قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن الوجود العسكري لبلاده في دولة قطر يخدم الاستقرار والسلام في منطقة الخليج.
جاء ذلك في تصريحات لصحيفة "ذا بينينسولا" القطرية، الناطقة بالإنكليزية، على هامش زيارة عمل أجراها الأربعاء إلى الدوحة.
وأشاد الرئيس التركي بالعلاقات التاريخية والثقافية والإنسانية عميقة الجذور بين البلدين الأخوين تركيا وقطر.
وأوضح أن هناك علاقات إستراتيجية واسعة بين البلدين تمتد من الاقتصاد إلى الصناعة والدفاع والأمن والاستثمار والطاقة.
وقال إن تركيا توفر للمستثمرين القطريين فرصا جذابة في مجالات كثيرة مثل العقارات والمال والتكنولوجيا والدفاع والاتصالات.
ولفت إلى ارتفاع صادرات أنقرة للدوحة بنحو 10 في المئة خلال العام الماضي، وأن هناك 500 شركة تركية تعمل في قطر حاليا.
وأكد أن شركات المقاولات التركية فقط تولت تنفيذ مشاريع في قطر تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 18.5 مليار دولار.
وأعرب أردوغان عن اعتقاده أن تركيا وقطر تقدمان أفضل نموذج للتعاون القائم على الربح المتبادل.
وشدد على أن البلدين سيعمقان التعاون بينهما من خلال المشاريع المشتركة قبيل فعاليات كأس العالم المقررة بقطر عام 2022.
وأضاف: "يتطلب كأس العالم 2022 عملا تحضيريا كبيرا على نطاق واسع، بدءا من الأمن وحتى التنظيم، وليس فقط من حيث استثمارات البنية التحتية".
وبيّن أن تركيا على يقين من أن أصدقاءها القطريين سينجحون في تنظيم هذه الفعالية الكبيرة، وأنها ستتعاون مع الحكومة القطرية في هذا الصدد نظرا إلى خبرتها الواسعة.
كما أكد أردوغان أن المشاريع المشتركة في المجالات العسكرية والأمنية والصناعات الدفاعية، تشكل العمود الفقري للعلاقات بين تركيا وقطر.
وقال إن قيادة القوات التركية - القطرية المشتركة تجسد الأخوة والصداقة والتضامن والإخلاص بين البلدين، وإن الجهات التي تشن دعاية سوداء حول القاعدة التركية لا تحمل نوايا حسنة.
وأضاف: "تركيا من خلال وجودها العسكري تخدم الاستقرار والسلام في منطقة الخليج برمتها، وليس في قطر الشقيقة فحسب".
وأردف: "يجب ألا ينزعج أحد من وجود تركيا وجنودها في الخليج، باستثناء الأطراف الساعية لنشر الفوضى".
وأشار أردوغان إلى أن تركيا لن تنسى على الإطلاق التضامن القطري معها على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة صيف 2016.
وأوضح أن تركيا أيضا بذلت جهودا حثيثة من أجل إحباط الحصار الجائر والعقوبات ضد إخوانها القطريين.
وأعرب عن أمله حل الأزمة المتواصلة منذ 3 سنوات في الخليج خلال أقرب وقت ممكن.
وقال إن تركيا تشعر بسعادة كبيرة حيال رؤية قطر تتجاوز الحصار وهي تزداد قوة رغم الظلم الذي تعرضت له.
من جهة أخرى، شدد أردوغان على أن تركيا ليست باقية في الأراضي السورية إلى الأبد، وستنهي وجودها هناك بمجرد إيجاد حل دائم للأزمة.
وأوضح أن تركيا إحد الدول الأكثر تضررا جراء الاشتباكات المستمرة في سوريا منذ 2011، نظرا إلى الحدود بين البلدين البالغ طولها 911 كيلومترا.
وأفاد أنه لم يكن بوسع تركيا أن تلتزم الصمت إزاء الأزمة التي أدت إلى مقتل نحو مليون إنسان ونزوح 12 مليونا آخرين.
وأشار إلى أن تركيا تستضيف في الوقت الراهن 3.7 ملايين سوري، وتحملت عبئا ثقيلا من الناحية الإنسانية والاجتماعية والمادية.
وأكد أردوغان أن الجيش التركي هو الوحيد الذي قاتل تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا وجها لوجه، واستشهد جنوده خلال الاشتباكات.
ولفت إلى أن عمليتي "غصن الزيتون" و"نبع السلام" في سوريا، ساهمتا في إبعاد تنظيم "ي ب ك - ب ي د" الإرهابي، امتداد منظمة "بي كا كا"، عن الحدود التركية.
وبيّن أن الجيش التركي طهر مساحة 8 آلاف و300 كيلومتر مربع من إرهابيي "داعش" و"بي كا كا - ي ب ك"، وسلمها لأصحابها الحقيقيين، بالتعاون مع الجيش السوري الحر.
وكشف الرئيس التركي أن عدد السوريين الذين غادروا إلى المناطق المحررة بلغ 411 ألفا، وأن أنقرة ستواصل النضال في مواجهة الهجمات ضدها.
وفي تعليقه على العلاقات التركية - الأمريكية، قال أردوغان إن أنقرة ستواصل التعاون مع واشنطن في مجالات مكافحة الإرهاب ودعم الديمقراطية وإنهاء حالات عدم الاستقرار.
وأوضح أن تركيا والولايات المتحدة تتمتعان بعلاقات استراتيجية ومتعددة الأبعاد وعميقة الجذور، وأنه من المهم مواصلة هذه العلاقات على أساس المصالح المتبادلة رغم اختلاف وجهات النظر.
وأشار أردوغان إلى وجود بعض المشاكل بين البلدين حيال امتناع واشنطن عن تسليم زعيم منظمة غولن الإرهابية (فتح الله غولن) لأنقرة، وتقديمها الدعم لتنظيم "ي ب ك/ بي كا كا" الإرهابي في سوريا.
وأكد أن تركيا تنتظر التضامن القوي معها بصفتها حليفا في الناتو، ولكن هذا لم يتحقق، بل إن بعض الجهات في الإدارة الأمريكية اعتبرت تنظيم "ي ب ك/ بي كا كا" شريكا، وقدمت له الدعم والحماية.
ولفت إلى أن البيروقراطية الأمنية والعسكرية المتبقية من الإدارة السابقة، انتهجت بشكل خاص موقفا غير قابل للتوافق في هذا الصدد، وبعد تولي دونالد ترامب الرئاسة تشكلت أجواء إيجابية بين البلدين.
واعتبر أن هناك توافقا متزايدا بين الجانبين في القضايا الإقليمية ومسائل كثيرة أخرى، مثل التجارة والاستثمارات، وأنه حدد مع ترامب هدفا لرفع التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار.
وفيما يتعلق بتطورات شرقي المتوسط، قال أردوغان إن "الجهات التي رأت حزمنا وأدركت أنها لن تستطيع دفعنا للتراجع اضطرت اليوم إلى الإنصات لدعواتنا من أجل الحوار".