منذ أن تولى الرئيس الفرنسي الشاب الحكم في فرنسا، خطى خطوات هامة على الصعيد الدولي وكان من الذين وقفوا بقوة ضد قرار إدارة ترامب حول القدس كما عارضت فرنسا سياسة ترامب غير المسؤولة تجاه إيران، مما جعلها محط احترام المجتمع الدولي.
وفي زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لفرنسا الأسبوع الماضي، شدد أردوغان على أن بوسع فرنسا أن تحل محل الولايات المتحدة كشريك إستراتيجي في الشرق الأوسط وسائر العالم.
وقد شجعت مواقف الحكومة الفرنسية الأخيرة على الصعيد الدولي تركيا على تعزيز تعاونها مع باريس في مجال الطيران المدني والعسكري. وعلاوة على ما أثبتته فرنسا من تقدم في المجال التكنولوجي وعلى الصعيد السياسي، فضلت تركيا شركة إيرباص على الشركات الأمريكية المنافسة، فوقعت اتفاقيات مع يوروسام الفرنسية الإيطالية بدل بوينغ الأمريكية.
وكان ذلك نتيجة السياسة الأمريكية المدللة والمستهترة. معلوم أن أي عملية شراء معدات عسكرية تؤدي إلى تعاون سياسي على مستويات عليا بين البلدين. ويبدو جلياً أن تركيا تبحث عن شركاء إستراتيجيين وحلفاء جدد، بقدر فقدانها للثقة بالولايات المتحدة.
وفرنسا تبذل جهوداً دؤوبة منذ أشهر لشغل فراغ السلطة الذي تركته الولايات المتحدة وراءها. ومؤخراً، لعب الرئيس الفرنسي دوراً كبيراً في إبقاء رئيس الوزراء اللبناني في منصبه وفي بلده. ومن بديهي القول إن بوسع تركيا وفرنسا معاً إنجاز العديد من الأمور في عدة قضايا دولية إن عملا سوية.
على صعيد الأزمة السورية، على الحكومة الفرنسية بذل المزيد من الجهد وتولي دوراً أكبر في محادثات أستانا، بدعم من تركيا. كما أن بوسع الرئيس ماكرون أن يحدث فرقاً إن استجاب لدعوة الرئيس أردوغان في طلبه من منظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأوروبي للعب دور الوسيط في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.
لا بد من تدعيم الشراكة الاقتصادية المتنامية بين البلدين بالتزام سياسي واجتماعي أقوى على جميع الصعد. ومن المهم بمكان تنمية العلاقات الطيبة بين الزعيمين وتنويعها.
ولا بد للعلاقات التركية مع فرنسا أن تساهم في تحسين العلاقات التركية مع الاتحاد الأوروبي. على الحكومة الفرنسية إيلاء أهمية خاصة لهذا الموضوع.
كما أن تمتين العلاقات من فرنسا لأمر جيد لتركيا. فالتقارب التركي الفرنسي والتركي الألماني، إضافة إلى الجهود المبذولة مع روسيا لمواجهة الأزمات في المنطقة وتعزيز الروابط السياسية والتجارية مع إيران، كل ذلك سيجعل من تركيا أكثر حضوراً على الصعيد الدولي. ولا بد من الاستمرار في هذا الاتجاه.
لا بد للسياسة الخارجية التركية أن تستمر في التركيز على تنويع حلفائها. بات واضحاً أن شراكة تركيا من طرف واحد مع الولايات المتحدة قد أضر بها وبمصالحها وأن تلك الشراكة قد انتهت نظراً إلى تصرفات واشنطن العدائية.
ولا يحتاج السياسيون الأتراك بعد الآن بذل مجهود إضافي لتمتين علاقات أنقرة مع الولايات المتحدة.
لقد ساهم الاستقرار الداخلي التركي والعلاقات الثنائية مع القوى الكبرى في المنطقة في اضمحلال أهمية الولايات المتحدة لتركيا.