تشاوش أوغلو: نعتبر قرار ماكرون حول المزاعم الأرمنية في حكم العدم
- وكالة الأناضول للأنباء, أمستردام
- Apr 11, 2019
أكد وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، الخميس، أن إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، 24 أبريل/نيسان يومًا لإحياء ذكرى "إبادة الأرمن" المزعومة، في حكم العدم بالنسبة إلى بلاده.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره الهولندي ستيف بلوك، عقب "مؤتمر فيتنبورغ السابع بين تركيا وهولندا"، في العاصمة أمستردام.
وفي معرض رده عن سؤال حول إعلان ماكرون، أوضح تشاوش أوغلو، أن المحكمة الدستورية الفرنسية أصدرت، في السابق، قرارين يقضيان بعدم اتخاذ السياسيين قرارات من هذا القبيل (الإعلان).
ولفت إلى وجود قرارات للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بهذا الخصوص.
وأضاف "رغم ذلك، لماذا يتخذ ماكرون قرارا كهذا؟ سببه الشعبوية ولا شيء آخر".
واعتبر أن اتخاذ قرارات سياسية وتشويه التاريخ لايليق بالسياسيين، مشيراً إلى أن "اتخاذ السياسيين قرارات في هذه المسألة لا يعتبر صحيحاً، وخاصة اتخاذ فرنسا قراراً كهذا يعد أمراً مأساويا".
وأردف "ينبغي لفرنسا أن تنظر إلى تاريخها. لم يمر 25 عاماً على الإبادة الجماعية برواندا (1994). وما فعلته فرنسا في الجزائر وأماكن أخرى في إفريقيا لم ينسَ بعد".
وتابع: "من غير المقبول أن تتخذ دولة فعلت كل هذا (بإفريقيا) قرارًا بشأن دولة أخرى".
وأكّد أن (إعلان ماكرون) "منعدم بالنسبة إلينا، وسنتخذ التدابير اللازمة في هذا الصدد، وقمنا بإطلاق العديد من المبادرات المتعلقة بالموضوع في أنقرة".
وليلة الأربعاء، صادق ماكرون على مرسوم رئاسي يُعلن 24 أبريل، يوم ذكرى لما يسمى بــ "إبادة الأرمن" المزعومة، حيث سيتم إدراجه في التقويم الرسمي.
** ما الذي حدث في 1915؟
تعاون القوميون الأرمن، مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914.
وعندما احتل الجيش الروسي شرقي الأناضول، لقي دعما كبيرا من المتطوعين الأرمن العثمانيين والروس، كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي.
وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق إمدادات الجيش العثماني اللوجستية وتعوق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلتها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي.
وسعيا منها لوضع حد لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، بوقف الهجمات ضد الدولة العثمانية والمدنيين، إلا أنها لم تنجح في ذلك.
ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 أبريل 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة.
واتخذ الأرمن ذلك التاريخ ذكرى لإحياء "الإبادة الأرمنية" المزعومة، في كل عام.
وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية في 27 مايو/ أيار 1915، تهجيرالأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية.
ومع أن الحكومة العثمانية خططت لتوفير الاحتياجات الإنسانية للمهجّرين، إلا أن عددا كبيرا من الأرمن فقدوا حياتهم خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة.
وتؤكد الوثائق التاريخية، عدم تعمد الحكومة وقوع تلك الأحداث المأساوية، بل على العكس، لجأت إلى معاقبة المتورطين في انتهاكات ضد الأرمن أثناء تهجيرهم، وجرت محاكمة وإعدام المدانين بالضلوع في تلك المأساة الإنسانية، رغم عدم وضع الحرب أوزارها.
** الحاجة إلى ذاكرة عادلة والتفهم المتبادل
وتطالب أرمينيا واللوبيات الأرمنية في أنحاء العالم بشكل عام، تركيا بالاعتراف بما جرى خلال عملية التهجير على أنه "إبادة عرقية"، ومن ثم دفع تعويضات.
وبحسب اتفاقية 1948، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فإن مصطلح "الإبادة الجماعية" (العرقية)، يعني التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية.
وتؤكد تركيا عدم إمكانية اطلاق صفة "الإبادة العرقية" على أحداث 1915، بل تصفها بـ "المأساة" لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدا عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور "الذاكرة العادلة"، الذي يعني باختصار التخلي عن النظرة الأحادية الجانب إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لدى كل طرف.
كما تقترح تركيا القيام بأبحاث حول أحداث 1915 في أرشيفات الدول الأخرى، إضافة إلى الأرشيفات التركية والأرمنية، وإنشاء لجنة تاريخية مشتركة تضم مؤرخين أتراكا وأرمنا، وخبراء دوليين.