مؤرخ ليبي: العثمانيون وحدوا ليبيا وأبرز شخصيات طرابلس من أصل تركي

وكالة الأناضول للأنباء
طرابلس
نشر في 04.02.2022 12:31
المؤرخ الليبي محمود الديك  وكالة الأناضول المؤرخ الليبي محمود الديك ( وكالة الأناضول)

أعاد المؤرخ الليبي والأستاذ بجامعة طرابلس محمود الديك، الفضل للعثمانيين في ترسيم حدود ليبيا الجغرافية وتوحيدها، مؤكدا أن بين البلدين كثير من القواسم المشتركة.

وقال الديك: "العانيون هم من وحدوا ليبيا، ومنذ عام 1551 أصبحت لدينا حدود جغرافية وهذا ما تم في العهد العثماني".

وأضاف: "نحن نعتبر تاريخ الدولة العثمانية وليبيا واحدا، فنحن لدينا رموز مشتركة مثل تورغوت باشا ويوسف باشا القرمانلي".

وأشار الديك إلى أن يوسف باشا يعد من الشخصيات القوية التي بنت أسرة قرمانلية، وهي أصلها من قرمان في تركيا لكنهم جاءوا إلى ليبيا فأصبحوا ليبيون يتكلمون العربية الليبية، ولم ينفصلوا عن الدولة العثمانية، وأصبح يوسف باشا من الشخصيات القوية في البحر المتوسط".

وترتبط ليبيا تاريخيا بعلاقات وطيدة مع تركيا منذ عشرات القرون، ففي بداية عام 1551م أصبحت طرابلس تحت السيادة العثمانية، وتصاهر الأتراك مع الليبيين وانخرطوا في المجتمع الطرابلسي.

وافتتحت ليبيا على يد تورغوت باشا أو تورغوت رئيس (كما هو معروف)، وهو قائد عثماني ذو شهرة كبيرة، ذاع صيته في مياه البحرين المتوسط والأسود لتحقيقه انتصارات متتالية، ويعد أحد أبرز قادة البحرية العثمانيين، ويحمل اسمه العديد من السفن والبلدات تخليدا لذكراه.

وبحسب الديك، عاش تورغوت في كنف السلطان سليمان القانوني، وبالتالي كان يجسد ذراع الدولة العثمانية في البحر المتوسط، حيث أنه من أحد البحارة الذين قادوا أساطيل الدولة العثمانية.

ومنذ عام 1711م، حكمت طرابلس الأسرة القرمانلية، التي بدأت بحكم أحمد القرمانلي، الذي نصب نفسه حاكما عليها آنذاك ليضطر السلطان أحمد الثالث إلى تعيين القرمانلي واليا بصفة رسمية وجعل حكم طرابلس بيد سلالته.

وظلت أسرة القرمانلي تحكم طرابلس حتى 1835م، لتعود إلى حكم العثمانيين بصورة مباشرة وحتى الاحتلال الإيطالي لليبيا عام 1911م.

وأوضح الديك أنه عندما كان هناك صراع بحري، أرادت أمريكا أن تمتلك تجارة في البحر المتوسط فجاءت إلى طرابلس، لكن يوسف باشا كان يضع ضريبة متعارف عليها آنذاك لمن يريد أن يؤمن تجارته.

وأضاف: "رفض القنصل الأمريكي آنذاك دفع الضريبة، وقال وقتها إنه يجب تأديب هذا الباشا، ثم أرسلت أمريكا سفينة فيلادلفيا الضخمة".

وأشار إلى أن السفينة جاءت إلى طرابلس لكنها جنحت نحو الميناء والتصقت بالرمال، فأخذها البحارة بالمدينة، فاعتبرت أمريكا هذا الحدث هزيمة كبيرة لها".

وأردف: "الأمريكان تواصلوا مع كل العالم لإنقاذ السفينة لكنهم لم ينجحوا، لأن يوسف باشا كان صلبا وأراد إجبارهم على دفع الضريبة، حينها أرسلت أمريكا جنودا فتسللوا وأحرقوا السفينة ليلاً، وبقيت منها السارية التي أخذها الليبيون وعلقوها إلى يومنا هذا".

وتابع المؤرخ الليبي: "كان هناك 300 أسير أمريكي (ضباط وجنود) في يد يوسف باشا القرمانلي، نحن نفتخر بأن يوسف باشا كان رمزا للمقاومة ورمزاً للنضال الإسلامي ضد الأوروبيين والأمريكان".

وأشار الديك إلى إلى أنه منذ عهد تورغوت باشا (تورغوت رئيس) 1551 إلى عام 1911 لم يستطع الأوروبيون احتلال طرابلس أو حتى تهديدها بشكل كبير.

وبعد أن فتح تورغوت طرابلس، توسع في جزيرة جربة (تونسية) ثم في تونس، فكانت طرابلس وتونس أشبه بالمنطقة الواحدة.

ولفت إلى أن تورغوت كان شخصية من الشخصيات المهمة جداً في تاريخ ليبيا، لأن له بصمات كبيرة في مدينة طرابلس، ولأنه يعتبر صمام الأمان لأي حملات صليبية مسيحية ضد طرابلس.

كما أنه قام بأعمال مهمة جداً في مدينة طرابلس كالتحصينات وصيانة المدينة وغير ذلك كما قام بتوسيع سيطرة العثمانيين نحو جزيرة جربة (تونسية).

وأردف المؤرخ الليبي: "خاض تورغوت باشا نضالا في البحر المتوسط فيما يتعلق بمقاومة المسيحيين الذين كانوا يتربصون بالدولة العثمانية للسيطرة على طرابلس من جديد، لكن تورغوت باشا كان قوياً وشجاعاً رغم كبر سنه، وكان شخصية مرموقة".

ونفى الديك أن يكون تورغوت باشا قرصان كما يشاع عنه، بل كان مجاهدا، حيث أنه استشهد وهو يدافع عن طرابلس في تصديه للمسيحيين أمام مالطا، ثم دفن في طرابلس، وطالب المؤرخ بعقد مؤتمر خاص لشخصية تورغوت باشا لتوضيح حقيقته.

وحول قبر تورغوت رئيس قال الديك إنه "تم هدمه من قبل الحركات المتطرفة الذين لا يرغبون بوجود المقابر في المساجد وغيرها".

وأضاف: "لا أعلم بالضبط أين نقل قبره، ولكن معظم الذين دفنوا في المساجد سواء كانوا أتراك، أو ليبيين تم نقلهم إلى المقابر ولست متأكداً من ذلك".

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2014، تعرض قبر تورغوث باشا الموجود بجوار مسجد تورغوت داخل المدينة القديمة بطرابلس، إلى اعتداء من قبل متشددين وتم هدمه دون معرفة مكان نقل جثمانه حينها.

وفي أغسطس/ آب 2020، اعتبر رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، وجود ضريح "تورغوت رئيس" في طرابلس، بمثابة "رمز صداقة" بين شعبي البلدين.