انتهت الثلاثاء مباحثات الوفدين التركي والروسي في العاصمة موسكو بشأن الوضع في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، دون إعلان التوصل إلى اتفاق كما كان الجانب التركي يأمل من هذه الاجتماعات.
وتقدمت قوات النظام السوري في محافظتي إدلب وحلب المجاورة، متجاوزة الخط الذي ترسمه نقاط المراقبة التركية، وفقاً لتفاهمات أستانة واتفاق سوتشي، ومتسببة بالمزيد من القتلى في صفوف المدنيين وأضخم موجة نزوح للمدنيين الفارين من القتل والقصف نحو الحدود التركية.
وبلغ تمادي قوات الأسد ذروته مع استهدافه للجنود الأتراك في نقاط المراقبة مطلع شباط/ فبراير الجاري، ما استدعى رداً عسكرياً تركياً في الحال، فيما طالبت أنقرة موسكو بالضغط على النظام للتراجع إلى نقاط تمركزه السابقة، مهددة في حال عدم انسحابه حتى نهاية الشهر بإجباره على ذلك، لكنها شددت مراراً على استخدام جميع طرق الدبلوماسية قبل اللجوء إلى الخيار العسكري كحل أخير.
وعقد الجانبان التركي والروسي العديد من الاجتماعات سواء في موسكو وأنقرة في محاولة للتوصل إلى اتفاق حول كيفية إعادة الهدوء إلى إدلب ومحيطها، وأيضاً إلزام النظام بتطبيق اتفاق سوتشي لتجنيبه عملية عسكرية تركية ضخمة، لا سيما مع مواصلة القوات التركية ضخ المزيد من التعزيزات والآليات الثقيلة نحو نقاطها في المنطقة، ما يجعلها في موقع يسمح لها بتنفيذ المهمة ميدانياً بنفسها.
وأكد الوفد التركي في مباحثات الاثنين، ضرورة خفض التوتر على الأرض، ومنع تفاقم الوضع الإنساني أكثر، كما تباحث الوفدان حول تنفيذ جميع مخرجات اتفاق سوتشي حول إدلب، والتدابير الكفيلة بمنع حدوث خروقات للاتفاق، بحسب وكالة الأناضول
وكان اتفاق سوتشي الذي أبرم بين تركيا وروسيا في سبتمبر/ أيلول 2018، يقضي بتثبيت خفض التصعيد في المنطقة، إضافة إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح في محيطها تُحظر فيها الأعمال العدائية.
لكن منذ ذلك التاريخ، قُتل أكثر من 1800 مدني في هجمات شنها النظام السوري والقوات الروسية.
وبعد انتهاء الاجتماع اليوم، بات من المتوقع عقد قمة أو اتصال هاتفي بين الرئيسين، التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، في محاولة أخيرة للتوصل إلى اتفاق يرضي تركيا، التي رفضت باستمرار عروضاً روسية للإبقاء على الوضع الحالي، ما يعني ترك النقاط العسكرية التركية التي تأسست بموجب تفاهمات أستانة وسوتشي محاصرة من قبل قوات الأسد، واستمرار الوضع الإنساني المأساوي على الحدود التركية لأكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري أجبروا على ترك قراهم ومدنهم.
وفي حال لم يتمكن الزعيمان من التوصل إلى اتفاق، فإن تركيا لن تتردد، وفق تصريحات مسؤوليها، في تنفيذ تهديداتها بإجبار النظام بالقوة على العودة إلى ما وراء حدود سوتشي، لكن ليس من الواضح بعد موقف روسيا من هذا السيناريو، فإن قررت الدفاع عن الوضع الميداني الحالي، فذلك قد يؤدي إلى صدام روسي - تركي مباشر، وهو ما لا يرغب فيه الطرفان، ويصران بحزم على عدم الانجرار إليه.
ويبدو السيناريو الأرجح في مثل هذا الوضع، أن تواصل روسيا دعم النظام سياسياً وحتى عسكرياً لكن بدون المشاركة في الاشتباك مع القوات التركية، لتترك بذلك للميدان كلمته الأخيرة.