بالدبلوماسية الإنسانية.. تركيا تدعم قارة إفريقيا

وكالة الأناضول للأنباء
أنقرة
نشر في 26.05.2022 10:49
الأناضول الأناضول

اتخذ هنري دونان، الأب المؤسس للصليب الأحمر (عام 1863) مبادئ قانون الحرب، حيث تبناه الأمير عبد القادر، الذي ناضل ضد الاستعمار الفرنسي في الجزائر.

وتطورت الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر التي أرست أسس المساعدات الإنسانية من الأراضي الإفريقية، وكان لأنشطة هذه الحركة تاريخ في الحفاظ على كرامة الإنسان.

لاحقا، ساعد الهلال الأحمر المصري اللاجئين خلال حرب البلقان، وأظهرت فروع الهلال الأحمر العثماني في مدن مثل جوهانسبرج في جنوب إفريقيا، وهرر شرقي إثيوبيا العديد من الأمثلة على التضامن المادي والمعنوي، لذا سيكون الأمر غير مكتمل إذا أبقينا دبلوماسية تركيا الإنسانية بعيدة عن هذا الماضي.

خلال حرب طرابلس (الليبية)، حاول ضباط الهلال الأحمر إلى جانب متطوعين في إفريقيا مداوة الجرحى، وخلال العقدين الماضيين، أظهرت تركيا نهجا متكاملا وجادا ومتسقا تجاه إفريقيا، وكانت المساعدات الإنسانية والتضامن من أهم مكونات هذا النهج.

بُذلت جهود ناجحة في العديد من المجالات مثل المساعدات الطارئة لكوارث المجاعة المرتبطة بالجفاف، والقضاء على مشاكل الوصول إلى الموارد المائية، وتوفير الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، وإنشاء المؤسسات التي من شأنها تعزيز المقاومة الاجتماعية.

وتواصل أنقرة، جهود التعاون مع الدول الإفريقية، لا سيما في مجال التعليم، وعبر دعم مشاريع التنمية البشرية، فمن خلال شبكة خطوطها الجوية التي تغطي القارة الإفريقية بأكملها تقريبا، تقدم تركيا ميزة لوجستية قوية لجهود المساعدة الإنسانية.

يلقى المنظور القائم على السلام ومصالح المجتمعات ترحيبا من شرائح عديدة، إذ توفر الأنشطة التي تنفذها مؤسسات تركية مثل الهلال الأحمر و"وكالة التعاون والتنسيق التركية" (TIKA) ووقف "المعارف"، جهود إغاثية وإنسانية فعالة ومستدامة.

** قوة تركيا الناعمة

من المهم لفت الانتباه إلى المواضيع التي تحدد الطابع الرئيسي لجهود الإغاثة الإنسانية التركية تجاه إفريقيا، فقد أصبح معتادا في كل عيد أضحى أن تصل المنظمات الإغاثية التركية إلى الأماكن النائية في القارة.

إضافة إلى دورها في تعزيز القوة الناعمة لأنقرة، تقدم جهود الإغاثة هذه في الوقت ذاته، فرصة إلى إفريقيا، لمعرفة الفرق بين تركيا والماضي الأوروبي الاستعماري.

لقد أظهرت تركيا أن وجودها دائم في إفريقيا، وأيضا إيمانها بمستقبل القارة، من خلال المؤسسات التي فتحتها وتطويرها للقدرات المحلية في شتى المجالات.

لم تظهر أنقرة مقاربة إنسانية فقط بسبب الروابط الدينية، حيث تواصل تبني نهج قائم على الاحترام المتبادل مع المجتمعات من مختلف الأديان والأعراق.

عشرون عاما من الخبرة المتسارعة تقدم مؤشرات إيجابية من حيث التضامن وتقوية المجتمعات، لكن المشاكل البيئية والأمنية التي تواجه إفريقيا تتطلب تعاونا على نطاق أوسع، حيث يمكن تطوير مشاريع ابتكارية لإرساء السلام والتنمية المستدامة مع تحالفات جديدة يتم إنشاؤها من قبل مؤسسات المساعدة الإنسانية.

لدى إفريقيا اليوم، القوة البشرية اللازمة لتكون قدوة العالم أكمل، فعندما تعرف المجتمع التركي على القارة، بدأ في زيادة المبادرات والأنشطة المدنية تجاهها.

تحتل إفريقيا مكانة متزايدة في تركيا يوما بعد يوم، حيث يتزايد عدد الموظفين والمديرين من أصل إفريقي في منظمات الإغاثة الإنسانية التركية، ويبذل هؤلاء جهدا لنقل تجاربهم إلى بلدانهم.

** المنح الدراسة التركية

يقدم الطلاب الأفارقة، الذين يتلقون التعليم بمختلف المجالات من خلال المنح الدراسية التركية، المنظور الإفريقي، عبر الخبرات التي اكتسبوها في القطاعين العام والخاص في تركيا.

يمكن أن توفر هذه البنية التحتية البشرية، التي توفر أرضية عميقة للتعاون المطلوب تطويره بين تركيا وإفريقيا، فرصة فريدة لعكس هجرة الأدمغة إلى القارة، التي تعاني من تآكل الموارد البشرية.

طائرة الخطوط الجوية التركية، تحولت بعدة رحلة تجارية أجرتها إلى سيراليون في 2017، إلى طائرة مساعدات إنسانية، عبر استخدام قدرات الشحن الخاصة بها، عندما وقع انهيار أرضي كبير بالبلاد.

وخلال تفشي وباء كورونا، أنشأت تركيا جسرا جويا، قامت من خلاله بتزويد إفريقيا باللقاحات والإمدادات الطبية.

مع زيادة الفرص اللوجستية، ستبني العديد من البلدان الإفريقية مستقبلا جيدا، وذلك عبر التعاون في مجال المساعدات الإنسانية مع باقي الدول.

** صداقة تركيا وإفريقيا

باعتبارها صديقة إفريقيا وقفت بجانبها في الأوقات العصيبة، ستساعد تركيا في جعل مجتمعات القارة أقوى بمؤسساتها، حيث تحمل كل طائرة تقلع من إسطنبول إلى بلدان القارة، الأمل والثقة بالمستقبل.

سيستمر العمل على تعزيز التعاون بين أنقرة وعواصم إفريقيا، ويا ليت هنري دونان والأمير عبد القادر، شهدا أبعاد التعاون الإنساني بين تركيا القارة، في الوقت الحاضر.

إن تركيا والدول الإفريقية مثل صديقين قديمين يعرفان بعضهما البعض، وكل يوم تُضاف صفحات جديدة إلى كتاب الصداقة بين الجانبين.