نعم.. ستكون أهم انتخابات بالعالم في تركيا عام 2023

محمد تشليك
إسطنبول
نشر في 17.01.2023 16:43
آخر تحديث في 17.01.2023 20:22
الرئيس رجب طيب أردوغان يحيي أنصاره في حفل افتتاح المباني الحكومية الجديدة في أنقرة، تركيا، 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 AP الرئيس رجب طيب أردوغان يحيي أنصاره في حفل افتتاح المباني الحكومية الجديدة في أنقرة، تركيا، 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 (AP )

"الانتخابات الأكثر أهمية في العالم في عام 2023 ستكون في تركيا"، كان عنوان تحليل صاغه "بوبي غوش" ونُشر في صحيفة واشنطن بوست في 9 يناير الجاري.

"والنتيجة ستشكل الحسابات الجيوسياسية والاقتصادية في واشنطن وموسكو، وكذلك العواصم في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا"، كما جاء في المقال مع تعليقات من النقاد التي تصب في موضوع المقال.

بنبرة دقيقة للغاية وأسلوب متطور، أدرج "غوش" عدداً من الادعاءات لدعم حجته حول سبب فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحزبه بالانتخابات الديمقراطية في البلاد على مدار العشرين عاماً الماضية.

لقد قوض أمن الناتو من خلال الحصول على أنظمة دفاع صاروخي من روسيا، وأحبط التحالف بمنع عضوية السويد وفنلندا، وهدد مراراً بإغراق أوروبا باللاجئين، وفي الأشهر الأخيرة، ألقى خطابا حذر فيه اليونان.
"كما تصاعد توترعلاقات أنقرة مع واشنطن، لدرجة أن كبار المسؤولين الأتراك يتهمون بشكل روتيني الولايات المتحدة بدعم انقلاب ضد أردوغان والتواطؤ مع الجماعات الإرهابية".

حسنًا، هذا صحيح.. هذه بعض اللحظات الرئيسية التي كان فيها أردوغان على خلاف مع الغرب أو الحلفاء أو الاتحاد الأوروبي.

تحارب تركيا تنظيم "بي كي كي" الإرهابي منذ ما يقرب من أربعة عقود، وترك الغرب حليفته وحدها في مواجهة الإرهاب في الواقع، بل على العكس دعم "حلفاء" تركيا الجماعات الإرهابية، مثل "بي كي كي" و"واي بي جي" وغيرها من المسميات المرتبطة بهذا التنظيم، سياسياً وعسكرياً ولوجستياً، بدلاً من دعم حرب أنقرة ضد الإرهاب لعقود. ولا حاجة للعودة بعيداً لسرد الأمثلة.

الدعم الأمريكي لإرهابيي "واي بي جي" في سوريا هو أبسط مثال الآن. وماذا عن التواجد المفتوح والكبير لمتعاطفين مع "بي كي كي" في الأماكن العامة في السويد؟. ماذا عن الإرهابيين المشتبه بهم من "بي كي كي" أو جماعة "غولن" الإرهابية الذين يستخدمون العواصم الأوروبية ملاذا آمنا لأنشطتهم؟

حسناً، هذا صحيح.. أردوغان ليس موافقاً على ذلك، وموقفه لم يلق قبولاً جيداً من "الحلفاء".

تهديدات اللاجئين
لاجئون؟ هل تهدد أوروبا باللاجئين؟ إذا سألت أي شخص حول العالم الآن، يمكنه التحدث مطولا عن استضافة تركيا لحوالي 5 ملايين لاجئ على مدى العقد الماضي عندما أغلق الغرب الأبواب أمامهم، ومد الأسلاك الشائكة ودفعهم إلى الموت في البحر.

وثقت العديد من الجماعات الحقوقية سوء معاملة اللاجئين من الدول الأوروبية داخل حدودها أو عندما يحاول اللاجئون العبور إلى حدودهم.

في خطابه أمام الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، لفت أردوغان الانتباه إلى جرح اللاجئين المتواصل: "لا يمكن حل أزمة اللاجئين بإغراق قوارب الأبرياء الذين انطلقوا في البحث عن مستقبل أفضل، وبالتالي تركهم يموتون، وببناء الجدران على الحدود، وملء معسكرات الاعتقال بالناس".

أردوغان دعا قادة العالم للقيام بدورهم في إيجاد حل لأزمة اللاجئين، وأضاف: "بينما نكافح لمنع الأطفال الآخرين، مثل أيلان، من الغرق والموت، تحوّل اليونان بحر إيجه إلى مقبرة للاجئين بردود فعل غير قانونية ومتهورة.. لقد حان الوقت لأوروبا ومؤسسات الأمم المتحدة لتقول "أوقفوا" هذه الأعمال دون رحمة التي تشكل جرائم ضد الإنسانية".

تركيا تحارب الجماعات الإرهابية التي يدعمها أعضاء في "الناتو" على طول حدودها مع "دولتين فاشلتين". إن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي يولد الإرهاب في المنطقة. ومع ذلك، بدلاً من دعم جهود الاستقرار السياسي، يستضيف الحلفاء الغربيون لأنقرة إرهابيي بي كي كي / واي بي جي في عواصمهم.

أردوغان زعيم ارتقى إلى ما وصل إليه على الساحة العالمية لموقفه الثابت المتعلق بحماية مصالح كل مواطن تركي في الشارع على الساحة الدولية. لهذا السبب تم انتخابه بدعم قوي في انتخابات ديمقراطية على مدى السنوات العشرين الماضية. سواء كان في محاربة الإرهاب داخل البلاد أو خارج حدودها سواء كان ذلك في الدفاع عن حقوق بلادها في ليبيا أو سوريا أو شرق البحر المتوسط.

يذكر المقال أيضاً: "ستكون الولايات المتحدة وأوروبا في وضع أفضل بدون تأثير أردوغان المربك في الشؤون العالمية، خاصة مع اشتداد المواجهة مع فلاديمير بوتين. فائدته كمحاور محدودة: على الرغم من أنه ساعد في التوسط في اتفاق لضمان استمرار تدفق الحبوب والزيوت النباتية من أوكرانيا الصيف الماضي، لم يكن لأردوغان أي تأثير على "صديقه العزيز" فلاديمير".

جهود الوساطة التركية
كان دعم تركيا لأوكرانيا ضد الاجتياح الروسي بجميع مستوياته وأشكاله واضحاً منذ اليوم الأول. في غضون ذلك، كانت جهود الوساطة التركية أيضاً في طليعة الدبلوماسية العالمية أثناء الصراع. من صفقة الحبوب الناجحة، التي قضت على أزمة غذاء عالمية وشيكة، إلى تبادل الأسرى إلى الاجتماع بين الجانبين في أنطاليا وإسطنبول، كانت العلاقات البراغماتية بين تركيا وروسيا تعمل من أجل سلام دائم في منطقتها. كل من الأوكرانيين والروس جعلوا من تركيا موطنًا لأنفسهم. هذا بالضبط هو انعكاس للجهود الدبلوماسية التي يقودها أردوغان بينما يواصل القادة الغربيون في أوكرانيا البقاء عاطلين عن إيجاد حل لإنهاء الحرب.

لا شك أن المقال جاء في الوقت المناسب وستكون الانتخابات من أهم الانتخابات في التاريخ القريب لتركيا والمنطقة والعالم أيضاً.

في الانتخابات المقبلة، سيصوت الناس وستسود الديمقراطية، كما كانت دائماً، باستثناء أوقات الانقلابات العسكرية المدعومة من الغرب.

من الواضح أن أردوغان ليس المرشح المناسب لتركيا، فكاتب المقالة، أو الغرب، لهم تصورات مناسبة لقيادة تركيا أو رغبات لاسم الفائز.
ومع ذلك، فالمكتوب أيضاً بين السطور هو الرسائل المعطاة لمرشحي المعارضة المحتملين. وتقول هذه الرسائل: "انظر، هذا ما يفعله أردوغان. تأكد أن لا تفعل ذلك. وفي حال انتخابك تأكد من مواكبة اهتماماتنا، وليس مصالح تركيا، سواء كان ذلك في مكافحة الإرهاب، سواء كان ذلك في تحسين صناعة الدفاع التي تغير قواعد اللعبة، أو دبلوماسيتك النشطة، أو تحركاتك في الشؤون الإقليمية، أو في تطوير سيارتك الكهربائية بالكامل، وهكذا... إلخ"

في النهاية، سيكون للناخبين الأتراك الكلمة الأخيرة وسيتم احترام نتائج الانتخابات كما كانت دائماً. ومرة أخرى، من الواضح أن الانتخابات سيتابعها الكثيرون حول العالم، من فلسطين إلى أذربيجان، ومن الروهينغا إلى البوسنة والهرسك، ومن الصومال إلى أوكرانيا إلى كشمير إلى أفغانستان، هذا صحيح، سيتابع الكثيرون الانتخابات المقبلة، لأن الداعمين للفكرة التي أطلقها أردوغان "العالم أكبر من خمسة!" لا تقتصر على الناخبين الأتراك.