تفرش موريتانيا بساطها الأحمر استعدادا لاستقبال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في زيارته الأولى إلى البلاد، ضمن جولة تشمل عدة دول إفريقية.
ويزور أردوغان موريتانيا اليوم الأربعاء، في إطار جولة تشمل أيضا الجزائر ومالي والسنغال، وتبدأ في 26 من الشهر الجاري.
وعلى ضوء الزيارة، أعلن المتحدث باسم الحكومة الموريتانية، وزير الثقافة محمد الأمين ولد الشيخ، اتخاذ كافة الترتيبات لإنجاح الزيارة "التاريخية".
وفي هذه الزيارة يتطلع البلدان لفتح صفحة جديدة من التعاون في شتى المجالات الاقتصادية والثقافية، من أجل تعزيز وتطوير علاقتهما الثنائية.
**علاقات متجذّرة
والعلاقات بين البلدين متجذّرة تعود إلى عهد الدولة العثمانية، حيث هاجر العديد منهم الموريتانيين الذين كانوا يعرفون حينها بالشناقطة، إلى مدينة أضنة التركية.
هجرة هؤلاء إلى تركيا شكلت تواصلا ثقافيا واقتصاديا بين البلدين، ظل قائما بفعل العلاقة الوجدانية بين الشعبين.
العلاقات الحديثة بينهما، شهدت قفزة نوعية خلال السنوات السبع الماضية، لا سيما بعد فتح أنقرة سفارتها في نواكشوط سنة 2010.
وخلال الزيارة التي أجراها الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، إلى أنقرة عام 2011، شهدت علاقات البلدين مسارا جديدا.
ففي تلك الزيارة أعلن ولد عبد العزيز "أن بلاده تتطلع لشراكة إستراتيجية مع تركيا"، وهو الهدف الذي تبحثه الزيارة القريبة للرئيس التركي.
وشدد حينها على أن موريتانيا "إذا كانت بلدا فقيرا فإنها في نفس الوقت بلد غني بموارده المتعددة وغير المستغلة بما في ذلك المعادن".
ولفت ولد عبد العزيز أيضاً إلى أن هذه "الثروات إذا كان بعضها مستغلا، فإنه لا يعود بالنفع على البلد لغياب التطوير ونقص الخبرة والاستثمار".
وقال إن "هذا ما يمكن أن نجده لدى إخواننا الأتراك الذين يمتلكون تجربة كبيرة، مكنتهم من الوصول إلى مرحلة متقدمة من النمو، نستطيع الاستفادة منها".
**اتفاقيات وتبادل
ومنذ ذلك الحين بدأت الزيارات المتبادلة لرجال الأعمال من البلدين.
كما تم التوقيع بعدها على اتفاقية تقضي بإنشاء مجلس لرجال الأعمال الموريتانيين والأتراك، لتأطير مشاريع التعاون المشترك.
وعقد هذا المجلس أولى جلساته عام 2015، في العاصمة الموريتانية نواكشوط.
ولا تتوافر أرقام رسمية جديدة عن حجم التبادل التجاري بين البلدين، غير أن مجالات التعاون الاقتصادي بينهما شهدت تطورا ملحوظا في الفترة الأخيرة.
التعاون هذا شمل المجالات الفنية والعلمية، والتدريب المهني والشؤون الاجتماعية، والمياه وحماية الموارد الطبيعية، من خلال اتفاقيات أُبرمت بين الجانبين.
ويرتبط البلدان باتفاقية لإنشاء المؤسسات الصناعية والتجارية برؤوس أموال مشتركة، وتبادل الخبرات وتوفير المنح التدريبية.
كما توجد اتفاقيات خاصة بتنظيم الرحلات الدراسية والمعارض، وإقامة مشاريع مشتركة في مجالات السياحة والصناعة التقليدية.
وفي 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن وزير الاقتصاد التركي، نهاد زيبكجي، الاستعداد لتفعيل اتفاقيات وقعتها اللجنة المشتركة بين البلدين في 2005.
**مجالات متعددة
ويعد مجال التعليم أحد أبرز أوجه التعاون بين البلدين، إذ أصبحت الجامعات التركية الوجهة المفضلة للطلاب الموريتانيين.
وفي 18 سبتمبر/أيلول الماضي، تسلّم وقف المعارف التركي رسميا، إدارة مدارس تابعة لمنظمة "فتح الله غولن" الإرهابية، التي كانت تنشط في موريتانيا.
وفي تصريحات سابقة للسفير التركي لدى نواكشوط، محمد بيلير، قال إن مدارس وقف المعارف ستحدث ثورة تعليمية بموريتانيا خلال المرحلة القادمة.
ولفت بيلير إلى أن الأنشطة التدريسية للوقف ستُساهم في تعزيز العلاقات والروابط بين الشعبين التركي والموريتاني.
أمّا في المجال السياسي، فيرتبط البلدان باتفاقية لعقد مشاورات بشكل منتظم، من أجل تنسيق جهودهما وتبادل الآراء حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.
واحتضنت نواكشوط منتصف عام 2016، اجتماعات الدورة الثانية للمشاورات السياسية المنتظمة بين البلدين.
وتعول موريتانيا على موقعها الجغرافي في القارة الإفريقية، إذ تعتبر بوابة إستراتيجية لسوق يزيد تعداد سكانها عن 300 مليون نسمة (دول غرب إفريقيا).
كما تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع تركيا ورفع تعاونها الاقتصادي والسياسي مع أنقرة، عبر هذه البوابة.