القضية الفلسطينية تظلل أجواء معرض الكتاب العربي الثامن في إسطنبول
- أسماء كامل, اسطنبول
- Dec 13, 2023
تحت شعار "العربية تجمعنا" انطلقت الدورة الثامنة من المعرض الدولي للكتاب العربي في إسطنبول، حيث عكس شعار المعرض لهذا العام الرغبة المشتركة لإقصاء العنصرية والتفرقة والتقسيمات المصطنعة بين الشعوب الإسلامية التي يوحدها القرآن الكريم المُنزل باللغة العربية، وعلى وجه الخصوص شعوب المنطقة العربية والشعب التركي المحب لتاريخه الحافل بالتسامح ونصرة المظلوم.
ومع كل ما شهدته أجواء المعرض من تنظيمٍ رفيع المستوى وتغطية إعلامية واسعة ومشاركةٍ كبيرةٍ من 250 دار نشر عربية وتركية قادمة من 30 دولة مختلفة منها لبنان وسوريا ومصر والإمارات العربية والكويت وغيرها، إلا أن القضية الفلسطينية وأحداث غزة الحالية ألقت بظلالٍ ثقيلةٍ على كافة منصات العرض دونما استثناء حيث خصصوا مجموعةً من الكتب يعود ريعها لدعم أهالي غزة، ناهيك عن التذكارات التي ترمز لتأييد ودعم نضال الشعب الفلسطيني مثل الكوفية الفلسطينية التقليدية وحصالات جمع النقود لدعم أبناء غزة، والتي خصصت لها هيئة الإغاثة الإنسانية التركية IHH منصةً منفردةً عند مدخل القاعة الرئيسي.
ومما يلفت النظر أيضاً، عدد أيام المعرض واستمراره على مدى 9 أيام من 9 - 17 ديسمبر/كانون الأول مصحوباً ببرنامجٍ غني يضم أكثر من 100 فعالية ثقافية وفنية متنوعة من محاضرات وندوات فكرية مرتبط جلّها بالقضية الفلسطينية وأحداث غزة الأخيرة، إلى حفلات توقيع كتب وأمسيات شعرية وأنشطة موجهة للأطفال والشباب وطلاب الجامعات. وقد تم توزيع هذه المحاضرات على قاعتين طيلة أيام المعرض مع استضافة عدد كبير من الأساتذة والمثقفين والدعاة والناشطين في المجال الإعلامي والأكاديمي إضافةً إلى مدربين وكتّاب وشعراء ومتخصصين في العلوم الإنسانية والمهارات الحياتية وغيرهم.
وتوزعت منصات العرض على أقسام ثلاثة، حيث جُمعت أسماؤها وتصنيفاتها بلوحةٍ عملاقة عُلِّقت في الردهة الرئيسية قبيل المدخل، كي توضح للزائرين أسماء كافة دور النشر المشاركة مع الأرقام والأحرف المرافقة لكل منصةٍ على حدة، في تنظيمٍ دقيقٍ يُسهّل التعريف بها والاستدلال عليها.
أما المكتب الإعلامي الذي تديره وكالة أنباء الأناضول والمعني بتغطية أحداث المعرض وإجراء المقابلات مع الضيوف والكتاب المميزين، فقد احتل موقع الصدارة من الممر الواسع المؤدي إلى صالة العرض بالإضافة إلى منصات كبيرة للجهات المنظمة والداعمة للمعرض مثل الجمعية الدولية لناشري الكتاب العربي واتحاد الناشرين الأتراك ووزارة الثقافة التركية وغرفة تجارة إسطنبول وغيرهم.
هذا وقد ضمّت منصات العرض أكثر من 150.000 عنواناً مختلفاً منها الكثير الذي تناول تاريخ فلسطين وجغرافيتها وقدسية أراضيها وارتباطها بالأديان السماوية ومراحل القضية الفلسطينية وتاريخ النضال ضد المحتل البريطاني ومن بعده الصهاينة المعتدين مع معلقات تظهر صورة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني في دلالة على رفضه التنازل عن أي شبرٍ من التراب الفلسطيني، إضافةً إلى مواضيع متنوعة تتوزع بين الكتب الدينية والفكرية والمجلدات التاريخية والفلسفية مروراً بكتب الأدب والشعر وكتب تطوير الذات وعلم النفس والعلوم الإنسانية والروايات العربية والمترجمة.
كذلك نال أدب الأطفال حصةً كبيرةً من منصات العرض المتخصصة بهذا النوع من الأدب، من قصص الأطفال وكتب تعليم اللغة العربية والإنكليزية والتركية ابتداءً بالأحرف الأبجدية إلى جانب وسائل التعليم الشديدة التنوع مثل البطاقات والمجسمات والأطالس مروراً بالمكعبات والمحاسب والمطويات والكتب الإسفنجية والكتب الثلاثية الأبعاد وغيرها. فيما غابت الألعاب التكنولوجية والأجهزة اللوحية عن منصات الأطفال في لفتةٍ نوعية موجهةٍ لتخفيف استخدام مثل هذا النوع من الوسائل التعليمية، وقايةً لعيون وعقول جيل الصغار.
وفي مقابلة مع بعض العارضين وأصحاب دور النشر قال السيد غسان ربيع صاحب دار نشر "ربيع" السورية رداً على سؤال ديلي صباح عن أهمية الكتب المترجمة من التركية إلى العربية وبالعكس، إن الحكومة التركية تتكفل عبر هيئة "تيدا" بتغطية تكاليف ترجمة الكتب التركية والعربية من وإلى اللغة الأخرى، في مسعىً منها لتبادل الفكر ونشره وتداوله في العالمين العربي والتركي. وأشار السيد ربيع إلى عددٍ من الكتب المترجمة من التركية إلى العربية المعروضة في منصة الدار معرباً عن سعادته بتوافد الزائرين الكبير في اليومين الأوليين للمعرض. كما أوضح أن عدداً من منشورات دار "ربيع" قد تمت ترجمتها ونشرها من قبل بعض دور النشر التركية المشهورة ولا تزال تُعرض في معارض الكتب التركية.
أما السيد مازن مستو من دار "الياسمين" اللبنانية فقد أوضح كيف اختصت الدار بترجمة روايات الكاتبة التركية "أمينة شينلك أوغلو" بهدف نقل الأدب الراقي والملتزم للقارئ العربي وإغناء ثقافته بكتبٍ مترجمة تعكس رؤية الكتّاب الغير عرب للحياة والأحداث. وكذلك أكدت مسؤولة دار "الفكر الجديد" الإماراتية التي نشرت مجموعة مترجمة من كتب المؤلفة التركية "كبرى صويصال جيجي" أهمية تعريف القراء العرب بالروايات المترجمة عن الأدب التركي وأثر ذلك في رفد وتوسيع الآفاق الثقافية.
كما تحدث السيد حسين شرف الدين صاحب "المكتبة الحديثة ناشرون" من لبنان عن التسهيلات التي قدمتها الحكومة التركية للعارضين من الإعفاءات الجمركية وإسقاط الضرائب عن الكتب المباعة وتغطية تكاليف الترجمة وحفظ حقوق الملكية الفكرية وغيرها، لافتاً إلى أهمية مشاركة دارهم في معرض اسطنبول الدولي للكتاب العربي، وأشار إلى ضرورة تطوير استراتيجيات التسويق لجذب أكبر عدد من القراء العرب والأتراك من محبي اللغة العربية ومتعلميها إلى هذا المعرض.
وقبل مغادرة قاعة المعرض توقفت ديلي صباح عند منصة "فريق ملهم التطوعي" حيث شرح السيد عمار عنتر مسؤول الحالات الإنسانية في الفريق كيف بدأ الفريق بمجموعة من طلاب الجامعة المتطوعين في تلبية احتياجات النازحين السوريين في تركيا والشمال السوري والأردن ولبنان، وذلك بالتعاون مع الهيئات التركية العاملة في المجال مثل IHH والهلال الأحمر التركي، ثم امتدت خدماتهم لتشمل معظم اللاجئين في مناطق الصراع المحيطة ومنها قطاع غزة في فلسطين. وقد تضمنت منصة الفريق أعمالاً يدويةً ولوحاتٍ مرسومةٍ باليد أرسلها أطفال أيتام ونازحون سوريون، لتباع في المعرض ويعود ريعها لأطفال غزة المنكوبين.