خيّمت حالة من اليأس والتفكك على عناصر تنظيم بي كا كا الإرهابي جراء العمليات التي تواصلها قوات الأمن والجيش التركية جنوبي شرق البلاد، إضافة إلى تجنب سكان المنطقة دعم التنظيم.
وتنعكس حالة اليأس والذعر التي يعانيها التنظيم من خلال قرارات "وقف إطلاق نار مزعومة"، تشير إلى رغبة التنظيم في السلام بغية تأمين قوة لوجيستية لها في الفترات التي تتلقى فيها ضربات قاسية، إضافة إلى المحادثات بين عناصر التنظيم التي ترصدها الجهات المختصة عبر أجهزة اللاسلكي.
ورصدت السلطات التركية ملامح التفكك في صفوف التنظيم الذي فقد أمله في الأرياف والمدن، من خلال محادثات "جميل باييّق" القيادي في بي كا كا عبر أجهزة اللاسلكي، حيث قال بايق في إحدى محادثاته: " لا تفشوا تفكك التنظيم من خلال مكالمات اللاسلكي، وقدموا صورة أنكم تواصلون المقاومة بكل بسالة، وكرروها مراراً، وانشروا ذلك مع وسائل الإعلام المقربة منا".
ووجه بايق الذي أصدر تعليمات لعناصر التنظيم بأن لا يتركوا جرحى خلفهم، وأن يقتلوهم لأنهم يعترفون بكل شيء، تنبيهات للإرهابيين بأن "يصطحبوا معهم عناصر تنظيم ي ب س (ذراع لها في المدن) الموثوقين إلى الأرياف"، قائلاً "أحرقوا وفجروا الأبنية قبل خروجكم منها، وفخخوا كل شيء حتى الخنادق التي تحفرونها، ولا تقيموا علاقات مع الشعب الخائن، عاقبوا من تقبضون عليه قبل خروجكم من المناطق".
ومن المتوقع أن يرتفع عدد عناصر التنظيم الذين يعلنون استسلامهم مع رؤيتهم الخسائر الجسيمة في صفوفهم، في حال استمرار العمليات ضدهم، وزيادة عدد الراغبين منهم في الاحتماء بالدولة بدل الموت.
إلى ذلك، لم يخضع سكان المنطقة لتهديدات بي كا كا بعد أن عاشوا حالة مستقرة في مناطقهم التي شهدت تطوراً في كافة المجالات جراء حالة السلام والاستقرار التي وفرتها مسيرة السلام الداخلي (الرامية لإنهاء الإرهاب وإيجاد حل جذري للمسألة الكردية، لكنها توقفت بعد استئناف تنظيم بي كا كا لأعمال العنف).
ولم يسمح السكان الذين فضلوا السلام والاستقرار للإرهابيين بالتغلغل والبقاء في أحيائهم السكنية، كما شهد حي "قينار تبه" في قضاء "باغلار" في ولاية دياربكر جنوبي شرق البلاد، حيث اضطر عناصر بي كا كا إلى مغادرة الحي في وقت قصير من دخوله جراء تدخل قوات الأمن التركية، فضلاً عن ردود أفعال سكان الحي المعارضة للإرهابيين.
وأسفرت الهجمات الإرهابية للتنظيم في مقتل العديد من المدنيين بينهم أطفال ورئيس نقابة محامي دياربكر "طاهر ألجي"، إذ بدأت إثر قيام قوات الأمن والجيش التركية بشن عمليات جوية وبرية ناجحة ومؤثرة داخل وخارج البلاد إستهدفت عناصر بي كا كا الساعين إلى زعزعة مناخ السلام والاستقرار.
وقد تلقى التنظيم الذي لم يتلقَ الدعم الشعبي أكبر ضربة له في تاريخه جراء العمليات التي تشنها عناصر الجيش والأمن التركية، حيث خابت آمال بعد إيلاء القوات التركية حساسية تجنب إلحاق أي اضرار بالمدنيين خلال عملياتها.
وأسفرت العمليات المشتركة للقوات التركية المدعومة بحراس القرى (عناصر محلية متعاقدة مع الدولة)، منذ تموز/ يوليو العام الماضي، عن مقتل 3 آلاف و765 إرهابياً وإصابة 604، والقبض على 664، فضلاً عن استسلام 596 آخرين.
وأوقفت السلطات التركية 11 ألفاً و331 شخصاً، خلال عمليات نفذتها في عموم البلاد منذ 24 تموز/ يوليو الماضي، ضد عناصر الذراع الشبابي للتنظيم، حيث صدر أمر اعتقال بحق 3 آلاف و661 منهم.
هذا واستشهد جراء هجمات بي كا كا الإرهابية 240 عسكرياً، و157 شرطياً و9 من حراس القرى في الفترة ما بين 7 تموز/ يوليو 2015، و17 نيسان/ أبريل الجاري.
كما أولت قوات الأمن والجيش التركية حساسية كبيرة للحفاظ على أرواح المدنيين خلال عملياتها الهادفة للقضاء على عناصر التنظيم التي تشن هجمات ضد المواطنين، وتحفر الخنادق، وتقيم الحواجز، وتزرع المتفجرات، في أقضية سيلوان، وسور، وباغلار في ولاية دياربكر، وجيزرة، وأيديل، وسيلوبي في ولاية شرناق، ونصيبين، ودارغشيت، ودريك في ماردين، ويوكسك أوفا في هكاري.
وتلقت قوات الأمن مئات الاتصالات من المناطق التي تشهد عمليات ضد عناصر التنظيم، تطلب المساعدة من قوات الأمن، حيث تحرص على إخراج الأسر ونقلها إلى أماكن آمنة