الاعلام الغربي يبارك تجنيد الأطفال والنساء في صفوف تنظيم العمال الكردستاني

محمد تشيليك
اسطنبول
نشر في 20.08.2015 00:00
آخر تحديث في 21.08.2015 09:52
الاعلام الغربي يبارك تجنيد الأطفال والنساء في صفوف تنظيم العمال الكردستاني

بينما تواصل تركيا حربها ضد التنظيمين المصنفين على لائحة الإرهاب عالميا، تنظيم الدولة (داعش) وتنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كا كا)، يثير تحيز الإعلام الغربي في تغطيته ولغته حول التنظيمين ضجة واسعة. فبينما يركز الاعلام الغربي على راديكالية تنظيم الدولة، نراه يمدح تنظيم حزب العمال الكردستاني، على الرغم من اختطافه 200 طفل، وإجباره اياهم على القتال في صفوفه.

في الأشهر الأخيرة، شهد الاعلام الغربي حالة من التشوه، بالنسبة لتغطياته حول الإرهاب، والعناصر الارهابية، التي تلعب دورا في حالة الفوضى، في الشرق الأوسط، والتي سببها عدم الاستقرار في سوريا والعراق. حالة التشوه هذه تظهر في أجلى صورها، في تغطية الاعلام الغربي حول اثنين من التنظيمات الارهابية، مدرجين على لائحة الارهاب في المجتمع الدولي، وهما تنظيم الدولة (داعش)، وتنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كا كا). والتحيز في تصوير التنظيمين في الإعلام الغربي، يكمن في تصوير الأول على أنه شيطان مطلق، وجعل الأخير مادة لمجلات الأزياء، وتقديم عناصر التنظيم على أنهم "أبطال".

ففي الوقت الذي استحقت فيه مشاهد القتل وقطع رؤوس المدنيين المرعبة التي ينفذها تنظيم الدولة الظهور في الصفحات الأولى، يتم تجاهل أخطاء وحدات حماية الشعوب، في الإعلام، ومن قبل مجموعات حقوق الانسان.

فقد أشارت مؤسسة "هيومن راتس ووتش"، في تقريرها في الرابع عشر من يونيو/حزيران، الى اعتقال العديد من معارضي وحدات حماية الشعوب، والإساءات التي تعرضوا لها في الاعتقال. بالإضافة الى "استخدام الأطفال في صفوف شرطة التنظيم وقواته المسلحة. لكن التقرير الحقوقي لم يرَ طريق النور الى العديد من وسائل الاعلام الغربي، بسبب ما احتواه من معلومات.


لكن بحثا باستخدام محرك البحث "جوجل"، حول النساء المقاتلات في تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كا كا)، باللغة الانجليزية، يكفي ليرينا الحقيقة. فمئات نتائج البحث ستظهر أمامنا من الاعلام الغربي تحتفي ببطولة النساء الشابات المقاتلات ضمن صفوف التنظيم. إن هذا الأسلوب في التغطية الاعلامية، يطبّع في الحقيقة مجموعة ارهابية كانت سببا في مقتل أكثر من 40 ألف شخصا خلال العقود الثلاثة الأخيرة.

وعلى سبيل المثال، فإن عنوان في مجلة "ماري كلاير"، تحت عنوان "هؤلاء النساء المميزات اللواتي يحاربن تنظيم الدولة، حان الوقت للتعرف عليهن"، هو أحد الأمثلة على تصوير ارهابيي التنظيم على أنهم "أبطال".

وفضلا عن ذلك، فإن النظام الرأسمالي قد استخدمهم كأداة تسويقية أيضا. ففي عام 2014، قامت سلسة متاجر (اتش آند إم) الشهيرة، بإطلاق مجموعة أزيائها الجديدة والمستلهمة من زي مقاتلي تنظيم وحدات حماية الشعوب، وهو ما يمكن اعتباره محاولة لتطبيع صورة التنظيم في الأذهان. وعلى الرغم من أن سلسلة المتاجر قد اعتذرت عن قيامها بهذه الخطوة، إلا أننا لا يمكن أن نعتبرها مجرد خطوة ساذجة.

وفي الحقيقة، فإن التشوه في التغطية الاعلامية الغربية فيما يتعلق بمحاولة تطبيع صورة التنظيم الإرهابي متعدد الأوجه. فمن جانب، يتم اظهار عناصر تنظيم حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعوب على أنهم "أبطال" يقاتلون تنظيم الدولة السيء والارهابي. ومن جانب آخر، فعلى الرغم من أن تنظيمي الدولة وحزب العمال الكردستاني ملحقان على لائحة الارهاب، إلا أن الاعلام يركز على كون تنظيم الدولة خطرا عالميا، بينما لا يلقي الضوء على ارهاب تنظيم حزب العمال الكردستاني. وبالاضافة الى عدم القاء الضوء على التهديد الذي يشكله تنظيم حزب العمال الكردستاني على الأمن القومي التركي، فإن الاعلام يركز على دور تنظيم حزب العمال الكردستاني في حرب تنظيم الدولة، وكأن مقاتلي تنظيم حزب العمال هم أبطال ثوريون يقاتلون مجموعة الأشرار (داعش).

وعلاوة على ذلك، يتم تصوير المشهد وكأن تركيا تحارب الأكراد، بينما هي تحارب في الحقيقة مجموعة ارهابية كردية، وليس المواطنين الأكراد. كما يتم الايحاء بأن تركيا لا تحارب تنظيم الدولة بما يكفي. فحالة العداء لأردوغان تحفز بعض وسائل الاعلام على الوقوف بجانب مجموعة ارهابية، وشيطنة الأخرى.