منبج كانت مولداً رئيسياً للخلاف بين أنقرة وواشنطن.. فهل ينطلق منها الحل؟
- إبراهيم العلبي, إسطنبول
- Mar 12, 2018
شكلت مدينة منبج السورية أحد أهم محاور الخلافات التركية – الأمريكية المتفاقمة خلال العامين الماضيين، ويبدو أنها ستكون أحد أبرز أسباب عودة الدفء، ولو مؤقتاً، إلى العلاقات بين البلدين.
ولا يزال استمرار سيطرة تنظيم "ي ب ك" التابع لتنظيم "بي كا كا" الإرهابيين على مدينة منبج، شمال شرق محافظة حلب، منذ عام 2016 مصدراً للتوتر بين تركيا والولايات المتحدة، التي نكثت بالوعود التي قطعتها بإخراج هؤلاء إلى شرق الفرات بعد الانتهاء من تطهير منبج من داعش.
وعبر المسؤولون الأتراك مراراً عن عدم ثقتهم بالوعود التي يقطعها لهم نظراؤهم الأمريكيون، وخاصة بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون ومستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر إلى أنقرة، ولقاء وزيري الدفاع الأمريكي والتركي في بروكسل في شباط/ فبراير الماضي، وهي اللقاءات التي حاولت واشنطن من خلالها تخفيف الغضب التركي.
تمخضت جولة اللقاءات المكثفة بين الجانبين عن اتفاق على تشكيل لجان فنية لبحث المواضيع الخلافية ووضع حلول لها، واجتمعت بالفعل اللجنة الفنية المعنية بالملف السوري الخميس والجمعة الماضيين، في ظل أجواء إيجابية، وفق ما ذكرت المصادر التركية.
وبالتزامن مع هذا الاجتماع، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، عن اتفاق تركيا مع الولايات المتحدة على تحقيق الاستقرار في مدينة منبج ومدن شرق نهر الفرات، في سوريا.
وقال تشاوش أوغلو، في حديث لصحيفة "دي تسايت" الألمانية: "أسسنا مجموعة عمل من أجل هذا الأمر، وفي 19 مارس (آذار الجاري) سألتقي وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون"، مضيفاً "نأمل أن تتوقف الولايات المتحدة عن تقديم الدعم للمنظمات الإرهابية".
ورغم أن الوزير التركي لم يكشف مزيداً من التفاصيل حول طبيعة مضمون الاتفاق، فإن تصريحاته تنم عن نبرة تفاؤلية إزاء التعهدات الأمريكية الجديدة.
أما صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فقد تحدثت عما يدور داخل الأروقة الدبلوماسية من نقاشات ذات صلة بالاتفاق حول منبج ومصير تنظيم "ي ب ك" الإرهابي هناك، وذلك نقلاً عن مسؤولين أتراك وأمريكيين فضلوا عدم الكشف عن هويتهم.
وقالت الصحيفة في تقرير لها إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغت الحكومة التركية أنها ستتحرك لكبح مقاتلي "ي ب ك" في شمال سوريا، ونقلت الصحيفة عن مسؤول تركي بارز قوله إن الخطوة الأولى و"النقطة الأساسية في المسألة" هي سحب الإرهابيين من مدينة منبج السورية ونقلهم إلى منطقة شرق نهر الفرات.
ولم يحدد المسؤولون وقتاً زمنياً لنقل مقاتلي "ي ب ك" الإرهابي من منبج إلى مواقع في شرق نهر الفرات على بعد 20 ميلاً، ولم يحددوا الوسيلة التي سيجري بها تنفيذ ذلك.
لكن المسؤولين أكدوا أنَّ الأمر ستُناقشه اللجان الفنية المشتركة التي شكلتها حديثاً الحكومتان الأمريكية والتركية، وقد عقدت جلسة المناقشات الأولى يومي الخميس والجمعة الماضيين في واشنطن.
ووفقاً لمسؤولين أميركيين وأتراك كبار تحدثوا عن التقارب بين الجانبين الذي لا يزال هشاً فإنَّ إمكانية التوصل لاتفاق بشأن منبج على الأقل هدّأت الأجواء مؤقتاً.
وقال مسؤول تركي كبير آخر إنَّ الاجتماعات التي بدأت الأسبوع الماضي، والتي من المقرر أن تتواصل في العاصمتين على مدار الشهور المقبلة، ستتعامل مع مجموعة من القضايا الخلافية، بما في ذلك معارضة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للخُطط التركية الهادفة لشراء نظام صواريخ أرض- جو روسي.
وقال المسؤول التركي: "الأميركيون أصبحوا يتفهمون مخاوفنا بوضوحٍ أكبر" بعد سلسلة اللقاءات الأخيرة بين الجانبين، إلا أن مسؤولاً كبيراً في إدارة ترامب عبر عن ارتيابه من قدرة الولايات المتحدة على إقناع إرهابيي "ي ب ك" بالانسحاب.
وقال المسؤول: "كثيرٌ من قدرتنا على المضي قدماً (في علاقتنا مع تركيا) سيعتمد على ذلك، لأنَّنا قدمنا تعهداً للأتراك، وسيُطالبوننا بتنفيذه". ونظير تعهد الولايات المتحدة الأصلي بإخلاء منبج من "ي ب ك" سمحت تركيا للمقاتلات الحربية الأميركية بمواصلة استخدام قاعدة إنجرليك الجوية لشن ضرباتٍ جوية على أهدافٍ لـ"داعش" في سوريا.
وتحدث مسؤولٌ أميركي عن الميليشيات قائلاً: "الأمر صعب بالنسبة لنا، لأنَّنا أمضينا سنواتٍ كثيرة مع أولئك الرجال.. على الأخص فيما يتعلق بمقاتلينا (الأميركيين)، فقد أقمنا بشكلٍ كبير علاقاتٍ شخصية عميقة، ولا يريد أحد أن يراها تتلاشى".
إلا أنَّه يبدو أنَّ مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين أميركيين كبار ممن وصفوا الشراكة مع تركيا بأنَّها حيوية قد توصلوا، وفقاً لواشنطن بوست، إلى أنَّهم لم يعودوا قادرين على الاستمرار أكثر من ذلك في تجاهل شكاوى حليفٍ مهم كتركيا.