هل وقعت رويترز في فخ التضليل الإعلامي أم مجرد سعي لتشويه صورة تركيا

وكالة الأناضول للأنباء
إسطنبول
نشر في 28.06.2023 11:50
هل وقعت رويترز في فخ التضليل الإعلامي أم مجرد سعي لتشويه صورة تركيا

لم تتغير طريقة تغطية وسائل الإعلام الدولية لأخبار تركيا ولشؤونها السياسية على مدى السنوات الماضية، ما يثير العديد من التساؤلات حول أخلاقيات الصحافة والحياد والمهنية.

أما الادعاءات الكاذبة التي نشرتها مؤخراً وكالة رويترز التي تحدثت عن مزاعم لا أساس لها تفيد بأن سلطات مكافحة الفساد في الولايات المتحدة والسويد تراجع شكوى تدعي أن شركة سويدية تابعة لمؤسسة أمريكية، وعدت بدفع عشرات ملايين الدولارات رشى وعمولات إذا ما ساعدها نجل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تأمين مركز بارز لها في السوق التركي.

وتستند قصة رويترز بالأصل إلى ادعاء من شخص أطلق عليه الكاتب تسمية شخص مطلع على الأمر، وهو أسلوب صحفي عير موثوق ويفتقد الدقة.

الواقع أن الأسلوب الذي اعتمدته رويترز محير ومثير للسخرية ومتناقض لدرجة أنه يصعب على المرء تقبله، فقد ذكرت صراحة وبشكل استفزازي أنها لم تتثبت من صحة الادعاءات التي استندت إليها القصة بكاملها.

وهنا، يصبح السؤال كيف تهدد وكالة إعلامية دولية عمرها 171 عاما سمعتها ومصداقيتها؟.

ومن الأخطاء الأخلاقية والهيكلية التي ارتكبتها رويترز الافتقار إلى عمليات التحقق من المعلومات، ما يجعل المراسلين أهدافا سهلة للمحتالين وغيرهم ممن يسعون إلى الانتشار أو صبغ تصريحاتهم بالمصداقية، من خلال حث الصحافة على تداول ادعاءاتهم ومحتواهم.

وفي تركيا، يشتهر تنظيم غولن الإرهابي بمثل هذه الأساليب.

وفي الآونة الأخيرة، ألقت ألمانيا القبض على صحفيين تركيين يعملان في صحيفة صباح التركية بناء على شكوى قدمها أعضاء في التنظيم، لكن تم إطلاق سراح المراسلين، بعد أن اتضح أن غولن كان يحاول فقط تشويه سمعة المنصة الإخبارية.

لذلك، من الصعب الحديث عن الصدفة أو البراءة أو الحياد في قصة رويترز، ومن المثير للاهتمام أيضا أن قصة الوكالة العالمية تأتي في وقت حساس في العلاقات الثنائية بين أنقرة وستوكهولم.

وتعارض تركيا محاولة السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ناتو، متهمة الدولة الاسكندنافية بتوفير ملاذ للإرهابيين المزعومين، وتؤكد أن طلب العضوية الخاص بها سيتم تأجيله حتى تتخذ السويد تدابير ملموسة لدعم معركة تركيا ضد تنظيم بي كي كي وتوافق على تسليم المشتبه بهم سريعا.

كما أن توقيت تقرير رويترز ليس مجرد صدفة، لأنه يأتي قبل أيام فقط من انعقاد قمة الناتو في ليتوانيا، ما يثير تساؤلات عن اللاعبين الرئيسيين في القصة: الشركات الأمريكية والسويدية والشخص المطلع على الأمر.

** سيناريو خيالي

وبالعودة إلى القصة التي نشرتها رويترز، وقد يبدو الأمر سخيفا بعض الشيء بالنسبة لوكالة أنباء راسخة، فهي لم تتمكن من التحقق بشكل مستقل مما إذا كان الرئيس أردوغان وابنه بلال على علم أو متورطين في مخطط الرشوة المزعومة.

وهذا يجعل القصة أكثر من مجرد سيناريو خيالي، يعتمد على ادعاءات شخص واحد وبعض مذكرات الشركة الداخلية ورسائل البريد الإلكتروني.

وبشكل عام، وانطلاقا من المبادئ والأخلاقيات، عندما ينوي منفذ إخباري نشر البيانات، يجب أن يستهل الأمر بجهود حثيثة للتحقق من سلامة البيانات ومن صحتها، واستكشاف طرق لتصحيح أي أخطاء.

لذلك لا توجد قصة صحفية عادلة إذا استبعدت أو أغفلت حقائق ذات أهمية كبرى، ولا يمكن أن تكون عادلة إذا كانت تضلل القارئ أو تخدعه.

وفي تقرير رويترز، اتضح في النهاية أنه لم يتم دفع أي رشى أو عمولات، وأن الشركة السويدية تخلت فجأة عن المشروع أواخر العام الماضي، وهو ما ينسف مقدمة القصة بكاملها وكافة ادعاءاتها.

** أكاذيب وتشهير

وتنتشر الأكاذيب بشكل أسرع وأبعد بكثير من الحقائق، وتلعب المؤسسات الإخبارية دورا قويا في تحقيق ذلك بتخاذلها في التحقق من المحتوى والتدقيق فيه.

وتهدف قصة رويترز على ما يبدو وبشكل لا لبس فيه، إلى التشهير بالرئيس أردوغان ونجله، بغض النظر عن كل الأدلة القوية التي تدحض وتفضح الادعاءات التي لا أساس لها.