تحقيق تركي أمريكي مشترك في أنشطة تنظيم غولن الإرهابي
- ديلي صباح, إسطنبول
- Jan 05, 2019
وصل وفد من الولايات المتحدة إلى تركيا يوم الخميس الفائت لمناقشة ترحيل فتح الله غولن زعيم تنظيم غولن الارهابي إلى تركيا، في الوقت الذي يواصل فيه العضوان الحليفان في الناتو العمل معا في التحقيقات القضائية المتعلقة بأنشطة التظيم الإرهابية.
وقد زار وفد الولايات المتحدة، بما في ذلك مسؤولون في مكتب التحقيقات الفيدرالي، محكمة أنقرة العليا، لمتابعة قضايا بعض المشتبه بهم في التظيم، في حين ذكرت التقارير أن الوفد دحض شهادة "كمال باتماز" عبر مؤتمر بثّ عبر الفيديو. وهو متهم بأنه أحد العقول المدبرة لمحاولة انقلاب 16 يوليو / تموز 2016.
كان "باتماز"، وهو أحد كبار أئمة تظيم غولن الارهابي قد اندس بين صفوف القوات الجوية، كواحدٍ من العديد من الشخصيات غير العسكرية التي تم القبض عليها في "أكنجي"، وهي قاعدة جوية استخدمها التنظيم الارهابي كمنصة إطلاق للغارات الجوية في أنقرة خلال الانقلاب الفاشل عام 2016. وكان أيضاً متآمراً في محاولة الانقلاب مع "عادل أوكسو.
ألقي القبض على كل من "أوكسوز" و"باتماز" بمساعدة كاميرات المراقبة في قاعدة "أكنجي" الجوية، التي مثلت مركز قيادة الانقلابيين، في ليلة الانقلاب. غير أن أوكسوز تمكن من الفرار بعد أن تم الإفراج عنه بقرار مثير للجدل من قبل محكمة مشبوهة، بينما سُجن "باتماز".
ونفى "باتماز" بشكل قاطع أنه ظهر في لقطات الكاميرات الأمنية، رغم شهادة خبراء عديدين وأفلام عالية الدقة مأخوذة من كاميرات أمنية تظهر بوضوح أنه كان يسير بحرية في ممرات القاعدة العسكرية. وقد ظهر في إحدى اللقطات وهو يؤدي التحية العسكرية لأحد مؤيدي الانقلاب.
هذا وقد وُجه الاتهام إلى جماعة غولن الارهابية بتنظيم محاولة الانقلاب في 15 يوليو للإطاحة بالحكومة التركية المنتخبة ديمقراطيا، وقد قتل في تلك المحاولة 251 شخصا وأصيب أكثر من 2200 شخص. كما وجهت إلى الجماعة تهمة استخدام أعضائها في الشرطة والقضاء لإطلاق محاولتين انقلابيتين إضافيتين في 17 ديسمبر و25 ديسمبر 2013 تحت غطاء تحقيقات الكسب غير المشروع، بالإضافة إلى المحاكمات الزائفة التي شنت ضد خصوم تلك الجماعة باستخدام أدلة غير قانونية ومزيفة وتهم ملفقة.
ولا تزال الولايات المتحدة تمثل المعقل الرئيسي لنشاط التظيم الإرهابي، حيث تدير الجماعة المظلمة المئات من المدارس المستقلة والشركات التابعة لها، مما يوفر تأشيرات إقامة وتنقل وفرص عمل لآلاف من أتباعها. ويعيش غولن إلى الآن في منفى اختياري في مجمع منعزل في ولاية بنسلفانيا الأمريكية منذ عام 1999.
تدير المجموعة الإرهابية 140 مدرسة مرخصة في 26 ولاية مختلفة ضمن الولايات المتحدة، ومعظم هذه المدارس كانت قد افتتحت في أواخر التسعينيات وبداية العقد الأول من القرن الحالي، وقام بعض منها بتغيير أسمائها مع مرور الوقت. ويدرس في هذه المدارس ما يقارب مجموعه من 60.000 طالب سنويا. وعادة ما يتم جمع هذه المدارس في إطار منظمات وتدار من خلال المؤسسات. فعلى سبيل المثال، تم جمع 46 مدرسة تحت مظلة مؤسسة "هارموني" في ولاية تكساس، و30 مدرسة أخرى يطلق على المؤسسة الجامعة لها اسم "المفهوم" في ولاية أوهايو وحولها. بينما يطلق على البعض الآخر مؤسسة "ماغنوليا".
بعد فترة طويلة من إطلاق أنشطة التظيم الارهابي بشكل مريح في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ضاعف المسؤولون الأتراك مؤخرا الضغط على واشنطن لتسريع التحقيق في قضية غولن والتحقيق في أنشطة التظيم الإرهابي. وقد بدأت بالفعل بعض التحركات الصغيرة في هذا الاتجاه.
وقال وزير الخارجية مولود تشاويش أوغلو الشهر الماضي إن مكتب التحقيقات الفيدرالي بدأ التحقيق في شبكة غولن في الولايات المتحدة في 15 ولاية، خاصة المدارس المستقلة، وقام بالفعل باعتقالات في نيوجيرسي. وأضاف أن تركيا طالبت بتسليم 84 شخصًا مرتبطين بـالمنظمة الارهابية في محادثات مع الولايات المتحدة.
كما سعت تركيا إلى توقيف وقائي لإبقاء غولن في الولايات المتحدة بعد ظهور تقارير تفيد بأن الزعيم الإرهابي كان يخطط للهروب إلى بلد آخر.
في حين تقول أنقرة إن الأدلة تشير إلى أن شبكة غولن شكلت شبه دولة داخل الحكومة التركية وحاولت إسقاطها بقصد الاستيلاء النهائي على الدولة من خلال الانقلاب، فإن الولايات المتحدة لا تزال مترددة في تسليمه، بحجة أنه لا يوجد دليل كاف على ذلك. ولا يزال التردد في ربط أنشطة التنظيم الارهابي بمحاولة انقلاب 15 يوليو 2016؛ يشكل شرخاً عميقاً في العلاقات بين البلدين.
على الرغم من جهود أنقرة الحثيثة، لم تتخذ إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أي إجراء ضد الزعيم الإرهابي المقيم في الولايات المتحدة. وفي ظل الظروف العادية، كان ينبغي أن يكون غولن قد اعتقل بالفعل منذ أن أصدرت السلطات التركية طلبًا رسميًا لتسليمه بموجب معاهدة 1979 بين الولايات المتحدة وتركيا. وكان وزير العدل السابق "بكير بوزداغ" قد زار الولايات المتحدة عدة مرات للإسراع في العملية القانونية والتقى مع السلطات الأمريكية، بما في ذلك المدعي العام الأمريكي السابق "جيف سيسيونز". ومع ذلك، لم يتم اتخاذ خطوات رسمية بشأن هذه القضية حتى الآن.