تصدعات في صفوف المعارضة التركية تثير فوضى وسط الفوضى

ميرال أكشنر ومنصور يافاش يزوران المكتب الانتخابي المشترك لحزب الشعب الجمهوري. 22 أبريل 2023 (DHA)

الانتخابات التركية

فاز الرئيس رجب طيب أردوغان الذي لا يزال في السلطة منذ 20 عاماً، في جميع الانتخابات التي دخلها وأصبح زعيماً ذا شهرة عالمية. ونظراً لنجاحه الانتخابي، أصبح حزب العدالة والتنمية الحاكم، الحزب المهيمن في السياسة التركية، تماماً مثل الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم في اليابان.

ومع أن هزيمة أردوغان هي مهمة لاعبي السياسة الداخلية وأحزاب المعارضة في تركيا، لكن خصوم تركيا يستثمرون أيضاً وبشكل منفصل في التخلص منه. وبينما تعمل أحزاب المعارضة على تطوير مشاريع لهزيمته، تسعى القوى الغربية التي تلعب بالسياسة العالمية، إلى إيجاد طريقٍ لعالم خالٍ من أردوغان.

لقد تحولت تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية إلى قوة لا يستهان بها بالفعل، وتسير البلاد حالياً بشكل جيد في طريقها للانضمام إلى مستويات أقوى الدول، بعد أن حلت مشاكل بنيتها التحتية الحرجة من خلال استثماراتها في الصحة والنقل والتكنولوجيا، وخاصة مع قفزات تحسد عليها في صناعة الدفاع، وهي مشكلة منافسي تركيا.

من ناحية أخرى لا يملك حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي، وحده القوة لهزيمة حزب العدالة والتنمية. ولهذا السبب، جمع كافة أحزاب البلاد تقريباً تحت سقف واحد ضد الرئيس أردوغان، وشكل تحالف الأمة.

"طاولة" غير تقليدية

قد يبدو تشكيل تحالف الأمة المعارض المكون من حزب الشعب الجمهوري وحزب جيد وحزب السعادة وحزب الديمقراطية والتقدم وحزب المستقبل والحزب الديمقراطي، تطوراً سياسياً إيجابياً للوهلة الأولى. لكن مشكلتهم هي أن إمكانية التصويت التراكمية لهذه الأحزاب يمكن أن تصل فقط إلى 30-35% ضد الرئيس أردوغان.

وللحصول على أي فرصة في الانتخابات، يحتاج تحالف الأمة إلى حزب آخر هو حزب الشعوب الديمقراطي الموالي لتنظيم بي كي كي الإرهابي، والذي سيخوض مرشحوه تحت اسم حزب اليسار الأخضر في الانتخابات المقبلة. ومع ذلك، فإن مثل هذا التقارب له إشكاليات كثيرة في السياسة التركية، لأن تنظيم بي كي كي ما هو إلا منظمةً إرهابيةً أنشأت بعد قتال لمدة 30-40 عاماً، هيكلاً سياسياً لتمثيل المنظمة السرية. مع ذلك، وبعد إنشاء حزب الشعوب الديمقراطي، لم يتخل التنظيم المشؤوم عن كونه منظمة إرهابية، ولا عن إتجاره بالمخدرات وقتله الأبرياء. ويعمل بي كي كي الذي كان يحاول تدمير جمهورية تركيا لسنوات عديدة، كجيش بالوكالة للولايات المتحدة، ويخدم المصالح الأمريكية في الأراضي السورية.

لذلك، أصبح تحالف الأمة المعروف باسم "طاولة الستة"، "طاولة السبعة" بمشاركة حزب الشعوب الديمقراطي.

وعلى مدى عامين ظلت كتلة المعارضة في قتال داخلي مع بعضها لتسمية مرشح رئاسي. وتعارض حزب جيد مع حزب الشعوب الديمقراطي، كما تعارض حزب الشعب الجمهوري مع حزب جيد بشدة، ونظراً لأن رئيسة حزب جيد لم تكن راضية عن تقدم ائتلاف المعارضة، فقد تركت "الطاولة" برفع شعار التهور وتمردت في الشهر الأخير. وعندما غادرت الطاولة، واجهت حملة إعدام مجازي، معظمها من أعضاء حزب الشعب الجمهوري. ولا أحد يعرف ما الذي حدث، ولا من الذي هدد أكشنر أو اقترح عودتها، لكنها عادت للجلوس على الطاولة بعد أيام قليلة من الأزمة التي كانت كبيرةً بالفعل.

أحد أعضاء طاولة الستة وهو يتمتع بأكبر حصة في التصويت، ونعني حزب الشعب الجمهوري معروف باسم الحزب العلماني واليساري والمؤسس للجمهورية. ويُعرف حزب جيد بالحزب القومي. بينما يسعى حزب السعادة جاهداً لتقديم نفسه على أنه "حزب شرعي" كونه يمتلك طبقة أساسية من المحافظين المتدينين، الذين لديهم إمكانات في المجتمع التركي. ومن ناحية أخرى، قدم حزب التقدم والديمقراطية نفسه بصورة حزب ليبرالي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسياسات الغربية.

وكما لو أن وجود ستة نواب رئيس في السلطة لم يكن كافياً، ظهر رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال قلتشدار أوغلو كمرشح رئاسي لكتلة المعارضة، ووسط حل أزمة أكشنر الكبيرة، اتفق التحالف على نظام يضم ثمانية نواب للرئيس بإضافة رئيس بلدية إسطنبول و رئيس بلدية أنقرة.

وقد اعتادت الأحزاب في السنوات الماضية من التحالفات التركية، عندما كانت تفشل في الاتفاق على تقاسم الأدوار الوزارية، على إنشاء وزارات جديدة تماماً، من خلال تقسيم مسؤوليات الوزارات الحالية. وبالمثل، أنشأ حزب الشعب الجمهوري وأصحاب المصلحة ثمانية مقاعد لمنصب نائب الرئيس، للتوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات بفترة طويلة.

عشرات الهويات في الائتلاف

من الطبيعي أن الأحزاب التي لديها مثل هذه الاختلافات الهائلة في التوقعات الأيديولوجية والسياسية ووجهات النظر العالمية، ستواجه تناقضات تنفيذية كبيرة في أي إدارة محتملة.

علاوة على ذلك، فإن حزب الشعوب الديمقراطي الذي يدعم الطاولة من الخارج ولديه حوالي 10% من الأصوات في تركيا، لديه موقف مؤيد لإعلان الحكم الذاتي الإقليمي وانسحاب الجنود الأتراك من العراق والاعتراف بدولة إرهابية تتماشى مع تصورات الولايات المتحدة، رغم أن جميع الأطراف، باستثنائه وحزب الشعب الجمهوري، تعارض مثل هذا الموقف.

وباعتبار أن لكل دولة سياسة أمنية وطنية، وقد حددت جمهورية تركيا مسارها كاستقلال كامل، فأنا لا أعلم إلى متى سيتسامح المجتمع التركي مع عقلية الخضوع التي يمكن أن يقترحها تحالف الأمة، وأنه سوف يسلم البلاد للمصالح الغربية في مرحلة حددت فيها تركيا طريقاً للاستقلال الحقيقي وبدأت في التفوق على منافسيها.

وفي حين أن حزب الشعب الجمهوري لديه موقف متحفظ تجاه الاقتصاد، فإن حزب جيد وحزب التقدم والديمقراطية لديهما آراء أكثر ليبرالية. ونظراً لأن لكل من حزب المستقبل وحزب السعادة مطالب مماثلة لحزب العدالة والتنمية فيما يتعلق بحرية الدين، فإن الفصائل اليعقوبية والعلمانية المتشددة من حزب الشعب الجمهوري تواجه المتدينين والمحافظين مباشرة. لذلك، وبغض النظر عن القضية التي يطرحها تحالف الأمة فيما يتعلق بالاقتصاد أو السياسة الخارجية أو الأمن، فإن العشرات من الأيديولوجيات ومجموعات المصالح داخل التحالف سوف تتعارض.

وعلى عكس العديد من المعلقين الآخرين، أعتقد أن حزب الشعوب الديمقراطي ليس لديه أي مطالب سياسية في المقابل بينما يدعم كتلة المعارضة. والمنظمة الإرهابية التي تقف وراءه هي منظمة إرهابية انفصالية تهدف إلى الفصل العرقي في تركيا. وقد تمكن تنظيم بي كي كي من البقاء من خلال الاستفادة من ضعف الدولة حتى اليوم. والتوقع الوحيد للتنظيم الإرهابي من حزب الشعوب والطاولة السداسية هو ضمان تحول تركيا إلى دولة ضعيفة موالية للغرب، وسقوطها في فوضى لا يمكن السيطرة عليها كما كانت في التسعينيات. وإذا ما ضعفت تركيا وشهدت فترة فوضى، فإن منظمة بي كي كي الإرهابية ستعود إلى "أمجادها" القديمة.

من ناحية أخرى، ترغب جماعة غولن الإرهابية التي قصفت البرلمان في 15 يوليو/تموز 2016 وأرادت اختبار الديمقراطية، أيضاً في العودة إلى البلاد من المنفى، وإذا ما تسلل أعضاؤها إلى الدولة مرة أخرى، فإن هيكل الدولة الذي يعرفونه جيداً سيكون ضعيفاً للغاية، وقد لا يكون هناك عودة هذه المرة.

وليس من قبيل المصادفة أن الدول الغربية وتنظيم بي كي كي في الشرق واليونان في الغرب ومنظمة غولن الإرهابية التي قصفت البرلمان التركي، كلهم يريدون رحيل أردوغان. وهذا يثير قلقاً مشروعًا حول كيف يمكن لكتلة المعارضة، ذات الهيكل الغير تقليدي والتي تتمتع بدعم مشكوك فيه من قوى أجنبية وجماعات إرهابية، أن تغرس أي أمل في الشعب التركي بحكومة واعدة في المستقبل.

Bu web sitesinde çerezler kullanılmaktadır.

İnternet sitemizin düzgün çalışması, kişiselleştirilmiş reklam deneyimi, internet sitemizi optimize edebilmemiz, ziyaret tercihlerinizi hatırlayabilmemiz için veri politikasındaki amaçlarla sınırlı ve mevzuata uygun şekilde çerez konumlandırmaktayız.

"Tamam" ı tıklayarak, çerezlerin yerleştirilmesine izin vermektesiniz.