"قرن تركيا" يحمل الكثير من الآمال لأن الأفضل لم يأت بعد

أردوغان يصافح الجمهور. 17/11/2019 (IHA)

تقترب تركيا من الاحتفال بالذكرى المئوية للجمهورية في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقدم الرئيس رجب طيب أردوغان مفهوم "قرن تركيا" العام الماضي، والذي يرمز إلى تطلعات البلاد للنمو وزيادة النفوذ في القرن الحادي والعشرين.

ويمثل "قرن تركيا" مجموعة شاملة من الأهداف تتجاوز مجرد الوصف، وتحدد طموحات تركيا للسنوات المقبلة. فبعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي اختتمت بفوز الرئيس أردوغان بعد الجولة الثانية التي أجريت في 28 مايو/أيار، انتعشت رؤية "قرن تركيا" واتضحت أكثر.

ويعزز التفويض المتجدد الالتزام بتحقيق الأهداف والتطلعات المحددة في الرؤية، ويدفع الأمة نحو مستقبل من التقدم والنجاح.

وقبل الخوض في تفاصيل هذه الرؤية، من الضروري تسليط الضوء على التقدم الكبير الذي تم إحرازه على مدى العقدين الماضيين بقيادة أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم. فقد شهدت فترة الحكم هذه إنجازات ملحوظة أرست دعائم المستقبل المُتَصَوَّر.

إذن، ما الذي حققته تركيا حتى الآن؟

على مدى العقدين الماضيين، حققت تركيا تقدماً ملحوظاً في العديد من المجالات الرئيسية، ما عزز موقعها الإقليمي والعالمي المستقل. فمن الاقتصاد إلى الدبلوماسية ومن تطوير البنية التحتية إلى الصناعات الدفاعية، حققت تركيا تقدماً كبيراً. وعلى سبيل المثال، أظهرت البلاد تطورات ملحوظة في الدبلوماسية من خلال تعزيز وجودها الدبلوماسي واتّباع سياسة خارجية نشطة. كما زادت من مشاركتها في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومجموعة العشرين. وبالإضافة إلى ذلك، برزت تركيا من خلال دبلوماسيتها الإنسانية، كواحدة من أكثر المانحين العالميين كرماً.

علاوة على ذلك، شهدت البلاد توسعاً كبيراً في وجودها الدبلوماسي على مر السنين. وزاد عدد التمثيل الدبلوماسي الذي كان 163 بعثة عام 2002، بشكل كبير ما جعل تركيا من بين البلدان الخمسة الأولى التي تمتلك شبكة تمثيل دبلوماسي أوسع. وتفتخر تركيا اليوم بما مجموعه 257 تمثيلاً أجنبياً، ما يدل على التزامها بالانخراط في المجتمع الدولي وتعزيز العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف القوية. وقد عززت هذه الجهود الدبلوماسية النفوذ التركي الإقليمي والعالمي.

وفيما يتعلق بالصناعة الدفاعية، حققت تركيا إنجازات مهمة في تطوير قدراتها المحلية. وزاد عدد مشاريع الصناعات الدفاعية من 62 إلى 750 مشروع، مع زيادة الميزانيات من 5.5 مليار دولار إلى 75 مليار دولار. وقد عزز هذا الاستثمار القدرات العسكرية التركية كما عزز اعتماداً أكبر على الذات في الإنتاج الدفاعي. كذلك شهدت البلاد نمواً في الإنتاج المحلي والصادرات داخل قطاع الدفاع، الأمر الذي رفع مكانتها في صناعة الدفاع العالمية.

البنية التحتية الرقمية

قامت تركيا على مدى العقدين الماضيين، باستثمارات كبيرة في البنية التحتية الرقمية أيضاً، والتي تمثلت في مبادرات مثل e-Devlet أو الحكومة الإلكترونية، وتطبيق e-Nabız الصحي للهواتف الجوالة الحائز على جوائز. إضافةً إلى الاستراتيجية الوطنية للذكاء الصناعي. وإدراكاً من البلاد لأهمية تقليل الاعتماد على الكيانات الأجنبية في مختلف المجالات، تهدف تركيا إلى تعزيز قدرتها التنافسية على الساحة العالمية في القرن المقبل، حيث تضع هذه المبادرات الإستراتيجية، الأساس لاستقلال تركيا التكنولوجي، بما يتماشى مع رؤية "قرن تركيا".

وتتوالى الإنجازات في مختلف المجالات، بما في ذلك تقنيات الأقمار الصناعية والطائرة المقاتلة غير المأهولة وطائرة بيرقدار قزل إلما والمركبات الجوية غير المأهولة الأخرى والأسلحة مثل بيرقدار TB2، وطائرة "قان" المقاتلة من الجيل الخامس المطورة محلياً وأول سفينة هجومية برمائية تركية TCG أناضولو.

وتؤكد تطبيقات الصناعة الرقمية مثل مشروعي "Türk Beyin" للألعاب الذكية و"Sanal Göz" لنظارات الواقع الافتراضي، على أهمية هذه الإنجازات حتى الآن. وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى أن تركيز تركيا على الرقمنة يهدف إلى تقليل الاعتماد على المصادر الأجنبية من خلال تعزيز الإنتاج المحلي للتقنيات الحيوية المستخدمة والمستقبلية المتوقعة. كما يساهم تصدير هذه التقنيات في النمو الاقتصادي لتركيا ويضع الدولة كمشارك مؤثر في عمليات صنع القرار الدولية ضمن المجالات التكنولوجية الحيوية. وبالتالي، تمثل هذه الإنجازات إطاراً مصمماً لضمان استقلال تركيا التقني والاقتصادي والأمني والدبلوماسي، والحفاظ على استقلال البلاد في المائة عام القادمة المسماة "قرن تركيا".

وبمناسبة الذكرى الـ 161 لتأسيس "محكمة الحسابات التركية" التي تم الاحتفال بها في 31 مايو/أيار 2023، ألقى أردوغان كلمة أكد فيها أهمية "قرن تركيا". ووصف هذه الرؤية بأنها خارطة طريق شاملة مصممة للارتقاء بمكانة البلاد إلى ما وراء الحضارات المعاصرة. وتجسد الرؤية تطلعات الأمة على مدار قرن من الزمان وتهدف إلى السعي لتحقيق أهداف أكثر طموحاً. وهو تعبير ملموس عن الوحدة والجهود الجماعية، حيث يقوم 85 مليون فرد بتشكيل مستقبلهم بروح وتصميم يذكرنا بحرب الاستقلال.

والسؤال الأهم هنا هم بماذا يبشرنا "قرن تركيا"؟

بحسب خطاب الرئيس أردوغان، فإن أهداف ومشاريع "قرن تركيا" تشمل عدة مجالات. أولاً، هناك تركيز على زيادة عدد ونوعية المشاريع والخدمات عبر مختلف القطاعات مثل الدفاع والصحة والتعليم والنقل والطاقة والزراعة والسياحة. وهذا يستلزم تعزيز البنية التحتية لهذه القطاعات وقدراتها وإمكاناتها لدعم تنمية تركيا. والهدف الرئيسي الآخر هو رفع معدل الإنتاج المحلي وصادرات السلع في صناعة الدفاع إلى مستويات أعلى. وتهدف تركيا التي يبلغ معدل الإنتاج المحلي الدفاعي فيها حالياً 80% من عموم الإنتاج المحلي ويُقدر بـ 4.5 مليار دولار، إلى تعزيز مكانتها في سوق الدفاع العالمي فيما يتعلق بالقدرة الإنتاجية وحجم الصادرات.

تطلعات لاقتصاد الدخل المرتفع

بالإضافة إلى ذلك، تطمح تركيا إلى تحقيق اقتصاد عالي الدخل يتجاوز دخل الفرد فيه 25 ألف دولار. ويتضمن ذلك تنفيذ الاستراتيجيات والسياسات التي تعزز النمو الاقتصادي وتجذب الاستثمارات وتخلق فرصاً للازدهار والرفاهية المالية لمواطنيها. وعلاوة على ذلك، تهدف تركيا إلى وضع نفسها بين أكبر 10 اقتصادات في العالم، حيث يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي 2 تريليون دولار. ويعكس هذا الهدف الطموح تطلع تركيا إلى أداء اقتصادي قوي وزيادة القدرة التنافسية والتنمية المستدامة على نطاق عالمي. وتماشياً مع التزامها بالقيم الديمقراطية، تسعى البلاد أيضاً إلى تعزيز الديمقراطية ودعم سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان. وسيتم بذل الجهود لضمان وجود مجتمع عادل وشامل يتم فيه احترام حريات الأفراد وحمايتها وتعزيزها.

أخيراً وليس آخراً، تهدف تركيا إلى تعزيز دورها الإقليمي والعالمي وتأثيرها باعتبارها جهة فاعلة وبناءة لتعزيز السلام. ومن خلال المشاركة النشطة في المبادرات الدبلوماسية والمساهمة في جهود حل النزاعات مثل العمل كوسيط في الحرب الأوكرانية الروسية وتعزيز السلام والاستقرار والتعاون، تسعى تركيا إلى لعب دور مهم وإيجابي في السياسة الإقليمية والدولية. وتوضح هذه الأهداف والمشاريع الطبيعة الشاملة لرؤية "قرن تركيا"، ما يعكس طموحات البلاد في التقدم والازدهار والمكانة البارزة في الساحة العالمية.

وبشكل عام، من المهم أن نتذكر أن أهمية تركيا تمتد إلى ما وراء حدودها، وأن استقرارها له تأثير عميق على المنطقة. فعندما تضمن تركيا الاستقرار داخل حدودها، فإنها توفر إحساساً بالأمن والحماية للدول المجاورة. ومن خلال التقدم في صناعة الدفاع والتقنيات المتطورة والحاسمة، لا تعزز تركيا قدراتها فحسب، بل تحمي أيضاً إخوانها وأصدقائها والدول الحليفة لها.

كما أن وقوف تركيا بحزم جعلها تصبح وصيةً على المناطق الجغرافية المضطهدة، الأمر الذي من شأنه أن يغرس شعوراً بالطمأنينة والحماية. ومع تطور "قرن تركيا" تتعمق قناعات البلاد بأن الأفضل لم يأت بعد. ومن خلال رؤية الرئيس أردوغان التي تؤكد على إعطاء الأولوية للابتكار والشمولية والتنمية المستدامة، تهدف تركيا إلى صياغة إرث من التغيير الإيجابي الذي يتردد صداه خارج حدودها، وتشكيل مستقبل سيحمل الأفضل للجميع.

وستبقى جمهورية تركيا منارة أمل للمنطقة والعالم في القرن المقبل.

بقلم: ERMAN AKILLI

Bu web sitesinde çerezler kullanılmaktadır.

İnternet sitemizin düzgün çalışması, kişiselleştirilmiş reklam deneyimi, internet sitemizi optimize edebilmemiz, ziyaret tercihlerinizi hatırlayabilmemiz için veri politikasındaki amaçlarla sınırlı ve mevzuata uygun şekilde çerez konumlandırmaktayız.

"Tamam" ı tıklayarak, çerezlerin yerleştirilmesine izin vermektesiniz.