انطلق في مدينة إسطنبول التركية، الأحد، مؤتمر "الحرية لفلسطين"، ويناقش قضايا أبرزها "مخاطر الصهيونية وعنصريّتها عالمياً"، والتأكيد على أن المقاومة "حق أصيل في مواجهة كل مشاريع التصفية" التي تتعرض لها القضية الفلسطينيّة.
وينظم المؤتمر مؤسسة القدس الدولية، والمنتدى العالمي للوسطية، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمركز العربي الدولي للتواصل والتضامن، ومنتدى كوالالمبور للفكر والحضارة.
ويستمر المؤتمر يومين تُعقد خلالهما جلسات، بمشاركة مفكرين وباحثين ومتخصصين من بلدان عربية وأجنبية.
وشهدت الجلسة الافتتاحية إلقاء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية كلمة مسجلة، ومن المنتظر أن يُختتم المؤتمر بإطلاق مبادرتي "الصهيونية عنصرية" و"المقاومة حقٌ وواجب"، على أن تكون هذه المبادرات جزءاً من رسالة المؤتمر، بحسب بيان سابق من المنظمين.
وفي كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية باسم المنظمين، قال أمين عام المنتدى العالمي للوسطية مروان الفاعوري إن "هذا المؤتمر يؤكد حق الشعوب الواجب والمشروع في المقاومة، ويبرز الوجه القبيح للصهيونية كحركة عنصرية ولدولة الاحتلال كعنوان قبيح استنادا لقرار الأمم المتحدة 1975 برقم 3379، الذي ألغي بجهود أمريكية لاحقًا".
ورحّب الفاعوري بالمشاركين "في المؤتمر الاستثنائي ممثلين من أكثر من 20 دولة نصرةً لفلسطين وغزة ودعما للمقاومة"، وشكر "الحكومة التركية على تسهيل عقد المؤتمر".
من ناحيته، اعتبر رئيس مجلس إدارة مؤسسة القدس الدولية، حميد بن عبد الله الأحمر، في كلمة له، بأن المؤتمر "يجب أن يكون دائما ومستمرًا نصرة للقصية الفلسطينية حتى تتحرر فلسطين والقدس والمسجد الأقصى".
وأوضح أن "محور المؤتمر هو معادلة تجريم وكشف حقيقة الصهيونية وتثبيت الحق في المقاومة، والبحث عن كيفية التعامل مع المشروع الصهيوني ودولته المحتلة على أرض فلسطين، والذي بات أكثر وضوحا أنه مشروع عنصري يستهدف البشر والحجر والمقدسات".
وأكد الأحمر على أن "الكيان يشكل خطرا على كل الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم، والتخلص منه هدف جامع لنا جميعًا".
ودعا إلى "تشكيل فرق عمل تنبثق عن المؤتمر وتتواصل مع الشخصيات المؤثرة في العالم لتجريم الصهيونية وتفكيكها ومحاكمة قيادتها وكل من يقف معهم ويؤيدهم على جرائمهم".
وشدد على أنه "يجب الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في المقاومة واسترداد حقوقه، وتقديم كل أنواع الدعم للمقاومة، فضلا عن ضرورة التصدي لمحاولات تجريم وشيطنة المقاومة"، لافتا في هذا المجال إلى "مواقف مشرّفة للرئيس رجب طيب أردوغان بالدفاع عن المقاومة".
بدوره، قال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، إن "الاتحاد في حالة انعقاد واجتماع دائم، وما من فكرة إلا وحاولنا تنفيذها، وإصدار الفتاوى بالجهاد، وشجّعنا المظاهرات والإضراب وتخصيص خطب الجمعة للحديث عن فلسطين، وفي هذا المؤتمر يجب تجاوز التأصيل، والتفكير بخارطة الطريق لتحريك الأمّة".
وبيّن ضرورة "الضغط بكل الوسائل المشروعة على الحكومات التي لا تستجيب، ليكون لها موقف لحماية غزة".
ووجّه التحية لجنوب إفريقيا التي رفعت دعوى أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة، مضيفا: "يجب إنشاء تحالف دولي لدعم غزة، ونحتاج للقانونيين للدفاع عن أهل غزة".
من ناحيته، أكد شيف زوليفوليل مانديلا، عضو البرلمان وحفيد زعيم جنوب إفريقيا المناضل الراحل نيسلون مانديلا، أن "حرية فلسطين ليست مجرد رغبة إنما أمر نحاول تحقيقه كما كنا ندعو للحرية في جنوب إفريقيا لنحظى بحياتنا، حين بدا الأمر مستحيلا لكثيرين أمام نظام الفصل العنصري وبدعم قوى الاستعمار".
وأكد "دعم حق الشعب الفلسطيني بالحرية باعتباره حقًا أساسيا من حقوق الإنسان"، وذكّر بأن سعي بلاده بدعم فلسطين جاء من تاريخها مع "الاستعمار لأكثر من 300 عام، و3 عقود من الفصل العنصري"، وقال: "حققنا الحرية لأننا رفضنا أن نستسلم".
وأضاف: "لا يمكن إسكاتنا أمام جرائم الظلم والتطهير العرقي والإبادة الجماعية، إسرائيل مذنبة في التطهير منذ إعلان (وزير الخارجية البريطاني) بلفور" الذي أعلن منح أرض فلسطين لليهود لإقامة دولة إسرائيل.
وأشار إلى "نشر الأكاذيب" التي رافقت ذلك مؤكدا أنهم "لم يجدوا أرضا بلا شعب، بل عملوا على إنهاء كل آثار الشعب الفلسطيني، وهو ما يمثل الكيان الصهيوني بنيته"، مضيفا: "ندعم النضال الفلسطيني لأننا لم ننسَ المجازر والقرى التي مُسحت".
وختم قائلا: "لأكثر من مئة يوم نشهد مجزرة إبادة تقوم بها دولة إسرائيل العنصرية، كيف نبقى صامتين إزاءها، يجب تحميل إسرائيل المسؤولية عن الإبادة والتطهير العرقي"، ودعا المشاركين في المؤتمر إلى "دعم النضال الفلسطيني".
من جهته، وجّه الحاخام من حركة "ناطوري كارتا"، رابي يروسيل دوفيد ويس، "رسالة إلى اليهود" قال فيها: "قلوبنا مع فلسطين وغزة ومعكم، نحن نبكي ونعاني ونشعر بالذل والإحباط من النكبة الرهيبة التي تحدث باسم الدين".
وتحدث عن صمت الناس بحجة عدم معاداة السامية رغم رؤيتهم قتل الأبرياء، وقال: "نحو 24 ألف (فلسطيني) قتلوا، وكثيرون يبكون من الحسرة والألم في الشوارع، فكيف للعالم أن يكون صامتا".
وشدد على أن إسرائيل "دولة عنصرية، كيف لليهود الذين عانوا لقرون من الاضطهاد أن يقوموا بذلك، اليهود وجدوا الازدهار بين المسلمين، اليهودية دين من آلاف السنين نزل على موسى بألا نحتلّ ولا نظلم، والحاخامات في أوروبا قبل 1948 قالوا الذهاب إلى فلسطين هو ضد الدين".
وختم قائلا: "نحن هنا لنغيّر السياسات من الشر إلى الخير ونغيّر السردية الخاطئة، نريد للعالم احترام أصواتنا، هذه ليست اليهودية بل هي ثورة ضد الإله والدين، والتمثيل الأكثر لمعاداة السامية هي دولة إسرائيل التي هدرت دماء الفلسطينيين".
من جانبه، قدّم نائب رئيس حركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إطارًا لما يجري في غزة، وقال: "العالم منذ عقد ونصف يشهد صراعا على القطبية بين الغرب وأمريكا من جانب، وروسيا والصين من جانب آخر، ليتحول من عالم القطب الواحد إلى عالم متعدد الأقطاب".
وأضاف: "أمريكا تنسحب من المنطقة تدريجيا، وعندما تنسحب يحلّ محلها تحالف بقيادة إسرائيل للحفاظ على مصالح الغرب وأمريكا، فكانت اتفاقيات إسرائيل مع الدول العربية والتطبيع"، وفق تعبيره.
وزاد: "كان لا بد من احتواء وقمع الفلسطينيين والمقاومين عبر حروب متوالية، وكل هذه الترتيبات تتمرد عليها غزة وهي الحلقة الأضعف، وهذا هو العنوان الحقيقي لما يجري في غزة فيجب معاقبتها وقمع الحياة فيها".
وأكد قائلا: "ما يؤثر في الحرب هو الموقف الأمريكي الذي بدوره يسعى لعدم تمدد الحرب في المنطقة، والموقف الإسرائيلي يتأثر بالخسائر في الميدان والأسرى، وإذا توصّلنا لوقف إطلاق النار والسلاح بيد المقاومة فهو نصر استراتيجي للمنطقة كلها وهزيمة غير مسبوقة لإسرائيل".
وشهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر إلقاء كلمات من مشاركين، وعرض مشهد فيديو وإجراء عرض تمثيلي لما تشهده غزة من قصف، وحضور أطفال أنقذوا من تحت الأنقاض ووصلوا تركيا، وعندما عرضت صور ذويهم على شاشة المسرح تعرفوا عليهم في مشهد أثّر بالحاضرين.
ومنذ مئة يوم، بدأت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الأحد 23 ألفا و968 قتيلا، و60 ألفا و582 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.