تستعد تركيا للبدء بتنفيذ خطة عمل جديدة للحفاظ على تنوعها البيولوجي، مع التركيز على الأنواع المهددة بالانقراض من النباتات والحيوانات، من خلال مشروع حكومي أُطلق بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، ليكون بمثابة الخطوة الأولى لخطة شاملة.
وعلى مر العصور جابت الأسود والنمور ووحيد القرن وعدد غير معروف من الأنواع، أراضي شاسعة في الأناضول، لكن معظم هذه الأنواع اختفت الآن بالرغم من أن البلاد لا تزال تستضيف مجموعة متنوعة من الحيوانات، فضلاً عن مجموعة غنية من النباتات.
ويوم الثلاثاء جددت الحكومة جهودها للحفاظ على الحياة البرية مزدهرةً، بمشروع جديد أطلقته وزارة الزراعة والغابات التركية تحت عنوان "مشروع الأنواع المهددة بالانقراض"، الذي روّج له الوزير بكر باكديميرلي، بإعلانه أن المشروع يشكل مقدمة لخطة عمل وطنية تسعى إلى مواجهة تحديات بقاء الحيوانات والنباتات. وسيتم تنفيذ هذا المشروع بدعم من الاتحاد الأوروبي.
وقال باكديميرلي عند إطلاق المشروع في العاصمة أنقرة: "التنوع البيولوجي هو ثروتنا وسوف نحافظ على هذه الثروة".
ويخضع حوالي 100 نوع من الأنواع المهددة بالانقراض للحماية في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحيوانات والنباتات التي كان يُعتقد أنها انقرضت أو على وشك الانقراض، مثل النمر الأناضولي الشهير الذي تم تصويره مؤخراً في البرية.
وأشار باكديميرلي إلى أن حوالي 40% من الأنواع النباتية انقرضت في جميع أنحاء العالم في القرن الماضي، مضيفاً أن إجمالي عدد الحيوانات انخفض بنسبة 68% في العقود الخمسة الماضية. وقال: "هناك حوالي مليون نوع من الحيوانات معرضة للخطر بسبب تغير المناخ والأضرار التي لحقت بموائلها. ولم يعد الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض وجمع البيانات عنها وضمان بقائها اختيارياً، بل أصبح ديناً في أعناقنا للأجيال القادمة".
وتُظهر الأرقام الرسمية أن تركيا هي موطن لـ 13.409 أنواع من النباتات والحيوانات. وتهدد أزمة المناخ بتعطيل النظام البيئي، حيث تجبر درجات الحرارة المتغيرة الحيوانات على الهجرة، وتؤثر على النباتات التي تكافح للتكيّف مع الظروف الجديدة غير المناسبة. ونتيجة لتزايد عدد السكان، باتت التنمية الحضرية تمثل أيضاً تحدياً للحياة البرية التي يتم التعدي على موائلها من البشر. وفي السنوات الأخيرة، زاد التهريب البيولوجي الدولي، واستهدف المهربون النباتات والحيوانات على حد سواء، فاصطادوا الحيوانات القيمة وجمعوا النباتات الهامة المستخدمة في العديد من الصناعات.
ومع أن تداعيات الاحتباس الحراري تلوح في الأفق، إلا أن مجموعة مناخات تركيا الغنية التي تمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأسود، لا تزال مواتية لبقاء أنواع بيولوجية مختلفة.
وحول هذه النقطة قال باكديميرلي، إن تركيا الواقعة بين أوروبا وآسيا، تشبه تقريباً "القارة". مضيفاً أن أهم طريقين لهجرة الطيور في العالم كانا عبر الأراضي التركية.
وأضاف:"لقد قمنا بزيادة عدد مناطق الحماية من 168 إلى 628 في السنوات الـ 19 الماضية. واليوم، لدينا 46 متنزهاً وطنياً و 259 متنزهاً طبيعياً. ونعمل بجدٍ لضمان الاتصال العام بالطبيعة وتعزيز السياحة الطبيعية، مع الحفاظ على هذه المناطق. لقد استثمرنا حوالي 126 مليون دولار لحماية الطبيعة ومناطق المحميات".
وأشار باكديميرلي إلى أنهم انتهوا من إعداد جردٍ لجميع الأنواع، تمهيداً لتأسيس قاعدة بيانات للتنوع البيولوجي تسمى سفينة نوح. واكتشف الباحثون الأتراك أنواعاً جديدة أيضاً أثناء إعداد هذه البيانات. وأوضح: "سنكثّف جهودنا الحالية ونزيد من وتيرة العمل، حيث نقوم في الوقت الراهن بمراقبة 331 نباتاً و229 حيواناً و 276 منطقةً مخصصةً كموائل حصرية للعديد من الأنواع".
كما قدم الوزير أمثلةً على جهود تركيا في حفظ الأنواع البيولوجية، مثل تربية 225 حيواناً برياً هذا العام وحده، في 13 محطة لتربية الحياة البرية في جميع أنحاء البلاد، وإطلاق 105.000 طائر في الطبيعة من حافظات الطرائد.
وختم حديثه بالقول: "تستضيف تركيا 85 منطقة لتنمية الحياة البرية، حيث تخضع أنواع مثل أغنام الأناضول البرية والغزلان وطائر أبو منجل للحماية. وتشمل خططنا الحفاظ على 100 نوع بيولوجي، منها على سبيل المثال الزنبق الأبيض المتوطن في إزمير، والنسر الأقرع والضبع المخطط في شانلي أورفا، وأفعى القوقاز في أرتفين، وبقوليات إيبار في أفيون إضافةً إلى البجع الدلماسي وزهرة طروادة البيضاء المسماة بقطرة الثلج".