تطور العلاقات التركية المصرية وزيارة السيسي المرتقبة للبلاد

أعلام تركيا ومصر ( Shutterstock)

تستند العلاقات عميقة الجذور التي تجمع تركيا ومصر، البلدان المهمان في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، إلى ميراث كبير من التاريخ والثقافة والتعاون البنّاء، منذ أقدم معاهدة في تاريخ الإنسانية التي جمعت الدولة الحثيّة في الأناضول والفرعونية بمصر قبل الميلاد، مروراً بالعصر العثماني بمصر الذي امتد بين 1517-1805 ومقابر الشهداء الأتراك في القاهرة، والنصب التذكاري الذي يحمل أسماء 4500 شهيد من الضباط والجنود الأتراك الذين ارتقوا دفاعاً عن فلسطين خلال الحرب العالمية الأولى، وما أعقب ذلك من زيارات وأنشطة دبلوماسية استمرت حتى في فترات الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ومصر بشكل متبادل على مستوى القائم بالأعمال، حيث تم عقد اجتماعات قصيرة بين وزيري خارجية البلدين في مناسبات مختلفة، وواصلت سفارة مصر في أنقرة وقنصليتها في إسطنبول وسفارة تركيا في القاهرة وقنصليتها بالإسكندرية أنشطتها دون انقطاع، وصولاً إلى قمة تاريخية جمعت بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، على هامش مونديال قطر أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وما تلى ذلك من إعلان تركيا ومصر الأسبوع الماضي في بيان مشترك صادر عن وزارتي خارجية البلدين، رفع علاقاتهما الدبلوماسية إلى مستوى السفراء والإعلان عن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتركيا في 27 من يوليو/تموز الجاري.

من المرجح أن تغير العلاقة المتجددة بين أكبر قوتين عسكريتين في شرق البحر المتوسط، الديناميكيات الجيوسياسية في المنطقة ويمكن أن تحل المشاكل الرئيسية المتعثرة.

كما يُتوقع أن تؤثر العلاقات الجديدة بين البلدين على الأزمات المستمرة في مناطق مثل ليبيا والسودان والنزاع البحري شرق البحر المتوسط.

وهناك مجموعة من العوامل التاريخية والدينية والسياسية والاقتصادية تقف وراء التقارب الجديد وزيادة الروابط بين تركيا ومصر منها على سبيل المثال لا الحصر، المشاكل الداخلية الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها كلا البلدين والتي دفعتهما إلى تخفيف حدة التوتر والانفتاح على الحوار والمصالح المشتركة. كما أن كلاهما يحتاج لاستقدام الاستثمارات الخارجية خصوصاً من دول الخليج مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، إذ لا تتمتع تركيا ولا مصر بالقوة الاقتصادية لتحمل العزلة السياسية بمفردهما.

كما أن خفض التصعيد الإقليمي، خلق مناخاً إيجابياً جديداً لإصلاح العلاقات الثنائية بين القاهرة وأنقرة، بما في ذلك استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وإعادة التواصل مع نظام الأسد من بعض القوى الإقليمية، وحل الخلاف الدبلوماسي بين قطر وجيرانها في مجلس التعاون الخليجي وغيرها من التطورات الإقليمية.

لذلك بادرت تركيا بالفعل لاتخاذ بعض الإجراءات التي ساعدت على زيادة التقارب التركي المصري خلال العامين الماضيين مثل إغلاق قناة مكملين الفضائية الذي ساعد في تخفيف حدة التوتر وبناء الثقة مع القاهرة.

فما الذي يمكن أن تحققه تركيا ومصر كحليفين؟

على المستوى الثنائي، تمتلك تركيا ومصر دوافع وأسباب للعمل معاً بشكل مباشر، فمصر هي الشريك الاقتصادي الأول لتركيا وفي الوقت نفسه تعد مصر واحدة من الأسواق الدولية الرئيسية لتركيا.

وهذا يعني أن كلا البلدين لديهما مصالح مشتركة لإعادة إطلاق الحوار وإيجاد مسارات دبلوماسية من أجل تلبية الاحتياجات الاقتصادية.

من الناحية الجيوسياسية، قد تحتاج تركيا إلى دعم مصر لحل أزمة شرق البحر المتوسط، مع ازدياد علاقة تركيا مع جارتها اللدودة اليونان توتراً بسبب الحدود البحرية.

وتعتبر البيئة المتغيرة شرق البحر المتوسط والتي تضم قبرص اليونانية واليونان مع إسرائيل ومصر، عائقاً لتركيا في شرق البحر المتوسط، ومن المتوقع أن يدفع التقارب الأخير مصر للانحياز إلى تركيا في ذلك النزاع أو أن تبقى محايدة على الأقل.

وتتمثل إحدى قضايا الخلاف الرئيسية التي مزقت تركيا ومصر أكثر في دعمهما للفصائل المتنافسة في ليبيا، حيث تدعم مصر خليفة حفتر في الشرق وتدعم تركيا الحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس.

وسيكون التقارب جيداً لاستقرار ليبيا لأن تركيا ومصر هما القوتان العسكريتان الرئيسيتان الموجودتان غرب البلاد وشرقها على التوالي.

وقد أعلن وزير الخارجية التركي السابق مولود تشاوش أوغلو أن أنقرة والقاهرة ستتعاونان بشكل أوثق في الشأن الليبي، فيما أكد وزيرا خارجية مصر وتركيا أن لديهما رغبة مشتركة في إجراء انتخابات في ليبيا وكسر الجمود، مع احتمالية تشكل آلية لحل النزاعات المستمرة ليس في ليبيا فحسب بل قد تكون تركيا ومصر قادرتين على تكرار هذا النموذج في مناطق أخرى، مثل السودان أو شرق البحر الأبيض المتوسط.

الزيارة المرتقبة للرئيس السيسي لتركيا

بعد تعيينه سفيراً لتركيا في مصر قال صالح موطلو شن، إن تبادل السفراء مجدداً بين أنقرة والقاهرة "نقطة تحول مهمة لشعبي البلدين اللذين يمتلكان تاريخاً مشتركاً لأكثر من ألف سنة" مشدداً أن الوقت حان للم شمل شعبي البلدين في هذه المرحلة الجديدة بعد فراق دام 10 سنوات.

وتطرق موطلو شن في حديثه إلى القمة المرتقبة بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والمصري عبد الفتاح السيسي، مؤكداً أن عقدها قد تقرر فعلا.

واستطرد: "تعيين السفراء كان خطوة دبلوماسية وبروتوكولية مهمة بالنسبة لاجتماع الزعيمين، لذلك فإن عقد قمة أو اجتماع أو زيارة تم إقرارها مسألة وقت وإعداد لا غير".

واليوم، أعلنت مصادر تركية أن الرئيس رجب طيب أردوغان سيستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي في البلاد يوم 27 يوليو/تموز الجاري، في زيارة هي الأولى له منذ توليه السلطة عام 2013، حيث يتوقع أن تقام له مراسم تكريمية على أوسع نطاق تعكس أهمية الزيارة وما سينتج عنها من قرارات تعمق العلاقات الثنائية أكثر بين البلدين الصديقين.

كما يتوقع أن يرافق الرئيس السيسي وفد رفيع المستوى يضم عدداً من وزراء مصر وقياداتها العسكرية، لبحث شؤون التعاون المشترك وتوقيع الاتفاقيات المنتظرة التي ستساهم في تعزيز التعاون في مجالات عديدة كالاقتصاد والتعليم والزراعة وغيرها.

Bu web sitesinde çerezler kullanılmaktadır.

İnternet sitemizin düzgün çalışması, kişiselleştirilmiş reklam deneyimi, internet sitemizi optimize edebilmemiz, ziyaret tercihlerinizi hatırlayabilmemiz için veri politikasındaki amaçlarla sınırlı ve mevzuata uygun şekilde çerez konumlandırmaktayız.

"Tamam" ı tıklayarak, çerezlerin yerleştirilmesine izin vermektesiniz.