​المرزوقي: المنطقة ستبقى في قلاقل للـ20 عاماً المقبلة

ديلي صباح ووكالات
اسطنبول
نشر في 10.10.2016 00:00
آخر تحديث في 10.10.2016 13:40
​المرزوقي:  المنطقة ستبقى في قلاقل للـ20 عاماً المقبلة

تمنى الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي على الأتراك حكومة وشعباً مواصلة استضافة اللاجئين السوريين في ظل غياب وفاء الأوروبيبن بالتزاماتهم لأنقرة، مشدداً على أن ما شهدته البلاد من محاولة انقلاب فاشلة الصيف الماضي يعد "انتصاراً للربيع العربي".


أما العالم العربي فهو "في مرحلة عدم استقرار قد تدوم 10 أو 20 سنة قبل أن يتم بناء نظام سياسي عربي جديد"،

هكذا قال المرزوقي عند حديثه عن المنطقة وما تشهده من تغيرات متسارعة على الأرض، ضمن جملة من الملفات طرحتها الأناضول على طاولة الرئيس التونسي السابق والمفكر العربي، في حوار خاص معه على هامش مشاركته في "منتدى الشرق.. ملتقى اسطنبول 2016"، الذي احضنته مدينة اسطنبول على مدار اليومين الماضيين، تحت عنوان "تصور لنظام الشرق الأوسط بعد فترة الأزمة".

المرزوقي تطرق خلال الحوار أيضاً إلى عملية "درع الفرات" التي أطلقتها تركيا في أغسطس/آب الماضي، لدعم الجيش السوري الحر لتطهير مدينة جرابلس شمالي سوريا والمنطقة الحدودية من المنظمات الإرهابية، وخاصة تنظيم "دعش" الذي يستهدف الدولة التركية ومواطنيها الأبرياء، واصقا هذه العملية بأنها "نموذج" للعالم في حمالة المدنيين.

على الصعيد المغربي، رأى أن حزب "العدالة والتنمية" أثبت بفوزه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بأكثرية عدد المقاعد أن "الشعوب العربية تريد الإصلاح".

جزائرياً، شدد أنه على فرنسا الاعتذار عما اقترفته بحق هذا البلد، وذلك في رده على سؤال حول موقفه إزاء ما كُشف عنه مؤخراً من وجود 18 ألف جمجمة محفوظة بمتحف "الإنسان" في باريس، من ضمنهم 36 قائداً من المقاومة الجزائرية قُتلوا ثم قُطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي أواخر القرن الـ 19.

الحـــــــــــوار:

* بداية، وقعت محاولة انقلاب فاشلة في تركيا، منتصف شهر يوليو/تموز الماضي، كيف تقيمون هذه المحاولة الفاشلة على الديمقراطية؟

- ما شهدناه في هذه المحاولة الانقلابية، هو دور الشعب التركي الذي أظهر أنه فعلاً شعب عظيم لأنه حمى نظامه؛ وقد تابعنا التحام الشعب بالنظام وبالرئيس رجب طيب أردوغان، هذا هو الحدث الإيجابي الكبير.

أما الحدث الإيجابي الثاني، فقد اكتشفنا أن القوى التي تآمرت على الربيع العربي هي نفسها التي تآمرت على النظام التركي، وهزيمتها في تركيا ستقود لبداية هزيمتها في البلدان العربية الأخرى.

والذي استرعى انتباهي هو الموقف الملتبس لبعض البلدان الأوروبية التي ربما كانت تفضل انقلاباً عسكرياً يؤدي إلى نظام فاشي على وجود نظام ديمقراطي في دولة إسلامية، وهذا أمر غريب.

أيضاً، هذا الانقلاب كشف عن من هم أصدقاء تركيا الحقيقيين ومن هم أعدائها، وأنا أعتبر تركيا خرجت أكثر قوة من هذا الانقلاب الفاشل، وهي الآن في أوج قوتها، وأوج مكانتها في العالم، وهذا يعطينا دفعة كبيرة لنا نحن أنصار الربيع العربي، على اعتبار أن هذا الانتصار هو لنا.

* الدولة التركية تستضيف أكثر من 3 مليون سوري رغم عدم وفاء أوروبا بالتزاماتها تجاه دعم هؤلاء اللاجئين، من وجهة نظركم ماذا يتوجب على تركيا فعله تجاه ضيوفها؟

- أولاً كعربي، نحن مدينون لتركيا لأنها استضافت هذا العدد الهائل من العرب، ومنذ 6 أشهر ذهبت برفقة مجموعة من المثقفين العرب إلى مدينة غازي عنتاب وتوجهنا بنداء إلى الدول العربية لاستضافة اللاجئين، لكنه بقي دون إجابة لأن أغلب هذه البلدان محكومة بديكتاتوريات وليست مستعدة للتضحيات. كل ما أتمناه من الإخوة الأتراك برحابة صدرهم أن يواصلوا استضافتهم وأن تعمل الدولة التركية كل ما في وسعها إلى أن تحل المشكلة السورية ويعود اللاجئون النازحون إلى بلدانهم.

* ما تقييمكم لعملية "درع الفرات" التي أطلقتها تركيا دعماً لقوات الجيش السوري الحر، وقد نجحت في تحرير المدينة ومناطق مجاورة لها، وأيضاً عودة النازحين السوريين إلى مناطقهم؟

- أعتبر كل ما يشكل حماية للمدنيين في هذه المناطق أمراً إيجابياً، وكنا منذ سنوات نتمى أن تكون منطقة عازلة لتحمي المدنيين من هذه المصيبة، آن الأوان للعالم أن يتجمع على الأقل حول حماية المدنيين في هذه المنطقة، وتركيا أعطت مثالاً لذلك.

* بالنسبة للوضع العربي العام، كيف ترون غياب أي تفاعل حقيقي من الشعوب تجاه قضايا ملحة، على سبيل المثال ما يقع في حلب السورية، حيث غابت الاحتجاجات والمظاهرات التي كانت عامل ضغط ولو على استحياء؟

- الشعوب كلها متضامنة مع حلب، لكن حجم المآسي في البلدان العربية جعلت كل القضايا تتراجع، حتى قضية فلسطين؛ فاليوم غزة تحت الحصار لكن لا أحد يتظاهر، رغم أنه في السابق كنا نرى المظاهرات والوقفات الاحتجاجية الشعبية، هذا لا يدل على أن ليس هناك لا مبالاة، هناك غضب يتجمع ويمكن أن ينفجر في أي لحظة، وفي كل الميادين.

* كيف تستشرفون حالة الانقسام الحادة بين شعوب العالم العربي، هل لا تزال أمامنا سنين أو عقود لنصل إلى استقرار سياسي؟

- للأسف، ما يحدث الآن في العالم العربي هو ما وقع في الصين في القرن 19، ووقع في أوروبا ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية؛ هو انهيار النظام السياسي والاقتصادي وانهيار للنظام العربي ككل ومنها الجامعة العربية، إنه مثل زلزال يهدم حياً بكامله، وهذه الزلازل مستمرة وسندخل مرحلة عدم استقرار قد تدوم 10 أو 20 سنة، ثم على أساسها سيبنى نظام سياسي عربي جديد.

أغلب الدول غير المستقلة فقدت الآن استقلالها الحقيقي، والكثير من الدول في حالة فشل اقتصادي واجتماعي، وهذا كله نتيجة الاختيارات 50 سنة السابقة، وسبب هذا كله النظام السياسي العربي المستبد الفاسد. نحن نؤدي ثمن هذه الخيارات لكن البدائل موجودة، الثورة العربية في بدايتها ستتكرر، إلى أن نعيد صياغة هذه المجموعة. وأعتقد أنه بعد 30 أو 50 سنة ستصبح مثل الصين أو مثل أوروبا، أي قوة جماعية كبرى، لكن نحن الآن في مرحلة الخراب والسقوط في انتظار أن نعود إلى بناء نظام جديد.

* رشّح مجلس الأمن الدولي، البرتغالي "أنطونيو غوتيريس"، لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة خلفاً لبان كي مون، هذا المجلس الذي قال عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن العالم أكبر من 5 دول، ما رأيكم في مجلس الأمن؟

- صحيح؛ يجب إعادة صياغة مجلس الأمن تماماً لأنه لا توجد فعلاً ضرورة لأن تقرر 5 دول فقط مصير العالم، خاصة أن هذا المجلس يضم دولتين من الحجم المتوسط، ولا يوجد فيه دولة مثل الهند والبرازيل وتركيا واليابان، أودولة تمثل قارة إفريقيا، أو دولة عربية تمثل المجموعة العربية، وهذا حسب رأيي سيكون ضروريا في السنوات المقبلة، لأن مجلس الأمن إن لم يمثل العالم، سيكون مخلباً للدول المهيمنة.

* ما تعليقكم على قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الأمريكي المعروف اختصارًا باسم "جاستا"، الذي يسمح لعائلات ضحايا 11 سبتمبر/ أيلول، بمقاضاة السعودية؟

- هذا القانون غير قانوني وغير أخلاقي، في القانون ما يعرف ب"المسؤولية الجماعية" غير موجود، أن تتوجه ضد شعب بأكملة برجاله ونسائه وأطفاله، وتعتبره ضالعاً في جريمة هو لادخل له فيها، هذه الدولة ارتكبت جرماً في العراق، لم يقل أحدا إن 300 مليون أمريكي هو المسؤول عن تدمير العراق، عملية عنجهية، أتضامن مع الشعب والدولة السعودية ضد هذا القانون المخجل.