصل إلى 30 مليار دولار (787.52 مليار ليرة تركية) في مجالات متعددة".

وقال اثنان من كبار المسؤولين الأتراك، لوكالة رويترز في وقت سابق من هذا الشهر: إن "تركيا تتوقع أن تقوم دول الخليج باستثمارات مباشرة بنحو 10 مليارات دولار في البداية في الأصول المحلية كجزء من جولة أردوغان".

وذكرت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها نظراً لأن المحادثات خاصة ولم يتم الانتهاء من الصفقات بعد، أنه "من المتوقع أن تصل الاستثمارات الإجمالية في تركيا إلى 30 مليار دولار على المدى البعيد، في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والدفاع".

وسيرافق أردوغان أكثر من 200 رجل أعمال في جولته إلى الخليج هذا الأسبوع، وفقاً لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي (DEIK)، الذي سينظم منتديات أعمال موسعة في البلدان الثلاثة.

ويتوقع قطاع الأعمال مناقشة اتفاقيات تعاون بقيمة مليارات الدولارات في قطاعات مثل البناء والإسكان والتقنيات الرقمية والطاقة والسياحة والرعاية الصحية والغذاء والزراعة والنقل والتمويل، حسبما قال رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي نايل أولباك، السبت الماضي.

وبلغت صادرات تركيا إلى المملكة العربية السعودية 1.5 مليار دولار في نهاية عام 2022 الماضي، بإجمالي حجم تبادل تجاري يقارب 6 مليارات دولار، وأكد أولباك أن "الهدف هو الوصول إلى 10 مليارات دولار على المدى القصير و30 مليار دولار على المدى الطويل".

وعلى صعيد قطر، بلغت الصادرات 1.5 مليار دولار نهاية العام الماضي، فيما بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري الحالي حوالي 2.2 مليار دولار، وشدد أولباك على أن "الهدف هو الوصول إلى 5 مليارات دولار في المرحلة الأولى".

وفيما يتعلق بالإمارات، قال أولباك إن "الصادرات بلغت 5.3 مليار دولار في عام 2022، بإجمالي حجم تبادل تجاري يقارب 10 مليارات دولار"، مؤكداً أن" الهدف هو رفع هذه الأرقام بسرعة أكبر".