تركيا تنتهج مساراً دبلوماسياً في سوريا مع استمرار دعمها الإغاثي والإنساني لجارتها

يوسف زيا درمش
إسطنبول
نشر في 16.03.2023 09:36
جانب من البيوت التي تبنيها مؤسسات وقفية تركية في إدلب الأناضول جانب من البيوت التي تبنيها مؤسسات وقفية تركية في إدلب (الأناضول)

مرت 12 عامًا منذ أن بدأت المظاهرات غير المسبوقة ضد نظام الأسد في سوريا، في 15 مارس 2011. وكان ينظر إليها في البداية على أنها استمرار لـ "الربيع العربي" في كل مكان، لكن سرعان ما تصاعدت الاضطرابات إلى صراع شامل بين المعارضة والحزب/النظام الحاكم تدخلت فيه قوى دولية وإقليمية.

وبالنسبة لتركيا، شكلت الثورة نقطة تحول في العلاقات الدافئة نسبيًا مع سوريا. وقد وقفت إلى جانب الشعب الذي يواجه آلة النظام القمعية، ثم شكلت المركز الرئيسي للاجئين من جارتها الجنوبية.

ولم تتغير سياسة تركيا الإنسانية باعتبارها موطنًا لأكثر من 3 ملايين لاجئ، لكن الجهود الدبلوماسية التركية، التي حققت انتصاراتها في أماكن أخرى، تحولت الآن إلى تطبيع العلاقات مع نظام سوريا. ومن المقرر أن يصل وفد تركي، الخميس، إلى موسكو لإجراء محادثات على مدى يومين مع ممثلي نظام الأسد، في محادثات رباعية بين البلدين بمشاركة روسيا وإيران.

على مدار السنوات الماضية، خسر نظام الأسد الكثير لكن المجتمع الدولي لم يتحرك لمعاقبته كما يجب على قتل المدنيين وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى. وهو يتجاهل عامداً قرار مجلس الأمن الدولي الداعي إلى حل سياسي بينما تشكو المعارضة من عدم وجود ردع من المجتمع الدولي في مواجهة تصرفات النظام.

وتركيا من الداعمين الرئيسيين للحل السياسي الذي يكمن الآن في الاجتماعات بين النظام والمعارضة التي فشلت في كسب الزخم بالرغم من المحادثات المتتالية. فيما لا يزال اجتماع تنسيق أستانا للدول الضامنة هو السبيل الوحيد لحل سياسي في الوقت الحالي.

توصلت تركيا إلى هدنة في إدلب بالاتفاق مع روسيا في مارس/آذار 2020 ومنذ ذلك الحين، لم يخسر طرفا الصراع مساحة تذكر. إنما ثمة جانب آخر يثير قلق أنقرة في منطقة معينة من شمال سوريا تسيطر عليها تنظيم واي بي دي/بي كي كي الإرهابي. تحت غطاء كيان شبه مستقل، تشكل الجماعة الإرهابية تهديدًا لتركيا لكنها تحظى بدعم من الولايات المتحدة حليفة أنقرة. وقد وقعت تركيا أيضًا صفقة مع الولايات المتحدة لسحب واي بي دي/بي كي كي الإرهابي من منطقة قريبة من الحدود، لكنها لم تف به بعد. ثم قدمت روسيا التزامًا مماثلاً، لكن المجموعة الإرهابية لا تزال قوة محتلة على الحدود المباشرة مع تركيا.

من المرجح أن تهيمن على محادثات هذا الأسبوع في موسكو مطالب تركيا لنظام الأسد بضمان سلامة وحدة أراضي سوريا والتعاون المشترك ضد الجماعات الإرهابية، وهي قضية متشابكة بالنسبة لأنقرة. كما يأمل الجانب التركي في تأمين حل ملموس من المحادثات التي ستعقد على مستوى أعلى في المستقبل القريب إذا نجحت، حول العملية السياسية التي ستشمل المعارضة السورية. وفي النهاية، قد تأمِّن تركيا ما تدعوه أنقرة عودة "كريمة" للاجئين السوريين إلى وطنهم.

المساعدات الإنسانية
أثنى المجتمع الدولي على تركيا لمساعدتها للاجئين السوريين، من الإقامة المؤقتة في المخيمات الحديثة في السنوات الأولى من الحرب إلى أعمال الإغاثة الأساسية للعائلات التي لجأت إلى 81 ولاية في البلاد. كما تسعى تركيا جاهدة لزيادة معدل الالتحاق بالمدارس للشباب السوريين الذين يواجهون خطر أن يصبحوا "جيلًا ضائعًا" بدون تعليم مناسب وفرص عمل.

تم تسجيل أكثر من نصف مليون طفل لاجئ في المدارس التركية مع برامج مساعدة لعائلات اللاجئين. وإلى جانب تلبية احتياجات اللاجئين الذين تستضيفهم، تنشط تركيا في شمال سوريا حيث يقدم جيشها المساعدة ويساهم في تحرير المناطق من إرهاب بي كي كي. وفي المناطق التي لجأ إليها النازحون داخليًا، تعمل منظمات غير حكومية تركية وهناك مشاريع ترعاها الحكومة لبناء منازل أساسية للسوريين. وفي البلدات المحررة من داعش وواي بي دي/بي كي كي الإرهابيين، تساهم المساعدات التركية في إعادة بناء البنية التحتية وتحسين حياة الذين عادوا إلى بلداتهم التي فروا منها منذ سنوات.

جاء زلزال 6 فبراير/شباط ليزيد من مشاكل السوريين الذين يعانون من تداعيات الصراع الطويل. فقامت تركيا بفتح معبر حدودي مع وسوريا لإيصال مساعدات الأمم المتحدة إلى سوريا، بينما دعت أنقرة إلى فتح معبرين حدوديين آخرين لتسريع إيصال المساعدات ما بعد الزلزال إلى الآلاف.