يثير الترويج المتزايد باستمرار للمحتوى الصادر من مؤيدي المعارضة والمتعاطفين مع الإرهاب على تويتر القلق حول التدخلات في الانتخابات 14 مايو القادمة.
في الوقت الذي تتحرك فيه تركيا بسرعة نحو ما من المقرر أن يكون انتخابات ضخمة في الذكرى المئوية لتأسيسها، يظهر تحديث فرضته تويتر من شأنه تهديد الوعي الجماعي ونزاهة التصويت.
يُظهر قسم "من أجلك" الذي أضيف مؤخرًا على منصة التواصل الاجتماعي بإصرار محتوى غير مصفى عشوائي أو حسابات وهمية أو حقيقية، ما يعرض المستخدم لآراء ومعلومات لا يهتم بها أو يتفق معها، وفقًا لعدة خبراء.
تمثل مواقع وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر حجر الأساس كآليات دعاية في الأوقات التي يجري فيها تصويت حساس وهام عالمياً مثل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا في 14 مايو.
بالإضافة إلى تعليمات أيلون ماسك لتغيير خوارزمية تويتر، فمن المعروف على نطاق واسع أن المنصة تسمح لشركات معينة بالتلاعب في تصور الناخبين في العديد من البلدان عبر شبكات البرامج المتقدمة، وفقًا لما قاله خبير العمليات الإلكترونية إرسين تشاهمود أوغلو لصحيفة تقويم Takvim التركية.
"هناك تسلسلات إشارات تحدد الموضوعات الأكثر تداولًا وتغريدًا والتعليقات والتغريدات والإعجابات على هذه الموضوعات في كل بلد (...) فإذا كنت تتبع رأيًا سياسيًا وتتعاطف مع أيديولوجيته، ولمجرد أن هذا الحساب يمكنه التغريد عن أحزاب سياسية مختلفة، فستظهر لك تغريدات من هذا النوع".
وأوضح أن تغريدة تحتوي على 100 تعليق إيجابي ولكن مع 300 تعليق سلبي آخر هي من بين العوامل التي توجه هذا المحتوى إلى قسم "من أجلك"، مضيفًا أن تويتر يفترض أن المستخدم مهتم بهذا الموضوع المحدد ويضع علامة على التغريدات المماثلة تلقائيًا في الخلفية.
وفقًا لتشاهمود أوغلو، فهذا التغيير في خوارزمية المنصة هو انعكاس لإدارة ماسك غير التقليدية بعد أن اشترى "الطائر الأزرق" مقابل 44 مليار دولار أواخر عام 2022 وقد أراد أن تكون تغريداته الأكثر قراءة والأكثر مشاهدة على المنصة.
وحول تأثيرها على المحتوى الانتخابي، قال تشاهمود أوغلو إن تويتر لا يفرق بين المنشورات السليمة وغير السليمة والهاشتاغات.
وأوضح أن "يبدأ شخص ما حملة بحسابات وهمية تستهدف الحكومة ثم يقوم تويتر بوضع علامة عليه كموضوع شائع في تركيا ويروج لتلك المنشورات".
وقال إن تقسيم إدارة تويتر إلى "قبل وبعد ماسك" فيما يتعلق بملفات تويتر التي كشفت تواطؤ الإدارة السابقة مع الحكومة الأمريكية، بما في ذلك مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية والبنتاغون ووكالات استخبارات أخرى، لفرض رقابة على حسابات وتغريدات معينة، وبالتالي، فواشنطن "توجه تويتر كيفما شئت عندما يتعلق الأمر بسياستها الخارجية، وتقمع حسابات معينة وتروج لأخرى".
وأشار إلى أن "تويتر استخدم كأداة دعاية قبل ماسك، خاصة في الانتخابات الأمريكية، إذ استخدمه كلينتون والديمقراطيون ضد ترامب أو الجمهوريين".
وشدد على أن تركيا، وكذلك العالم، يأسف لمثل هذا التدخل في الديمقراطية، وقال تشاهمود أوغلو: "إنه نظام ذكي مصمم ليريك ما لا تريد أن تراه. لا يسعك إلا التفكير في "هل هذا مقصود لخلق تصورات مختلفة؟"
وأكد تشاهمود أوغلو كذلك أنه من "الممكن" للتشكيلات الإرهابية والمناهضة للتركيا مثل بي كي وجماعة غولن الإرهابيين أن تتعاون مع الشركات التي تدير مثل هذه البرامج للتدخل في فترة ما قبل الانتخابات والضغط من أجل "حملة تضليل منهجية..."
وحول كيفية نجاح هذه المجموعات، قال تشاهمود أوغلو إنهم يدربون روبوتاتهم على التغريد "بالعديد من الأشياء السلبية" حول كلمات رئيسية معينة، قد تكون اسم مسؤول في الدولة أو حزب سياسي، ثم يساعد تويتر على نشر هذه المنشورات على شبكته ما يولد موضوعًا شائعًا أو ترند "كما لو كان الأمر يتعلق بجدول أعمال حقيقي للبلد".
وقال: "بهذه الطريقة، يبدأون حملة تشويه ولا يتساءل أحد عما إذا كانت صحيحة أم خاطئة".
وقال تشاهمود أوغلو: "إن الترويج لحملة تضليل جدية ومنهجية تشكل تهديدًا حقيقيًا لتركيا (...) كما هو الحال في جميع البلدان الأخرى، يمكن لبعض الأشخاص، سواء من هنا أو من الخارج، تنفيذ ذلك في تركيا بشكل جيد للغاية."
يقول تشيتين كايا كوتش، الخبير في خوارزميات التشفير والهندسة، إن تويتر نفسه لن يكون قادرًا على تغيير خوارزمياته الراسخة "لصالح أي شخص لأنها ستكون عديمة الفائدة وحتى التغيير البسيط قد يؤدي إلى ضجة كبيرة."
وصرح كوتش لصحيفة ديلي صباح أن الرئيس التنفيذي فقط هو من يملك القوة لممارسة مثل هذا التأثير على تشغيل المنصة.
وقال: "فريقه بأكمله سيحتاج إلى اتباع أوامر ماسك"، مضيفًا، أنه يمكن مع ذلك "للأجانب الذين هم على دراية بهذه الخوارزميات أن يتدخلوا".
وأوضح قائلاً: "يتم ذلك من خلال تكرار العلامات (التاغ) والكلمات الرئيسية وموضوعات معينة مما يمكن التلاعب بها جزئيًا". إنما سيكون تأثيرها محليا مؤقتا؛ ولن يكون تلاعبًا عالميًا".
ووفقًا لكوش، لا يمكن لهذه العوامل الخارجية المعطلة أن تتجاوز ذلك.
من الممكن قيادة مثل هذه العملية من خلال الاستحواذ على العديد من الخوادم في جميع أنحاء العالم ويكفي لذلك "استثمار صغير يتراوح بين مليون دولار ومليوني دولار".
وأضاف كوتش: "تأكد أنهم يفعلون ذلك. نحن نعلم أن الحزب الديمقراطي (في الولايات المتحدة) فعل ذلك سابقًا على نطاق واسع وأصبح من الواضح الآن أنه لا يوجد حزب لم يفعل ذلك".
تويتر والاستعراض:
وبالمثل، في مقال كتبها لصحيفة صباح، قال كاتب العمود مليح ألتنوك إن تويتر "بدأ بالفعل العمل للتأكد من فوز المعارضة في الانتخابات التركية كما حدث في جميع الانتخابات الأخرى".
وأعرب عن أسفه قائلاً: "حتى إن لم تكن تتابع سياسيي المعارضة وصحفييهم المفضلين، وإرهابيي غولن وبي كي كي، فإن رسائلهم ستظهر على حسابك".
وأضاف: "وسط ما يقوم به تويتر فقط من توصية لهذه الحسابات عبر "من أجلك"؟ لا يمكنني حتى العثور على تغريدات من الأشخاص الذين أتابعهم إذا لم أبحث عنها على وجه التحديد".
جدير بالذكر أن تغريدة من صحيفة ديلي صباح لمقال مماثل حول خوارزمية تويتر التي يُحتمل أن تكون مضللة قد أعيد تغريدها من قبل ثلاثة حسابات يبلغ عدد متابعيها ما يقرب من 5 ملايين شخص، ولكن لم يشاهد التغريدة سوى 18.200 شخص بحلول وقت كتابة هذه المقالة.
قال ألتنوك أن لم يحصل على أي جواب رسمي عندما حاول التواصل مع مكتب تويتر في تركيا للحصول على تعليق.
"لقد أنشأوا شركة هنا عام 2021 للاستعراض وهي مسجلة باسم مسؤول تنفيذي فقط هو كيفن كوب المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية."
وقال: "يمكن لأي شخص لديه القدرة على التلاعب باستطلاعات الرأي التركية في 14 مايو أن يدير حملة حصرية لصالح تركيا على طول الطريق من الولايات المتحدة".
الشهر الماضي انتقدت المفوضية الأوروبية تويتر بسبب قصوره في معالجة المعلومات المضللة. وخصت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية للقيم والشفافية فيرا جوروفا موقع تويتر لفشله في الامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي حول المعلومات المضللة.
مثله مثل كافة شركات وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، يجب على تويتر تقديم تقرير عن البيانات حول مقدار عائدات الإعلانات التي حققتها الشركات من الجهات الفاعلة في مجال التضليل، وعدد أو قيمة الإعلانات السياسية المقبولة أو المرفوضة، والكشف عن حالات السلوكيات المتلاعبة.
تحركات شركة ميتا:
وفي الوقت نفسه، تتطلع ميتا Meta إلى فضح الحملات الخبيثة عبر الإنترنت ومكافحتها، من الأكاذيب الانتخابية إلى تجنيد الإرهابيين.
قدم بن نيمو Ben Nimmo وإيريك هاتشنز Eric Hutchins من ميتا تقريرا يوضح بالتفصيل كيفية إنشاء "سلسلة قتل" لاستهداف الروابط الرئيسية في عمليات الاحتيال التي تهدف إلى خداع الأشخاص عبر الإنترنت.
وصرح نيمو لوكالة الأنباء الفرنسية أن "الغباء البشري هو إحدى القوى العظمى في الكون، لكن سلسلة القتل هذه تحاول تحديد جميع أنواع العمليات المختلفة التي يمكن أن تحاول استهداف الضعف البشري".
ويضيف: "هدفنا هو منع المهاجمين قبل أن يصلوا إلى الهدف".
ويقترح إطار سلسلة قتل للعمليات عبر الإنترنت Online Operations Kill Chain الذي تم إصداره هذا الأسبوع نهجًا موحدًا أكثر لتحليل سلسلة الحملات الشائنة بما في ذلك التجسس والاتجار بالبشر والاحتيال والتدخل في الانتخابات.
تمتد حملات الخداع عبر الإنترنت بشكل روتيني إلى المنصات من فيسبوك وانستاغرام وتيك توك وتويتر وحتى لينكد إن ولكنها تكشف عن ميزات، مثل صور الملف الشخصي أو عناوين الويب، التي يمكن تحديدها، وفقًا للتقرير.
لا تزال شركة ميتا تحت الضغط لبذل المزيد من الجهد لمكافحة المعلومات المضللة، لا سيما الحملات التي تهدف إلى التأثير في نتائج الانتخابات.