كشف المحامي الدولي المتعاقد مع الحكومة التركية للتحقيق في أنشطة "فتح الله غولن" وتنظيمه الإرهابي، عن اختراق هذا الأخير لسياسات محلية وفدرالية وقوانين في الولايات المتحدة، متوقعاً في ذات الوقت أن تستغرق قضية تسليمه وقتاً قبل أن تضطر واشنطن لذلك في نهاية المطاف.
وقال المحامي روبرت أمستردام في لقاء خاص مع "الأناضول" بشأن التنظيم المتهم بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة إن تحقيقاته كشفت عن وجود شبكة من المنظمات المتصلة بالزعيم الإرهابي والحكومة الأمريكية تعمل على "تبادل الأموال" و"التأثير السياسي".
وأضاف أمستردام أن "القصة التي يصعب على الناس فهمها هي أن يقوم "إمام" دون علم الولايات المتحدة باختراق السياسات المحلية والفدرالية للدولة بهذا الشكل".
واستدرك: "يبدو الأمر غريباً وغير قابل للتصديق. علي الآن أن أفكر بأن لغولن "أخ أكبر" يقوم بمساعدته وإرشاده، لأنه بغير ذلك فالأمر ليس منطقياً".
وتابع: "من المهم جدأ أن يدرك الأتراك أن قضية غولن فريدة من نوعها. وأنه من الصعب جداً بالنسبة للغربيين أن يفهموها، الأمر الذي سيتطلب صبراً ووقتاً طويلاً حتى يتمكنوا من رؤية حقيقة تنظيم غولن كمنظمة إجرامية مسؤولة عن الإرهاب الجاري".
وقد راح ضحية محاولة انقلاب 15 يوليو/تموز 240 شهيداً وقرابة 2200 جريحاً، الأمر الذي وصفه أمستردام بـ"العمل الإرهابي الصريح"، مشيراً إلى أن توقيع كل من الولايات المتحدة وتركيا على معاهدات دولية لمكافحة الإرهاب، كفيل بجلب "غولن" للمثول أمام المحاكم في تركيا.
فيما يتعلق بقضية تسليم الولايات المتحدة غلون إلى الحكومة التركية، قال: "إن قضية تسليمه ستستغرق وقتاً، لكن واشنطن ستضطر لتسليمه في نهاية المطاف".
وعبر المحامي أمستردام عن ثقته بأن الدبلوماسية بين واشنطن وأنقرة ستتوصل إلى تفاهم إيجابي في نهاية المطاف: "لقد عبرت الولايات المتحدة عن رغبتها بالتعاون البناء بشأن قضية غولن، وأعتقد بأن على الدبلوماسية أن تأخذ مجراها بين الطرفين".
ممارسة الاحتيال:
وحول أنشطة غولن في أمريكا، قال أمستردام: "السيد غولن بارع في الاستيلاء على منظومة المدارس المستقلة في الولايات المتحدة، إذ تمكن من خلق تحالفات في هذا المجال مكنته من امتلاك لوبي قوي، فهو ليس وحده"، في إشارة إلى استقبال غولن المساعدة والتوجيه من طرف آخر.
وأشار المحامي الدولي أنه توصل خلال تحقيقاته إلى أن أكثر من 400 من أعضاء حكومة ولاية "إنديانا" الأمريكية قد شاركوا في رحلة إلى تركيا نظمها غولن، معلقاً على ذلك بالقول: "هذا أمر مذهل وصادم ويثير تساؤلات حول حجم الإمكانيات التي يمتلكها هذا الرجل وتنظيمه".
في مقال له في مجلة "فوربس" الأمريكية، أشار أمستردام إلى تفاصيل حول مخالفات مالية تقوم بها شبكة مدارس غولن المستقلة في كاليفورنيا وأوكلاهوما وغيرهما. وفي هذا الصدد لفت المحامي لـ"الأناضول" إلى وجود حوالي 6000 طالب يدرسون في مدارس غولن في مختلف الولايات الأمريكية، بينما تقدر العوائد المادية منها بـ500 مليون دولار، جزءٌ منها يستخدم لصالح التنظيم الإرهابي له.
يذكر بأن "المدارس المستقلة" تنتشر في الولايات المتحدة، وتخضع لبعض القواعد واللوائح والقوانين التي تطبق على المدارس عامة، لكنها تتمتع بمرونة أكبر من المدارس الأخرى.
ومن ممارسات الاحتيال الفاضحة التي يقوم بها التنظيم "انتهاك قانون الهجرة الأمريكي بشكل منظم لأكثر من عقد، بشكل إجرامي"، بحسب أمستردام، الذي أوضح أن التنظيم قام بعمليات توظيف برواتب تصل إلى 55 ألف دولار سنوياً حتى يتمكن من استخراج تأشيرات خاصة لعدد من المدرسين، لكن على هؤلاء الموظفين إعادة 15-20% من رواتبهم لغولن.
وعلاوة على المدارس والمؤسسات، أسس التنظيم الإرهابي شركات وهمية للقيام بـ"أعمال تجارية مشبوهة"، حققت إحداها عائدات بـ 18 مليون دولار في ولاية تكساس بالولايات المتحدة.
وذكر المحامي الدولي أن غولن لديه خطط تتعلق بالجيش الأمريكي، إلا أنه فضل عدم الحديث في تفاصيلها قبل التحقق منها بشكل كامل.
وقال إنه "من الضروري تعريف الناس بغولن، وعن خيانة هذه المنظمة للمبادئ التي تدعي تبنيها، وكيف اخترقت النظام السياسي في أمريكا من خلال حملة منح وعطايا هائلة للحصول على حصانة من المسائلة عن تصرفاتهم في الولايات المتحدة الأمريكية".
شعارات زائفة:
أمستردام، الذي يقف في العادة في صف المعارضين للحكومة التركية، قال إنه قبل القضية لأنه آمن بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته قد يتعرضوا للظلم في قضيتهم مع غولن المقيم في الولايات المتحدة.
وأضاف " لم يتم التعامل معه تركيا بشكل عادل لعقود، ولم تلق الاحترام الذي تستحقه. فكرت أنه قد يكون لي دور في الدفع نحو الاتجاه الصحيح، وذلك عن طريق فضح خطر غولن، الذي أعتبر بأنه يتبنى شعارات زائفة".
وعبر أمستردام عن اعتقاده بأن واشنطن قد اقترفت "خطأ جسيماً" بتأخيرها إدانة محاولة الانقلاب، لكنه رأى أن هذا "أمر غير كافٍ لاعتبار الولايات المتحدة متورطةً في المحاولة الفاشلة". وقال: "أوباما لن يقوم أبداً بدعم أي انقلاب، والشعب التركي يجب أن يدرك أن ما حدث لا يعتبر مؤشراً على وجهة النظر الأمريكية، إنما هو مؤشر على معاناة إدارة الرئيس الأمريكي من إرباك جراء مشاكل معقدة".
وانتقد المحامي الدولي التخبط في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن "الولايات المتحدة مدينة لتركيا التي تحاول الكشف عن الخطر الذي يهدد الأمريكيين أنفسهم"، في إشارة إلى تنظيم غولن الإرهابي.
وفي الأسابيع القادمة، سيقوم فريق مكتب أمستردام بالكشف عن نتائج التحقيقات حول غولن في ولايتي أوهايو وشيكاغو الأمريكيتين، وفي أواخر سبتمبر/أيلول سيصدر كتاباً عن تفاصيل أنشطة غولن الدولية.