في تحول لافت في مسار التحقيقات الأمريكية المتعلقة بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لصالح الرئيس دونالد ترامب، وسع المستشار الخاص روبرت مولر الذي يشرف على التحقيقات عمله ليشمل الإمارات إلى جانب روسيا، على ما كشفته الصحف الأمريكية خلال الأيام القليلة الماضية.
وبموجب المعلومات الجديدة، فإن مولر يشتبه بقيام أبوظبي بضخ أموال لدعم حملة ترامب الانتخابية، بالتنسيق معه، في محاولة لشراء نفوذ سياسي في أوساط صناع القرار الجديد في واشنطن.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يُكشف فيها عن محاولات إماراتية لشراء نفوذ سياسي في الدول العظمى عبر طرق غير مشروعة، والمساهمة في تدبير الانقلابات العسكرية في دول عديدة بالشرق الأوسط، كما أنها متهمة ضمنياً بالتآمر مع تنظيم غولن الإرهابي في تدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا عام 2016.
وتدور التحقيقات بشأن التدخل الإماراتي المحتمل في انتخابات عام 2016 حول رجلي أعمال أمريكيين، هما جورج نادر وإليوت برويدي.
مستشار ابن زايد
ويحمل جورج نادر صفة مستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للإمارات حالياً، وتقول الصحف الأمريكية إنه زار البيت الأبيض كثيراً بعد فترة قصيرة من انتخاب ترامب رئيساً، والتقى مرات عدة كلاً من ستيف بانون، كبير مستشاري ترامب السابق، ومستشاره الحالي وصهره جاريد كوشنر.
وركزت اجتماعات نادر مع مسؤولي البيت الأبيض على السياسات الأمريكية تجاه دول الخليج قبل أول زيارة خارجية لترامب منذ تولي رئاسته إلى السعودية في مايو/ أيار عام 2017، والتي تبعها اندلاع الأزمة الخليجية وقيام الإمارات والسعودية والبحرين ومصر بمقاطعة قطر وتهديدها بقلب النظام في الدوحة.
وحقق فريق مولر خلال الأسابيع الماضية، وفقاً لنيويورك تايمز، مع نادر، بالإضافة إلى شهود آخرين وضغطوا على الشهود من أجل الحصول على معلومات حول دور الإمارات في الانتخابات الأمريكية.
ترأس نادر في التسعينيات مجلة غريبة في واشنطن، اسمها "ميديل إيست إنسايتس"، وفرت في بعض الأحيان منصة للمسؤولين العرب والإسرائيليين والإيرانيين للتعبير عن رؤاهم لجمهور واشنطن.
ممول ترامب
أما إليوت برويدي، فهو رجل أعمال أمريكي وأحد أكبر ممولي حملة ترامب الانتخابية، في الوقت الذي يعد أحد رجال الأعمال المقربين من الإمارات، إذ إنه يدير شركة أمنية خاصة لها عقود مع الإمارات تقدر قيمتها بمئات ملايين الدولارات، وفقاً لشبكة فوكس نيوز.
وكشفت "نيويورك تايمز" أن برويدي، الذي نظم العديد من البرامج بهدف تحقيق دعم مادي كبير لحملات ترامب، سلم تقريراً مفصلاً عن بعض المقابلات السرية الخاصة، لجورج نادر.
وفي أحدث حلقات الفضيحة الإماراتية، كشفت رسائل بريد إلكتروني مسربة أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، الاثنين، أنها حصلت عليها، محاولات رجل الأعمال برويدي الضغط على الرئيس دونالد ترمب لإقالة وزير خارجيته ريكس تيلرسون، بسبب موقف الأخير غير الداعم لأبو ظبي في حملتها ضد قطر.
وأفادت إحدى الرسائل البريدية أن رجل الأعمال المقرب من الإمارات، إليوت برويدي اجتمع مع ترامب في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، وحاول إقناعه بضرورة إقالة تيلرسون.
ووصف برويدي، في إحدى رسائل البريد الإلكتروني، تيلرسون بلعبة "برج جيلو" وأنه شخصية "ضعيفة".
دعم سياسات الإمارات
وكشفت مجلة "ذا ويك" عن أن برويدي كان يحث ترامب على اجتماع "غير رسمي" مع محمد بن زايد، ودعم سياسات الإمارات في المنطقة، بالتوازي مع طلبه إقالة تيلرسون.
ويكشف رد فعل الإمارات عن ارتباك إزاء التسريبات والموقف المحرج الذي وجدت نفسها فيه مع توجه التحقيقات التي يقودها مولر رسمياً إلى الدور الذي لعبته في دعم ترامب مالياً للوصول إلى البيت الأبيض، وأيضاً في مدى توجيهها لسياسات الأخير من خلال لقاءات جورج نادر ونفوذ إليوت برويدي أحد أكبر ممولي ترامب وداعمي حملته الانتخابية.
ففي أول رد فعل لها على هذه الأنباء، اكتفى سفير أبو ظبي في واشنطن، يوسف العتيبة، بإجابة "لا تعليق" على سؤال لشبكة سي إن إن حول تقرير نيويورك تايمز.
وبعد محاولات للاتصال بنادر هاتفياً، قال الأخير إنه سيعاود الاتصال لكن لم يرد هو أو محاميه على طلب نيويورك تايمز بالحصول على تعليق، وفقاً لما ذكرته الصحيفة.