اعترافات إرهابيات عائدات من صفوف "بي كا كا" تكشف الوجه القبيح للمنظمة
- وكالة الأناضول للأنباء, أرضروم
- Jan 22, 2019
كشفت ثلاث نساء عائدات من صفوف منظمة "بي كا كا" عن الوجه المظلم والقبيح لتلك المنظمة الإرهابية "التي لا تقوم بشيء سوى القتل، وزعزعة الأمن والاستقرار بتركيا".
ومؤخرًا استسلمت لقوات الأمن التركية ثلاث نساء كن يحملن السلاح في صفوف "بي كا كا" في المناطق الجبلية بتركيا، وتحدثن للأناضول في أحاديث منفصلة حول الوجه القبيح والخفي لتلك المنظمة الإرهابية.
أولى هذه السيدات لم ترغب في الكشف عن هويتها، وتسمى اختصارًا "B.E"، وقالت في حديثها إن "المنظمة مستنقع حقيقي إذا دخلته لا يمكنك الخروج منه بسهولة، وعودهم الوهمية كبيرة، لكن ما يقومون به أفظع. فهم لا يقومون بشيء آخر سوى قتل الناس".
ولفتت أن انضمامها لـ"بي كا كا" جاء عن طريق حزب الشعوب الديمقراطي، مشيرة أنها بقيت لعامين في صفوف التنظيم قبل أن تستسلم للقوات التركية.
وتابعت قائلة "حينما كنت بجانب قادة المنظمة، كان يأتينا بين الحين والآخر عدد كبير من مسؤولي حزب الشعوب الديمقراطي، من بينهم رؤساؤه المشتركون، ونوابه بالبرلمان التركي، حيث كان يتم عقد اللقاءات، وكان هناك من ينضمون للتنظيم من ذلك الحزب".
ومن حديث تلك الإرهابية العائدة، يتضح أن "بي كا كا" ذلك التنظيم الإرهابي الملطخة يداه بالدماء، والذي يرتكب المجازر بين الحين والآخر لاستهداف الاستقرار والسلام في البلاد، يقوم بضم العناصر الجدد لكادره الموجود بالجبال من خلال حزب الشعوب الديمقراطي.
وذكرت "B.E" كذلك أنها اتخذت قرار الانضمام للمنظمة الإرهابية وهي في سن الـ15، مرجعة السبب في ذلك إلى الضغوط التي كانت تتعرض لها داخل أسرتها.
وتابعت قائلة "لقد صعدت الجبل بواسطة حزب الشعوب الديمقراطي. فقد ذهبت إلى ذلك الحزب، وكشفت لهم عن رغبتي في الذهاب إلى منطقة جبلية، فقالوا لي اذهبي واتركي رقمك، وسنعاود الاتصال بكي لاحقًا".
واستطردت في ذات السياق قائلة "وبالفعل اتصلوا بي، وأصطحبوني للجبل لكي أنضم للعناصر المسلحة التابعة للتنظيم هنالك".
وأوضحت أن الظروف المعيشية في الجبال صعبة للغاية، وأنهم يعانون هناك مشاكل المأكل والمشرب والمأوى والتدفئة، بحسب قولها، مشيرة إلى أنهم كانوا يسيرون لمدة 9 أو 10 ساعات يوميًا بأحمال تتراوح بين 45 إلى 50 كلغم.
وقالت كذلك "خلال الفترة التي بقيتها في صفوف المنظمة، رأيت أناسًا كان السبب الرئيس في انضمامهم لنا هو الهروب من الضغوط والزواج. إلا أنه من يريد الهروب من أمر ما، عليه أن يهرب لأي مكان إلا تلك المنظمة التي تستغل فراغًا ما داخل الإنسان، وتدفع به للهاوية".
وجددت تأكيدها على أن "المنظمة مستنقع حقيقي إذا ما دخلته بقدميك لا يمكنك الخروج منه مجددًا، وشغلها الشاغل هو قتل الناس فقط. والنساء اللاتي يهربن من بيوتهن، ومن الزواج ويأتين للمنظمة لا يمكنهن العيش هنالك، إذ يلقين حتفهن خلال يومين على الأكثر، لأن الشيء الذي تبرع فيه المنظمة هو القتل خلال دقيقتين".
وأضافت "ولا أخفي عليكم أنني شعرت بالندم منذ أول يوم انضممت فيه للمنظمة، لقد ندمت كثيرًا لذهابي إلى هنالك لأن الموت يعتبر امرًا طبيعيًا في تلك الأجواء، ومن يموت ينتهي أمره ولا يدري به أحد".
وعن صعوبة الظروف المعيشية داخل المنظمة الإرهابية قالت العائدة "B.E": "لقد بقي ما يقرب من 70 شخصًا في ذلك المكان الذي كان يبلغ قوامه 400 شخص، الباقون ماتوا، وهذا أمر طبيعي بالنسبة للجميع هناك. كما أن الإدارة كانت تطالب بالتخلص من كل من يرغبون مغادرة المنظمة، من خلال الزج بهم في عمليات مختلفة".
كما أوضحت أن "المنضمين حديثًا للمنظمة كان يتم تشغيلهم كالعبيد، في حين أن قادتهم المزعومين كانوا يعيشون حياة فارهة كلها راحة، يرتدون أجود أنواع الأحذية والمعاطف، بل كانوا يتناولون أفضل الأطعمة".
في ذات السياق تابعت قائلة "نحن كنا نأكل البرغل، أما هم، فكانت يذبح لهم الماعز. أي كانت حياتهم مختلفة تمامًا، في حين أن المنضمين حديثًا كانوا يعيشون حياة العبيد تمامًا".
لا توجد مقابر لمن تتم تصفيتهم:
المسلحة "B.E" ذكرت كذلك أنها شاهدت الكثير من حالات التصفية لعناصر من المنظمة ممن كان يتم الإمساك بهم وهم يحاولون الفرار، متابعة: "شاهدت تصفية 4 أشخاص من هؤلاء، وكانت تلقى أجسادهم في مكان ما".
وتابعت قائلة "لقد تعرضت لمعاملة سيئة للغاية هنالك، حيث تم ضربي، وبعدها بفترة هربت من المنظمة. إذ أنني لم أضرب من عائلتي، وبالتالي لم أتحمل أن يضربني أحدهم هناك. كما كانت تعقد محاكم مزعومة تحكم بالقتل على من كان يريد العودة لمنزل أهله".
وأوضحت أن القادة المزعومين بالمنظمة كانوا يقولون لها باستمرار "إذا هربتِ من هنا فإن قوات الأمن ستضربكم بواسطة المروحيات، والجنود سيعذبونكم، كما أننا سنصل إلى عائلتكِم، ونلحق بهم الضرر"، مشيرة أن الكثيرين لم يهربوا من المنظمة بسبب مثل هذه التهديدات.
وأضافت "كان معنا طفل يبلغ من العمر 13 عامًا رفضت المنظمة عودته لأسرته، كما شاهدت المعتقلين ممن كانت تتم تصفيتهم بتركهم بدون أكل ولا طعام حتى يموتون".
ولفتت أن الطبيعة الوعرة للمنطقة التي توجد بها المنظمة كانت تشكل عائقًا أمام هروب الكثيرين "حيث الجبال الشاهقة"، مضيفة: "بقي هؤلاء لمدة طويلة بجانب الإدارة التي ما إن أراد القائمون عليها الذهاب لمكان ما، كانوا يرسلون شخصين لاستكشاف الطريق، فإن ماتا لا يتحركون من مكانهم، وهذا ما يفسر بقاء القادة المزعومين على قيد الحياة كثيرًا دون غيرهم من عناصر المنظمة".
وشددت "B.E" على أن قوات الأمن التركية عاملتها بكل احترام بعد الاستسلام لها، وأنها لم تعامل بأي سوء على الإطلاق.
كما ذكرت مجددًا أن معظم المنتسبين للمنظمة الإرهابية هم من الهاربين من ضغوط عائلاتهم، مطالبة بتعليم الأطفال وعدم تزويج الإناث منهم في سن صغيرة، كي لا يقعوا فريسة للتنظيمات الإرهابية.
منظمة "بي كا كا" تنتهي داخليًا:
وعلى نفس الشاكلة، استسلمت إرهابية أخرى تدعى "J.F" لقوات الأمن التركية، بعد انضمامها على مدار سنيتن لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، وتحدثت هي الأخرى عن قصتها مع المنظمة، وما عاشته خلال تلك الفترة.
وأوضحت "J.F" أن "منظمة بي كا كا تنتهي داخل نفسها، إذ لم يعد أحد يرغب في البقاء داخلها بسبب كثرة الوفيات، ومن ثم يرغبون في الهرب بكل لحظة. ومن هم خارج المنظمة لا ينضمون إليها حينما يرون المنضمين لها بالفعل يهربون.
القادة المزعومون يهربون في الاشتباكات والآخرون يموتون:
ولفتت "J.F" إلى أن القادة المزعومين داخل المنظمة كانوا يلوذون بالفرار خلال الاشتباكات مع القوات المسلحة التركية، ويتركون العناصر الأخرى تلقى حتفها، موضحة أنها عايشت كثيرًا من هذه المواقف.
وتابعت قائلة "الظروف لم تكن بالجيدة، لقد عشنا أوقاتًا صعبة للغاية نفسيًا وبدنيًا، في حين أن القادة الميدانيين كانوا يعيشون حالة كبيرة من الراحة والرفاهية".
وأفادت كذلك أن الإرهابيين المترددين داخل المنظمة الإرهابية كان ينظر إليهم على أنهم جواسيس، مشيرة أنها شاهدت خلال فترة تواجدها داخل المنظمة عددًا كبيرًا من هؤلاء المترددين الذين كانوا يرغبون في المغادرة.
لقد خدعوني:
وعلى نفس المنوال استسلمت الإرهابية "R.K" لقوات الأمن التركية بعد عام قضته داخل صفوف المنظمة الإرهابية، وتحدثت بعد ندمها على فعلتها عن تلك الأمور التي عاشتها طيلة ذلك العام.
وأوضحت في حديثها للأناضول، أن الإرهابيين كانوا يقومون بتهديد القرى، ويمارسون ضغوطًا على سكانها لإجبارهم على جعل أبنائهم يصعدون الجبل للانضمام إلى التنظيم.
وتابعت قائلة "هم يجبرون الأهالي على ذلك، ولقد نجحوا بهذه الطريقة في اصطحاب أخي الأكبر معهم، وبعد عام على ذلك عادوا للقرية مجددًا، فقلت لهم إني أريد أن أرى شقيقي، فقالوا لي: "يمكنك ذلك من خلال الإقامة معنا لمدة أسبوع في الجبل، وأعود بعدها للمنزل".
واستطردت "وبعد أن ذهبت معهم، ومكثت الأسبوع قلت لهم أريد العودة للمنزل، قالوا: لا يمكنك ذلك، وأوهموني بأن الدولة ستقتلني إن عدت. ولما طلبت ذلك بعد فترة أخرى هددوني بعائلتي، وبأنهم سيلحقون الضرر بها إن تركتهم، وكانت هذه طريقة انضمامي لتلك المنظمة، ولم أر شقيقي مطلقًا".
"R.K" اتفقت مع الإرهابيتين السابقتين في مسألة أن المسؤولين الميدانيين يعيشون حياة بلا متاعب، وأنهم لا يقومون بأي عمل يذكر على عكس عناصر المنظمة الأخرين.
وأضافت موضحة أن "مسؤولي المنظمة كانوا يبحثون عمن لا خبرة لهم، وغيرهم من المترددين، ومن يرغبون في العودة لمنازلهم، ويزجون بهم في الاشتباكات مع القوات المسلحة".
كما بينت أن القادة المزعومين للمنظمة كانوا يقومون بتصفية بعض من يشكون بهم، وكانوا يرسلون البعض الأخر لمعسكرات شمال العراق، ليتم اعتقالهم هنالك.
ولفتت كذلك إلى أنه يوجد في صفوف المنظمة أطفال تتراوح أعمارهم بين 13 و14 عامًا لا يعرفون بعد كيف يحملون السلاح، مضيفة "يقومون بتربية هؤلاء الأطفال من أجل الإبقاء عليهم هنالك، حيث يقولون لهم: سنجعل منكم قادة، ومن ثم ننتظر منكم الكثير لتقدموه".
وتابعت "في بداية مجيء هؤلاء الأطفال يحظون بمعاملة جيدة دون غيرهم، وبعد أن يمضوا عامًا على الأقل تتم معاملتهم كالباقين"، مشيرة إلى الظروف المعيشية الصعبة التي يتعرض لها عناصر التنظيم بشكل عام في المناطق الجبلية.
وأضافت "ناهيكم عن المسؤولين المزعومين الذين كانوا لا يشاركون في أية تدريبات، وكانوا لا يعانون مثلنا على الإطلاق، ويقتصر دورهم فقط على مجرد إعطاء التعليمات لنا، ويهربون من المعارك، ويصدرون الآخرين لها. أي أن الحياة الفعلية للمنظمة تختلف تمامًا عما يروجون له".
ذكر الله في المنمظة الإرهابية محظور:
الإرهابية "R.K" ذكرت كذلك أن أول كلام يقال للمنضمين إلى المنظمة الإرهابية، يكون عن الدين، مشيرة إلى أن ما يقال لهم في هذا الصدد هو أن "الدين الإسلامي ليس ديننا، وكانوا يقومون بسب النبي محمد" صلى الله عليه وسلم.
وتابعت "كانوا يقولون في المنظمة إننا من الزرادشتيين، وأن الأكراد أتوا من تلك الديانة. وكانوا يسبون الأنبياء بشكل كبير وكان هذا أمر صعب بالنسبة للبعض. ولا جرم في أن المنظمة كانت تولي اهتمامًا لإبعاد من ينضمون لها عن ديانتهم" الأصلية.
واستطردت "كانوا يتحدثون إلينا عن الديانة الزرداشتية، لكن لم تكن هناك طقوس خاصة بهذه الديانة، حيث كان ذكر اسم الله محظورًا. فأي شخص يذهب إلى هناك يتعين عليه أن يترك دينه وإيمانه".
90 في المئة من عناصر المنظمة بالجبل مترددون:
وفي السياق ذاته أوضحت الإرهابية "R.K" أن 90 في المئة ممن انضموا لعناصر منظمة "بي كا كا" الإرهابية في الجبال مترددون، فهم لا يرغبون في الإقامة هناك في ظل أجواء مناخية سيئة للغاية، لا سيما في فصل الشتاء".
وبينت أن المنظمة تقوم بتصفية المترددين من أجل التخلص منهم نهائيًا، ولا يتم تسليم جثامينهم لذويهم، بل يتم إلقاوهم بمكان ما في الجبل، وأحيانًا كانوا ينتهكون حرمة القتلى ممن تمت تصفيتهم.
وتابعت قائلة: "عليكم أن تنظروا إلى الصعود للجبل على أنه نهاية حياتكم، لا خلاصًا مما أنتم فيه"، مشيرة أن معظم الفتيات المنضمات لتلك المنظمة "إما تعرضن للعنف أو الاغتصاب داخل عائلاتهن". وأوضحت أيضًا أن هناك من تعرضن لحملات دعائية في المدارس، وتم تجنيدهن في صفوف المنظمة.
كما لفتت أن معظم الذكور المنضمين لصفوف المنظمة الإرهابية، كان دافعهم في ذلك هو الهروب من الجيش والديون، فضلا عن إدمانهم للمخدرات، مضيفة "لم أسمع مطلقًا أحدًا قد قال إن انضمامه لتلك المنظمة كان لدافعٍ سياسي".