قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، إن "الجهود الدبلوماسية بخصوص التطورات في منطقة شرق المتوسط لم تتعرقل، والطريق مفتوح أمامها".
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها المسؤول التركي، خلال مقابلة أجرتها معه، مساء الثلاثاء، قناة تلفزيونية محلية، وتطرق خلالها للحديث عن عدد من القضايا التي تهم تركيا.
المسؤول التركي شدد في الوفت نفسه على أن "أوروبا تعلم جيدًا أن المطالب اليونانية غير عادلة"، مضيفًا "وجهود من يسعون لتضييق الخناق على تركيا من خلال خلق توتر سياسي، لا جدوى منها".
وردًا على سؤال حول ما إذا كان إبحار سفينة التنقيب التركية "أوروتش رئيس" ثانيةً صوب المتوسط، يعني مزيدًا من التوتر، قال قالن "هم سيحولون الأمر إلى عنصر لزيادة التوتر، وسيعملون على تصعيده".
وتابع قائلا "هذه المنطقة تشملها خريطة إشبيلية المزعومة التي ليس لها أي صلاحية قانونية. ومن ثم بما أن أعمال البحث والتنقيب التي تقوم بها أوروتش رئيس تقع في منطقة الجرف القاري القريبة منا، فلا يوجد وضعًا يقتضي اعتراضًا".
** العلاقات مع مصر
في شأن آخر قال قالن بخصوص العلاقات مع القاهرة، إنه في حال أظهرت مصر إرادة التحرك بأجندة إيجابية في القضايا الإقليمية فإن تركيا مستعدة للتجاوب مع ذلك.
جاء ذلك في معرض رده على سؤال "فيما إذا كانت تركيا بصدد التقارب مع لاعبين إقليميين مثل مصر في شرق المتوسط بالرغم من التوترات السابقة؟".
وأضاف قالن موضحًا أن مصر دولة من الدول الهامة في المنطقة والعالم العربي.
وتابع "بالطبع لا يمكننا تجاهل كيفية وصول السيسي إلى السلطة، والانقلاب الذي حصل هناك، والأناس الذين تعرضوا للقتل، وما حدث في ميدان رابعة، والاعتقالات السياسية لاحقا، ووفاة مرسي".
وأردف "بالرغم من ذلك، إذا أظهرت مصر إرادة التحرك بأجندة إيجابية في القضايا الإقليمية، فإن تركيا مستعدة للتجاوب مع ذلك".
ومضى قائلا : "في حال تشكلت أرضية للتحرك معا في مواضيع ليبيا وفلسطين وشرق المتوسط وغيرها من القضايا، فإن تركيا لا يمكنها إلا أن تنظر بإيجابية إلى ذلك وتقدم اسهاما إيجابيا".
** النزاع الأذربيجاني- الأرميني
في سياق آخر تطرق قالن إلى الحديث عن النزاع الأذربيجاني الأرميني، معتبرًا التطورات الراهنة في هذا الصدد "نضالًا قويًا في جنوب القوقاز".
وشدد قالن على أن تركيا لها علاقات شديدة الخصوصية مع أذربيجان، مشيرًا إلى أن تركيا بكافة أطيافها السياسية من النظام الحاكم للمعارضة ومن الأحزاب القومية للديمقراطية الاشتراكية، تدعم باكو بكل قوة.
ولفت إلى أن "الأيام الأخيرة، شهدت وبتحرك من اللوبي الأرميني، دعاية في الإعلام الغربي بشكل خاص ضد تركيا مفادها أن "الأزمة لا تحل بسبب تدخل تركيا، ومن ثم لا يحدث توقف لإطلاق النار".
وتابع متحدث الرئاسة التركية مشددًا على أن "هذا نقاش لا طائل من ورائه، فلو مسّ أذربيجان أمر ما، فكأنما مس تركيا تمامًا"، مؤكدًا أن بلاده تؤيد الحل الدبلوماسي في المنطقة.
كما شدد على ضرورة إنهاء الاحتلال الأرميني للأراضي الأذربيجانية أولًا، مضيفًا "فإقليم قره باغ أراضٍ أذربيجانية تحتلها أرمينيا".
وزاد قائلا "نحن هنا لا نتحدث عن منطقة حولها نقاش، وإنما عن أراضٍ محتلة بحسب القانون الدولي، وهذا أمر تاريخي معروف، تمامًا كاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية منذ 1967، فهذه أمور لا يوجد حولها نقاش".
وأوضح قالن أنه "لن يكون بالإمكان وقف الاشتباكات بين الطرفين دون أن تضع مجموعة مينسك خط عمل واضحة التواريخ، ولها بداية ونهاية، وإطار".
وردًا على سؤال بخصوص تقييمه لتعجب الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف من عدم كون تركيا أحد الرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك وهي عضوة فيها، قال قالن "نعم، مع السيد علييف كامل الحق فيما يقول، لأن تركيا لديها دور مهم للغاية يمكنها أن تقوم به باعتبارها دولة تركز على حل الأزمة".
وأشار قالن إلى أنه "عندما نضع في عين الاعتبار أن مجموعة مينسك التي يبلغ عمرها 30 عامًا عجزت عن إيجاد حل للمشكلة القائمة، يتضح لنا أنه قد حان الوقت للتفكير والحديث عن آلية جديدة".
وعن رأيه حول أن "أرمينيا واليونان خارج إمكانياتيهما وقواتيهما، وهما من الدول التي يستخدمها البعض في عدة ألاعيب، وعما إذا كان بإمكان تركيا الكشف عن ذلك في المحافل الدولية"، قال قالن "نحن على دراية بهذه الأمور، ودأب رئيسنا رجب طيب أردوغان في مرات عديدة وفي أوساط مختلفة على التحدث عنها على أعلى المستويات".
وأردف قائلا "وهو لا يتردد في الكلام، ولا يتردد أبدًا في التعبير عن هذه القضايا لنظرائه بطريقة واضحة ومميزة وحتى في بعض الأحيان بطريقة صادمة لهم ومذهلة للغاية."
كما جدد تأكيده على أن كافة الأحزاب السياسية في تركيا، باستثناء حزب الشعوب الديمقراطي، متفقة تمامًا بخصوص قضيتي شرق المتوسط وأذربيجان، مشيرًا إلى أن الشعوب الديمقراطي بالموقف الذي يبتناه في هذا الخصوص، لا يقدم أي إسهام في السياسية.
** الأوضاع في ليبيا
في شأن آخر وُجَّه لمتحدث الرئاسة التركية سؤال حول ما إذا كانت تركيا ستفقد قوتها في ليبيا أم لا بعد استقالة رئيس وزرائها فائز السراج، فرد قائلا "السياسة العشائرية لها تأثير كبير في ليبيا، وتدخل الجهات الفاعلة في تطورات الأحداث يمكنه أن يغير مسارها".
وشدد قالن على أن تركيا ستواصل الحفاظ على مكاسبها في ليبيا، مضيفًا "لأننا نعمل مع الحكومة الشرعية الليبية. وقد تمت هذه الاتفاقيات بشكل رسمي وشفاف، وأقرتها الحكومة هناك من قبل، وتم تسجيلها في الأمم المتحدة".
واستطرد قائلا "لذلك عند وجود حكومة جديدة، أو هيكل جديد، وعندما تنخرط جهات فاعلة جديدة، فإن تركيا ستحافظ على تلك المكاسب".
وأكد قالن كذلك أن الاستقرار الإقليمي لا يمكن الاستغناء عنه من أجل المصالح الوطنية لبلاده، مضيفًا "لذلك تركيا مهتمة بليبيا، ولا يمكنها عدم الاكتراث لما يحدث هناك، أو يحدث في العراق، وسوريا، ولبنان، وفلسطين، وجنوب القوقاز، وأذربيجان، والبلقان".
وتابع قائلا "وهذا الأمر ليس عثمانية جديدة، فنحن نعلم أن عهد الإمبراطوريات قد ولى، لكننا نعيش في نظام عالمي أسسته الدول التي تتبنى سياسات استعمارية، قائم على أحلام استعمارية للبعض، حتى وإن كان لا يطلق عليها اسم إمبراطورية".
وأضاف قالن قائلا "نحن ندرك هذا جيدًا، وبالتالي إذا استطعت أن أحقق أمن أراضيّ وأمن المواطنين فيها، فهذا يمكنه أن يخلق أجواء استقرار وسلام إقليمية؛ لذلك تهتم تركيا مباشرة بما يحدث في سوريا والعراق".
وأردف متحدث الرئاسة التركية قائلا "وبالتالي قد يقول أحدهم لتركيا: ما شأنك في لبنان، والعراق، وليبيا، وماذا تفعلين هناك؟ وأن هذا لا يتفق مع التحالف الغربي، ومعاييره الرئيسية، ولماذا تركيا العضوة بحلف شمال الأطلسي (ناتو) في تلك المناطق؟".
ثم استطرد "لكن عندما تتدخل فرنسا في لبنان، لا توجد أي مشكلة، وكذلك بالنسبة للوايات المتحدة التي تتدخل في أية مشكلة بأي مكان من العالم، وكذلك بريطانيا التي تتدخل في كثير من المناطق، والبلدان، والأزمات حول العالم".
وقال: "بالنسبة لهؤلاء، الأمر عبارة عن نتائج طبيعية لرؤية سياسية خارجية، أما عند تدخل تركيا البنّاء، يقولون: ها هي العثمانية الجديدة".
** التصدي لتنظيم "داعش" الإرهابي
في شأن آخر شدد قالن على أن تركيا أكثر دولة تصدت لتنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا، مشيرًا إلى أنها تمكنت من تحييد ما يقرب من 3 آلاف من عناصر التنظيم.
وأوضح في الصدد ذاته أن بلاده قامت إما بسجن أو ترحيل المئات من عناصر التنظيم، والمنتمين إليه، والمتعاطفين معه، والمتصلين به.
وتابع قالن قائلا "ورغم هذا النضال، وفي الأيام التي اختلفنا فيها مع الولايات المتحدة والغرب بخصوص النقطة السياسية بسوريا، خرجت الآلة الإعلامية الموجهة لتقول إن تركيا تدعم القاعدة، وتغض الطرف عن داعش، وتشتري منه النفط".
وأردف متحدث الرئاسة قائلا "كل هذه مزاعم لا أساس لها، إذ لم يقدموا أية أدلة على ما يقولون، لا توجد هناك صورة واحدة أو فاتورة واحد تدلل على ما يقولون، فهم بذلك سعوا لخلق تصور عام خاطئ ضد تركيا".
وأضاف قائلا "وما كانت المحصلة لهذا؟ وجدنا الولايات المتحدة قد توصلت واهمة لأن تنظيم (ب ي د/ي ب ك) الإرهابي هو الجهة المؤثرة في مكافحة داعش، وبدأت التعاون معه، وقدمت له أسلحة ودعمًا ماليًا، وسياسيًا، وتدريبًا، ولو أنها قدمت كل هذا لفصيل آخر لكان بالفعل أكثر تأثيرًا في مواجهة التنظيم".
** الانتخابات الرئاسية الأمريكية
وفي معرض رده على سؤال بخصوص رأيه عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمعة في 3 نوفمبر/تشرين ثانٍ المقبل، قال قالن "القرار قرار الشعب الأمريكي، وأيًا من كان سيأتي لسدة الحكم فتركيا ستواصل العمل مع".
وأشار إلى أن "علاقاتنا مع الولايات المتحدة قائمة على أساس استيراتيجي"، مضيفًا "لكن هناك موضوعان ظهرا على سطح الأحدث منذ ما يقرب من 8 سنوات، أولهما الدعم الذي تقدمه واشنطن بشكل مباشر لتنظيم (ب ي د/ي ب ك)، وبشكل غير مباشر لتنظيم (بي كا كا) في سوريا".
وتابع قالن قائلا "وثانيها عدم اتخاذ واشنطن أية خطوة مرضية لتركيا حتى الآن بشأن تنظيم فتح الله غولن الإرهابي"، مضيفًا "فهذان الموضوعان بمثابة قضية أمن قوي بالنسبة لتركيا، فهذه التنظيمات حركات تستهدف بشكل مباشر وحدة تركيا، وتضامنها، وديمقراطيتها".
وأضاف "نحن هنا لا نتحدث عن أمر هامشي، أو مشكلة صغيرة، فهذه قضايا أمن قومي بالغة الأهمية بالنسبة لنا"، متابعًا "وبالتالي فأي نظام يأتي للبيت الأبيض سنواصل العمل معه بخصوص تلك القضايا كما فعلنا مع الرئيس السابق، باراك أوباما، والحالي، دونالد ترامب".
وزاد قائلا "ولا شك أن هناك قضايا أخرى سنعمل عليها مع الإدارة المقبلة، مثل الاقتصاد، والأمن، والطاقة، والتعاون المشترك"، مضيفًا "لكن لن يكون بالإمكان تطوير علاقاتنا الاستيراتيجية مع واشنطن دون حل قضايا الأمن القومي التي تحدثت عنها، ومسألة التنظيمات الإرهابية، غولن، وبي كا كا/ي ب ك/ب ي د".
** ماكرون يسعى لإبراز قوته إقليميا ودوليًا لتجميل صورته داخليًا
في سياق آخر، وبخصوص الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قال متحدث الرئاسة التركية، إن ماكرون يسعى لإبراز قوته في المحافل الدولية والإقليمية، ليعوض خسارته في الداخل، وليجمل صورته.
وأضاف قائلا "ونظرًا لأن تركيا هي أهم دولة تعترض على النظام الإقليمي الكائن في عقله، فهو يستهدفها دائمًا في سوريا، وليبيا، وفلسطين، ولبنان، وشرق المتوسط، وفي أماكن أخرى".