إستراتيجية المعارضة التركية لمواجهة أردوغان
- عامر سليمان, اسطنبول
- Apr 26, 2018
حالة من الترقب تنتاب الشارع التركي لمعرفة المرشحين الذي سينافسون الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المبكرة المقرر إجراؤها في الرابع والعشرين من يونيو/ حزيران الجاري.
وما إن أعلن أردوغان ، في 18 أبريل/ نيسان الجاري قرار إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة بعد مشاورات مع رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي حتى سارعت "مرال آقشنر" رئيسة الحزب الجيد المؤسس حديثاً، إلى إعلان نيتها الترشح للرئاسة حتى قبل أن يُحسم الجدل بخصوص قرار الهيئة العليا للانتخابات حول تمكن الحزب من المشاركة في الانتخابات المقبلة. الأمر الذي حسمته "العليا للانتخابات" لاحقاً وأعلنت أن الحزب استوفى الإجراءات والشروط القانونية اللازمة وأدرجت اسمه في قائمة الأحزاب المشاركة في الانتخابات وهي "حزب العدالة والتنمية، حزب الشعب الجمهوري، حزب الحركة القومية، حزب الشعوب الديمقراطي، حزب السعادة، الحزب الجيد، حزب تركيا المستقلة، حزب الوحدة الكبرى، الحزب الديمقراطي، حزب الوطن".
ويشترط القانون على الأحزاب السياسية الراغبة في المشاركة بالانتخابات، أن تكون أسست فروعا لها في 41 ولاية تركية على الأقل من مجموع الولايات في تركيا وعددها 81 ولاية، وأن تعقد مؤتمرها التأسيسي قبل ستة أشهر على الأقل من تاريخ الانتخابات، أو وجود كتلة برلمانية لها مؤلفة من 20 نائباً على الأقل من أجل خوض الانتخابات.
بدأت المعارضة ألاعيبها السياسية مبكراً حين قام حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة) بـ"إهداء" 15 نائباً منه إلى "الحزب الجيد" ليتمكن من تكوين كتلة برلمانية تضم 20 نائباً حتى يتسنى له المشاركة في الانتخابات.
هذه الخطوة وإن لم يكن لها تأثير حقيقي على مشاركة الحزب من عدمه- نظراً إلى أن الهيئة العليا للانتخابات قد حسمت الجدل وأعلنت مشاركة الحزب في الانتخابات- إلا أنها أظهرت للرأي العام مدى حرص وإصرار جل المعارضة بمختلف توجهاتها الفكرية والأيديولوجية على التوحد مع بعضها بعضا لهدف واحد فقط ألا وهو "إطاحة أردوغان". الأمر الذي صرح به أردوغان نفسه يوم الثلاثاء الماضي، حين قال إن المعارضة تسعى لتشكيل تحالف هدفه الوحيد معاداته شخصياً.
هناك حالة من الغموض تكتنف موقف الرئيس التركي السابق عبد الله غُول حول موقفه من الترشح للرئاسة من عدمه خاصة بعد لقائه زعيم حزب السعادة تمل قره مولا أوغلو، وقيام الأخير بعقد عدة لقاءات مع رؤساء أحزاب معارضة؛ ما دفع الأوساط السياسية للتفكير في أن أحزاب المعارضة تحاول إقناع غول بالترشح في الانتخابات كمرشح توافقي للمعارضة.
وأدى عدم إدلاء غول بأي تصريحات مؤكدة أو نافية إلى زيادة حالة الغموض تلك حتى إن البعض بدأ بمهاجمته من الآن.
ترشح عبد الله غول في الانتخابات المقبلة كمرشح توافقي يبدو أمراً صعباً في الظاهر نظراً إلى أن القاعدة الشعبية لأحزاب معارضة مثل الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي يمكن أن ترفض أن يكون مرشح أحزابها من التيار المحافظ ومن المحسوبين على حزب العدالة والتنمية الذي طالما ناصبوه العداء.
ومن المرجح أيضاً أن يعلن حزب الشعب الجمهوري مرشحا له من داخل الحزب نفسه نظراً إلى أنه يمثل أكبر أحزاب المعارضة ولا يليق به أن يعجز عن تقديم مرشح من داخله ويدعم مرشحاً آخر.
إلا أن الإستراتيجية التي يبدو أن المعارضة ستحاول اتباعها أمام أردوغان هي أن يرشح كل حزب مرشحا قوياً في محاولة لتفتيت الأصوات خلال الجولة الأولى ومنع أردوغان من الحصول على نسبة الـ 50% + 1 اللازمة لحسم الانتخابات من الدرجة الأولى. ومن ثم الالتفاف حول المرشح الذي سيصعد للجولة الثانية أمام أردوغان. في تلك الحالة ستتوحد أصوات لم يكن متاحاً توحدها في كفة واحدة خلال الجولة الأولى مثل أصوات "الشعب الجمهوري" و"الشعوب الديمقراطي"
وفي حال أعلن الرئيس السابق نيته دخول السباق الرئاسي فمن المحتمل أن يكون مرشحاً لحزب السعادة (يميني محافظ).
صرح أكثر من مسؤول بحزب الشعب الجمهوري أن ترشيح عبد الله غول أمر غير وارد في أجندة الحزب إلا أن "محرم إينجه" النائب عن الحزب ورئيس الكتلة البرلمانية له سابقاً أدلى بتصريحات كشفت عن الإستراتيجية المذكورة. فقد صرح إينجه خلال لقاء له مع الصحفي المعارض "احمد هاقان" إنه سيترشح للانتخابات الرئاسية وإنه يؤمن بقدرته على الفوز مضيفاً " على كل حزب أن يرشح اسماً منه في الجولة الأولى. لا يجب أن يكون هناك مرشح توافقي. لو رشح كل حزب مرشحا خاصا به سنضمن إجراء جولة ثانية... في الجولة الثانية سأفوز، يمكنني الحصول على أصوات الأكراد.. لو لم أصل أنا إلى الجولة الثانية أمام أردوغان ووصلت آقشنر (رئيسة الحزب الجيد) سأدعمها. ولو وصل عبد الله غُول سأدعمه. سأدعمه حتى النهاية. ولكن آمل أن يدعموني هم حال وصلت أنا إلى الجولة الثانية."
في حال مشاركة الرئيس السابق غول في الانتخابات أم لم يشارك يبدو من الصعب تمكن المعارضة من ترشيح اسم يمكنه هزيمة الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان في الانتخابات المقبلة نظراً إلى الشعبية الجارفة التي يتمتع بها أردوغان إضافة إلى التحالف بين حزبه وحزب الحركة القومية. وقد شهدت البلاد موقفاً مشابهاً في الانتخابات السابقة في أغسطس/آب 2014 حيث اتفق حزبا الشعب الجمهوري والحركة القومية على مرشح توافقي هو أكمل الدين إحسان أوغلو إلا أنه لم يحصل إلا على 38,4% من الأصوات. وفاز أردوغان حينها من الجولة الأولى بـ 51,79%.