ألغت المحكمة العليا التركية قرار محكمة الجزاء الثالثة عشر في اسطنبول ذات الصلاحيات الخاصة، المتعلق بوصف قضية أرغنكون على أنها "تنظيم إرهابي"، وهي الخلية التي اتهمها القضاء التركي سابقاً بمحاولة الانقلاب على الحكومة. وجاء إلغاء قرار المحكمة على خلفية رصد انتهاكات وقعت خلال التحقيقات في القضية، مما قد يشير إلى تلاعب الكيان الموازي الذي كان يسيطر ويتغلغل في سلكي القضاء والشرطة في مجريات التحقيق.
وأعلنت هيئة دائرة الجزاء السادسة عشرة في المحكمة العليا، المكلفة بالتحقيق في دعوة استئناف القضية، قرارها في جلسة بمقر المحكمة، بحضور بعض المتهمين بينهم رئيس حزب الوطن دوغو برينجك، والجنرالان المتقاعدان خورشيد طولون ونصرت تاشديلان، وغياب رئيس الأركان التركي الأسبق المتهم في القضية ذاتها، الجنرال "إيلكر باشبوغ". وقررت المحكمة إعادة النظر في القضية، على أن تنظر المحكمة الدستورية العليا في التهم الموجهة إلى رئيس الأركان التركي الأسبق إيلكر باشبوغ.
وقرأ رئيس دائرة الجزاء السادسة عشر في المحكمة العليا، أيوب يشيل، ملخص قرار المحكمة المؤلف من 231 صفحة، حيث سرد أسباب إلغاء قرار المحكمة، مشيراً إلى حدوث انتهاكات لمبادئ المحاكمة العادلة من قبل المحكمة المذكورة خلال فترات التحقيقات والمحاكمة وجمع الأدلة، لافتاً إلى أنهم قرروا عدم ارتباط القضية "بمنظمة إرهابية" لأسباب عديدة منها غموض تاريخ تأسيس المنظمة وجرائمها، وعدم الكشف عن بنيتها وزعيمها، بالإضافة إلى انتهاكات في سير تحقيقات القضية.
تجدر الإشارة إلى أن تاريخ قضية أرغنكون يعود إلى حزيران/يونيو من عام 2007، حيث اتهم القضاء التركي قيادات في الجيش التركي على رأسها رئيس الأركان التركي السابق الجنرال إيلكر باشبوغ، بمحاولة الانقلاب على الحكومة التركية برئاسة أردوغان.
واستمر النظر في القضية في المحكمة 6 أعوام وشهرين، قبل أن يتم البت فيها في عام 2013 بإصدار أحكام بالسجن المؤبد والأعمال الشاقة بحق كبار المتهمين.
وعلى إثر ذلك تقدم بعض المتهمين بطلبات شخصية لدى المحكمة الدستورية بسبب استغراق إصدار محكمة الجزاء الثالثة عشر في اسطنبول ذات الصلاحيات الخاصة قرارها لسبعة أشهر، حيث قضت المحكمة الدستورية بانتهاك حقوق المتهمين، وعليه أوكلت القضية لمحاكم أخرى نظرت في الطلبات وأفرجت عن المتهمين.
وجاءت إخلاءات السبيل بعد مصادقة البرلمان التركي على مقترح قانوني تقدمت به الحكومة لإلغاء المحاكم ذات الصلاحيات الخاصة (التي كانت تنظر في قضية أرغنيكون) بعد الكشف عن تغلغل الكيان الموازي في مؤسستي الأمن والقضاء، الأمر الذي اعتبر أنه يشكل طعناً في موضوعية ما يصدر عنها من قرارات.
ويرى محللون أن الكيان الموازي الذي يترأسه فتح الله كولن المطلوب قانونياً والمقيم في الولايات المتحدة، والذي يتهمه القضاء التركي بتشكيل "تنظيم إرهابي" للتغلغل في سلكي القضاء والشرطة، قد حاول من خلال التلاعب في قضية أرغنكون تصفية بعض خصومه والإطاحة بقيادة الجيش، مستغلاً القلق العام من تكرار الانقلابات العسكرية ضد الحكومات المنتخبة في تركيا. ويشير المحللون إلى احتمال أن تكون نية الكيان الموازي من إثارة قضية أرغنكون زعزعة الاستقرار في البلاد وإحلال قيادات أخرى موالية له في الجيش.