تراجعت بورصات دول الخليج بشكل حاد في بداية أسبوع جديد من التعاملات المالية الأحد، على خلفية التأثيرات الاقتصادية لانتشار فيروس كورونا المستجد والتي أصابت الأسواق العالمية بالذعر.
وتهدد الأزمة الأسواق الخليجية بمزيد من التراجع خصوصا في ظل معاناة اقتصادات المنطقة الغنية بالنفط من انخفاض أسعار الخام منذ العام 2014.
وكانت البورصات الأوروبية تراجعت في نهاية الأسبوع الماضي بنسب هي الأكبر منذ الأزمة المالية في 2008-2009 عندما دخل الاقتصاد العالمي مرحلة ركود.
وأغلقت سوق المال السعودية، الأكبر في المنطقة، بانخفاض قدره 3,7 بالمئة، وهو أدنى مستوى لها منذ 18 شهرا.
وتراجع سهم شركة أرامكو، عملاق النفط السعودي، بنسبة 2,1 بالمئة ليصبح سعره عند 32,65 وهو أدنى سعر له منذ إدراجه في السوق في كانون الأول/ديسمبر الماضي بسعر 32 ريالا للسهم الواحد.
وسجّلت بورصة الكويت أكبر التراجعات حيث انخفض المؤشر العام للأسهم بنحو 10 بالمئة ما دفع بالسلطات إلى وقف التعاملات فيها، علما أن البورصة كانت مغلقة في معظم أيام الأسبوع الماضي بسبب عطلة العيد الوطني.
وتراجع مركز دبي المالي بنسبة 4,5 بالمئة، وأبوظبي بـ3,6 بالمئة، فيما سجّل تراجع في البحرين ب3,4 بالمئة وب1,2 بالمئة في سلطنة عمان. وأعلنت قطر أنّ بورصتها مغلقة أمام التعاملات بسبب عطلة للمصارف.
وقال ام. أر. راغو نائب الرئيس التنفيذي في إدارة الأبحاث المنشورة في المركز المالي الكويتي لوكالة فرانس برس إنّ بورصات دول الخليج "تشهد تراجعا بينما ترتفع درجات الذعر حيال فيروس كورونا المستجد في المنطقة".
وأضاف أن "التقديرات الأولية بأن الفيروس يمكن احتواءه في الصين برهنت أنها غير واقعية، حيث أنّ الحالات في الخارج مستمرة في التزايد".
وانتشر فيروس كورونا المستجد سريعا في الكويت والبحرين والإمارات، ثم انتقل إلى عمان وقطر، ما دفع بالسلطات في هذه الدول إلى اتخاذ اجراءات احترازية، بينها وقف رحلات طيران مع دول تفشى فيها الفيروس وإغلاق مدارس وإلغاء فعاليات.
ووحدها السعودية من بين دول الخليج الست، لم تسجّل حتى الآن أية إصابات، لكنّها علقت تأشيرة العمرة ومنعت مواطني عدة دول من حاملي التأشيرات السياحية من دخولها خشية وصول الفيروس إليها.
- سلبي للغاية
وتتسبّب هذه الإجراءات في خسارة المملكة إيرادات ضخمة عادة ما تحقّقها عبر العمرة التي يؤدي مناسكها في مدينة مكة ملايين المسلمين من حول العالم على مدى أشهر العام، وسط تساؤلات حول مصير موسم الحج.
وهناك 46 حالة في الكويت، و41 في البحرين، و21 في الإمارات، وست إصابات في عمان، وإصابة واحدة في قطر، وغالبيتهم العظمى أشخاص عادوا مؤخرا من إيران حيث توفي 43 شخصا بسبب الفيروس.
ويسافر آلاف الكويتيين والبحرينيين الشيعة إلى الجمهورية الإسلامية لزيارة مراقد ومواقع دينية.
ويرى محللون أنّ خطورة الفيروس على الصحة في حدّ ذاتها أقل ما يُقلق مقابل التدابير المتخذة لاحتوائه التي ستُسبب أضراراً بالنسبة للاقتصاد العالمي.
وتستعد السعودية لاستضافة اجتماعات مجموعة العشرين في تشرين الثاني/نوفمبر، بينما تراهن دبي على معرض إكسبو الذي من المفترض أن يفتح أبوابه في كانون الاول/اكتوبر المقبل لانعاش اقتصادها المتراجع.
وانفقت الإمارة التي يزورها نحو 16 مليون شخص سنويا، مليارات الدولارات على المعرض العالمي.
وقال المكتب الإعلامي لاكسبو إن "سلامة وصحة جميع زوار اكسبو 2020 في دبي (يمثلان) أهمية قصوى بالنسبة لنا، ونحن نعمل عن كثب مع وزارة الصحة في الإمارات لاتباع الإجراءات التي تقرها".
وأضاف "سنواصل متابعة الأوضاع عن قرب، ونأمل أن تسهم الجهود العالمية في السيطرة على الفيروس".
وتراجعت أسعار النفط بنحو أربعة بالمئة الجمعة لتبلغ أدنى مستوياتها منذ أكثر من عام. فانخفض سعر برميل نفط برنت تسليم نيسان/أبريل إلى 50,05 دولارا في تعاملات الصباح، بينما بلغ برميل غرب تكساس الوسيط تسليم الشهر نفسه 44,95 دولارا.
وتؤثّر أسعار الخام بشكل مباشر على الأداء الاقتصادي لدول الخليج الغنية بالنفط والتي تعتمد عليه كمصدر رئيسي لإيراداتها.
وقال مات مالي، الخبير في شركة ميلر تاباك للخدمات المالية، إنّ "تدفق الأخبار (...) سلبي للغاية وسيجعل التركيز على (...) صباح الاثنين"، عندما تبدأ التعاملات المالية حول العالم، "أكثر أهمية مما كان عليه يوم الجمعة".
ورأى مالي أنّه من المبكر توقع سيناريوهات أسوأ بالنسبة لأسواق المال، لكنه حذّر بحسب ما نقلت عنه وكالة بلومبرغ من أنّه "إذا سارت الأمور في اتجاه واحد، فسيكون من الصعب للغاية العودة عن ذلك".