يبدأ أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، زيارة عمل إلى تركيا، تعزيزا للعلاقات الأخوية الوطيدة والاستراتيجية بين البلدين.
ومساء الخميس، أعلن الديوان الأميري القطري في بيان، توجه آل ثاني إلى تركيا، بعد زيارة رسمية إلى إيران استمرت يوما واحدا، حيث يرتقب لقائه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول، اليوم الجمعة.
وتتطلع تركيا وقطر لتعزيز الروابط الأخوية الوطيدة والعلاقات الاستراتيجية بينهما والتي تطورت وتجذرت على مدى عقود طويلة من الزمن لتغطي القطاعات الأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والاستثمارية والتنموية والثقافية وغيرها.
وتشهد العلاقات بين البلدين تطورا متناميا وتعاونا متواصلا على مختلف الأصعدة، مع وجود تناغم سياسي كبير واتفاق في وجهات النظر، تجاه كثير من القضايا الإقليمية والدولية، لا سيما قضايا الشرق الأوسط.
** اللجنة الاستراتيجية
العلاقات القطرية التركية التي بدأت رسميا عام 1979، بافتتاح سفارتي البلدين في الدوحة وأنقرة، قوية ومتينة على كافة الأصعدة.
زاد من قوة تلك العلاقات تأسيس اللجنة الاستراتيجية العليا المشتركة عام 2014، التي استضافت الدوحة دورتها الأولى في ديسمبر/كانون الأول 2015، وعقدت منذ تأسيسها سبعة اجتماعات، مناصفة بين البلدين، نتج عنها إبرام ما يزيد عن ثمانين اتفاقية بمجالات متنوعة.
ولا تتوقف الزيارات الرسمية المتبادلة على أعلى المستويات بين البلدين، وكذلك المشاورات السياسية.
وترتبط الدوحة وأنقرة بعلاقات صداقة وأخوة استثنائية في تميزها وعطائها، نتيجة التقارب الكبير على مستوى القادة والشعب والقواسم المشتركة بين البلدين، والتضامن اللامحدود بينهما وقت الأزمات.
كما تتميز علاقات البلدين بتناغم الرؤى السياسية إزاء كثير من الملفات والقضايا، كما يتشاركان توجهات سياسية واحدة تعتمد الحوار والدبلوماسية وتفعيل جهود الوساطة أساسا للأمن والاستقرار والسلام وحل النزاعات الدولية والإقليمية.
** 28 قمة رفيعة
في مؤشر على عمق الصداقة القطرية التركية وخصوصية العلاقة بين البلدين، عقدت منذ عام 2014، بين أمير قطر آل ثاني والرئيس التركي أردوغان، 28 قمة.
آخر قمة كانت في ديسمبر الماضي، حيث زار الرئيس التركي الدوحة، وترأس خلالها مع أمير قطر، اجتماع الدورة السابعة للجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين.
في ختام الاجتماع وقع الجانبان عددا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي شملت الأوقاف والشؤون الإسلامية، الإعلام والاتصال والثقافة وإدارة الكوارث والطوارئ لتوحيد المعايير والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والاستثمارات.
وذكر البيان الختامي للجنة، أن الطرفين ناقشا العديد من جوانب علاقتهما القوية والمتميزة بما في ذلك الأمن الإقليمي والتعاون بمجالات الدفاع والصحة والتجارة والاستثمار والطاقة والطيران والسياحة والثقافة والتعليم.
** توثيق التعاون
تعهدت اللجنة بمواصلة تعزيز العلاقات الثنائية بقطاع الخدمات المالية ومواصلة العمل بتنسيق مالي وثيق، مرحبةً بتوقيع اتفاقية تمديد وتعديل اتفاقية صرف عملات الليرة التركية – الريال القطري بين البنكين المركزيين في البلدين.
كما رحبت اللجنة في بيانها الختامي، بالتقدم الذي تحقق في الاستثمارات المتبادلة، وارتفاع الاستثمارات القطرية في تركيا إلى ما يعادل 33.2 مليار دولار في نهاية 2020، مع التعهد باستكشاف سبل دعم تنويع العلاقات الاقتصادية والتنسيق المالي بينهما.
واتفق الجانبان على زيادة التعاون بينهما بمشاريع البنية التحتية، ونوه الجانب القطري بدور الشركات التركية بمشاريع تطوير البنية التحتية في قطر استعدادًا لنهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022 (FIFA)، وخطط التنمية في إطار رؤية قطر الوطنية 2030.
واقترحت قطر إنشاء "منطقة اقتصادية تركية حرة" في المناطق التي تشرف عليها هيئة المناطق الحرة القطرية، ما يتيح فرصا فريدة لجمع الابتكار الصناعي التركي مع المزايا التنافسية العالمية للاقتصاد القطري لتمكين المستثمرين الأتراك من الوصول إلى أسواق إضافية في الهند وآسيا وإفريقيا.
وجدد البلدان التزامهما المشترك بمواصلة وتعزيز الجهود الإقليمية والعالمية لإحلال السلام والأمن الدوليين ومكافحة الإرهاب وحل النزاعات بالوسائل السلمية.
** العلاقات التجارية
تعتبر تركيا أحد أهم الشركاء التجاريين لقطر، وقد شهد حجم التبادل التجاري بين البلدين، زيادة ملحوظة وصعد من 340 مليون دولار عام 2010 إلى 2.24 مليار دولار في 2019.
يأمل البلدان في رفع حجم التبادل التجاري بينهما إلى خمسة مليارات دولار، وتعتبر تركيا وجهة مميزة للمستثمرين القطريين، حيث توجد الكثير من الاستثمارات القطرية الناجحة بالبلاد وتشمل العقارات والسياحة وغيرها.
ويرجع التطور الملموس في حجم التجارة بين البلدين بالأساس للعلاقات الوثيقة والزيارات المتبادلة، ووجود العديد من الاتفاقيات التجارية والاستثمارية الموقعة على صعيد القطاعين العام والخاص.
تلك الاتفاقيات سهلت إنشاء وإقامة الاستثمارات المتبادلة، وساعدت بزيادة تدفق السلع والبضائع في الاتجاهين، خاصة مع توقيع اتفاقية الشراكة التجارية والاقتصادية بين حكومتي البلدين عام 2018، وتدشين الخطوط الملاحية بينهما.
وتعمل في قطر أكثر من 711 شركة تركية، بينها 664 شركة برأس مال قطري وتركي، و47 برأس مال تركي بنسبة مئة بالمئة، فضلا عن 15 شركة تركية بالمنطقة الحرة في قطر، فيما تعمل أكثر من 183 شركة قطرية في تركيا.
ويعد قطاع الإنشاءات أحد أكثر المجالات التي تركز عليها الشركات التركية العاملة في قطر، بالإضافة للقطاعات الاقتصادية والتجارية والصحية والعقارية والتكنولوجية والصناعية.
تركيا التي تبلغ مساحتها نحو 783 ألف كيلومتر مربع، وعدد سكانها نحو 85 مليون نسمة، تتمتع بقدرات كبيرة في العديد من المجالات الإنتاجية خاصة الزراعة والصناعة والخدمات.
هذا الأمر يفتح الباب واسعا لزيادة التبادل التجاري بين تركيا وقطر، والتوسع في الاستثمارات إلى حد التوجه بالبلدين للاستثمار المشترك في دول ثالثة، وتحقيق قدر كبير من التكامل المفيد لكليهما.
واختتم الاقتصاد التركي عام 2021، بنمو بلغت نسبته 11 بالمئة، ليكون بذلك الأعلى بين نظرائه في مجموعة العشرين الصناعية والثالث بين بلدان "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" (مقرها باريس وتضم 31 بلدا).