اختلطت الإهانات بدعوات للانضمام إلى تحالف المعارضة وأصبحت روتينية بالنسبة لمحرم إنجة، الذي انشق عن حزب الشعب الجمهوري، وأعلن ترشحه ضد أردوغان وزعيم حزب الشعب الجمهوري قلتشدار أوغلو، بينما حاول الأخير ملاحقته وسط تزايد شعبية إنجة.
ولأن كل صوت مهم لكتلة المعارضة قبل انتخابات 14 مايو/ أيار في تركيا، لذلك قامت الكتلة أولاً بتوجيه أنظارها نحو التحالف مع المستضعفين، وهو الحزب المتحالف بشكل علني مع تنظيم "بي كي كي" الإرهابي.
والآن وصلوا إلى رجل واحد يعارض نفس المجموعة الإرهابية وآخرين، إنه محرم إنجة الذي تحدى الرئيس الحالي أردوغان عام 2018 كمرشح عن حزب الشعب الجمهوري، والذي بدأ حزبه السابق يتودد إليه، وبالرغم من أن حزب الشعب الجمهوري شديد الصراحة بشأن المحادثات، إلا أنه يأمل أن يتخلى إنجة عن ترشحه للرئاسة وأن يحفز مؤيديه على تأييد تحالف المعارضة.
ومساء الأربعاء التقى زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال قلتشدار أوغلو المرشح الرئاسي لكتلة المعارضة المكونة من ستة أحزاب، بزعيم حزب الوطن انجة، وبالرغم من رفض الأسماء المقربة لكليهما، التعليق على المحتوى السياسي للاجتماع، استبعد إنجة أن يسحب ترشيحه في الانتخابات.
وظل أنصار كتلة المعارضة يكررون دعوته لتأييد قلتشدار أوغلو، وفي الوقت نفسه، امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي برسائل من حسابات مرتبطة بتنظيم "بي كي كي" الإرهابي وجماعة غولن الإرهابية، تسيء إليه لعدم انضمامه إلى "الجبهة" ضد أردوغان.
في الواقع، يشترك إنجة في المشاعر ذاتها مع قلتشدار أوغلو وآخرين في المعارضة التي لا يزال دافعها الوحيد، إنهاء انتصار أردوغان على مدى عقدين من حكمه، وأثارت تصريحاته بأن على تركيا "التخلص من أردوغان" غضب الرئيس الذي رد على إنجة يوم الأربعاء، قائلاً في مقابلة له على الهواء مباشرةً: "ماذا فعل لك أردوغان؟ أنت تقف إلى جانب أولئك الذين يقفون بصف الجماعات الإرهابية"، في إشارة إلى اتصال إنجة مع حزب الشعب الجمهوري.
وأضاف موجهاً الحديث لإنجة: "لقد كنت معهم لسنوات وقاموا بترشيحك لمنصب الرئيس، لكنهم أداروا ظهورهم لك، وقد عادوا الآن إلى بابك، وأنت تزن خياراتك".
بدأ إنجه حياته السياسية في حزب الشعب الجمهوري وانتخب نائباً للحزب عن دائرة يلوا الانتخابية، خلال انتخابات عام 2002، وقد تحدى مرتين قيادة قلتشدار أوغلو، في عامي 2014 و 2018، لكنه فشل في حصد ما يكفي من الأصوات لهزيمته في استطلاعات حزب الشعب الجمهوري داخل الحزب.
ومع ذلك، رشحه قلتشدار أوغلو الذي خسر حزبه جميع الانتخابات ضد حزب العدالة والتنمية خلال عقدين، كمنافس ضد أردوغان في الانتخابات الرئاسية لعام 2018.
فيما حقق أردوغان فوزاً ساحقًا في استطلاعات الرأي، في حين أن إنجة يُنسب إليه تعزيز تصويت حزب الشعب الجمهوري لأول مرة منذ عقود في مثل هذه الانتخابات، إلى أكثر من 30%، وبعد تداعيات الانتخابات مع حزب الشعب الجمهوري، أسس إنجة حزبه عام 2021.
وفي مؤتمر صحفي مشترك عقب الاجتماع، قال إنجة للصحفيين إنه لن يسحب ترشيحه.
من جهته، قال قلتشدار أوغلو إنه يحاول توسيع أعضاء تحالف الأمة المعارض، وأشار إلى أنهما ناقشا القضايا الجارية في البلاد، بما في ذلك منطقة الزلزال وشكر إنجة على استضافته.
لكن الأخير لم يكن متحمساً للاجتماع ولم يتردد في التعبير عن مخاوفه بشأن تحالف المعارضة، بينما تصدّر وداعه لقلتشدار أوغلو عناوين الصحف حيث قال له: "شكراً لقدومك.. أهلا وسهلا بك إلى اللقاء".
وحول أهمية التحالفات في الانتخابات الرئاسية قال إنجة: "يجب أن تكون هناك تحالفات في السياسة، لكن يجب أن تقوم على المبادئ وليس على المصالح"، مضيفاً أنه يعارض بشدة أي مفاوضات بشأن "مصطفى كمال أتاتورك" مؤسس الجمهورية، كما قال إن حزبه يعارض أي مناقشات مع الجماعات الإرهابية ولن يقدم أي تنازلات.
وكان إنجة يشير إلى التعاون الضمني لكتلة المعارضة مع حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد لتنظيم "بي كي كي" الإرهابي، والذي أعلن أنه لن يقدم مرشحاً، ما يعني ضمناً أنه سيدعم قلتشدار أوغلو، كما رحبت الجماعة الإرهابية بترشيح قلتشدار أوغلو، قائلةً إن "موقف حزب الشعوب الديمقراطي من دعم تحالف الأمة هو موقف قيّم وضروري وهادف".
ويرى النقاد السياسيون في النهاية، أن قلتشدار أوغلو وإنجة تمسكا بموقفهما، ولن يقدما أية تنازلات لبعضهما.
ولم يقدم قلتشدار أوغلو أي عرض ملموس لإنجة، بل إن بعض النقاد يزعمون أن الاجتماع كان يهدف إلى تصوير إنجه على أنه الجانب الذي يفعل أي شيء "لتقسيم جبهة المعارضة"، ويساهم في نظرية المؤامرة التي يؤمنون بها، بأن "إنجة يعمل سراً لصالح أردوغان".