يستقطب فصل الربيع في إسطنبول وخضرته ووروده عدداً كبيراً من السياح والزوار، ما يجعل شوارع المدينة وساحاتها مزدحمة بشكل يعكس جمالها في هذا الفصل، واهتمام الزائرين طوال العام.
ويتدفق آلاف الزوار والسياح كل يوم إلى منطقة "السلطان أحمد" المركزية في إسطنبول، وأقدم أحيائها، للاستمتاع بساحاتها ومبانيها الأثرية وقضاء رحلة تاريخية بين الحضارات.
ويصطف الزوار في طوابير طويلة أمام المتاحف والمباني الهامة، منها جامع "أيا صوفيا" ومتحف "توب قابي ساراي"، مقر حكم السلاطين العثمانيين لعدة قرون، فضلا عن جامع السلطان أحمد وبقية المتاحف الأخرى.
وسجلت إسطنبول رقماً قياسياً في عدد السياح الأجانب القادمين إليها خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023، بحسب بيان صادر عن مديرية الثقافة والسياحة في المدينة.
وزار المدينة 3 ملايين و480 ألفاً و630 شخصاً في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، فيما بلغ عدد السياح الأجانب في مارس/ آذار الماضي مليوناً و206 آلاف و770 سائحاً.
طوابير طويلة
ويعد مسجدا "آيا صوفيا" و"السلطان أحمد" من أبرز معالم منطقة السلطان أحمد التاريخية، حيث يقعان بشكل متجاور يظهر عظمة إسطنبول وعراقتها بوصفها معبرا تاريخي للدول والحضارات، يعكس هوية المدينة العابقة بالعراقة والحداثة على حدّ سواء.
ونظرا للإقبال الشديد على المنطقة، يتطلب دخول الجامعين وقوفاً لمدة طويلة في طوابير أمام أبوابهما، وخصوصا جامع آيا صوفيا، الذي يحظى باهتمام كبير منذ إعادته مكانا للعبادة قبل أكثر من عامين، بعدما ظل متحفا لعقود.
ويصطف في الطوابير الطويلة زوار من مختلف الأعمار والأعراق والجنسيات، من السياح الأجانب، والمواطنين القادمين من عموم تركيا.
ويحرص الزوار والسياح المسلمون على دخول جامع آيا صوفيا لأجل العبادة والصلاة، فيما يهدف بقية السياح على اختلاف مشاربهم لزيارة المكان بصفته معلما تاريخيا مهما، نظرا لكثافة الإقبال عليه.
وفي 24 يوليو/ تموز 2020، أقيمت صلاة الجمعة بمسجد آيا صوفيا الكبير، لأول مرة بعد 86 عاماً من تحويله إلى متحف عام 1934، كان قبلها مسجدا لمدة 481 عاما، ما جعل المسجد من أهم المعالم المعمارية في الشرق الأوسط، والذي يقدم مثالا حيا على توالي الحضارات العظمى عليه، من الرومانية إلى العثمانية.
قبلة السائحين
وتعد منطقة السلطان أحمد قبلة أبناء المدينة، ومقصد عموم الأتراك، والوجهة الأولى لكل سائح، حيث تأخذ الجميع بمختلف الأعمار والأعراق والأديان في رحلة عبر التاريخ، يتعرفون فيها عن كثب على حضارات لا تزال المنطقة شاهدة عليها.
وتقع المنطقة على إحدى تلال إسطنبول السبع التي شهدت حضارات ودولا عريقة، وتحمل آثار 3 إمبراطوريات مزجت بين الحضارة والتاريخ والعمارة، ما يجعلها مركزا لتلاقي الثقافات والحضارات والأديان.
ويعد ميدان السلطان أحمد من أقدم الميادين التي يعود تاريخه للقرن الثاني الميلادي، حيث أنشئ في زمن إمبراطورية روما لاحتضان سباقات الخيول، إضافة إلى الاحتفالات الموسيقية والرقص، وفعاليات اجتماعية وثقافية أخرى.
وبني جامع السلطان أحمد على شكل كلية تضم مدرسة ومعهدا وسوقا ومستوصفا ومقبرة، وهو الجامع الوحيد في إسطنبول الذي يحوي 6 منارات.
ويطلق عليه الجامع الأزرق؛ لأن جدرانه الداخلية مغطاة ببلاطات خزفية ملونة بالأزرق القاتم والفاتح، ويبلغ قطر قبته 33.6 مترا، بارتفاع 43 مترا، ويشتهر بعمارته المميزة حيث يعد من أهم وأضخم المساجد في العالم الإسلامي.
الربيع في إسطنبول
ومع حلول فصل الربيع وتفتح الورود والأزهار، يزداد حجم الإقبال على المنطقة، ومع دفء الطقس يزداد فضول السياح لاكتشاف المنطقة، ما يجعل الطوابير تمتد دون نهاية وتتعرّج بشكل لافت.
وبمجرد التنقل في المدينة، يلاحظ الجميع كيف تعجّ ميادين وشوارع إسطنبول بشكل غير مسبوق بالسياح، فالمدينة تسحر عشاقها في كل المواسم.
ويتميز ربيع إسطنبول بتداخل الألوان بين زرقة البحر وخضرة الحدائق وتنوع ألوان الورود والأزهار، ما يشكّل لوحة طبيعية خلابة تلفت أنظار السياح.
وتتمتع إسطنبول بجاذبية لا تنتهي في جميع المواسم، تجعلها قبلة للسياح والمولعين بالطبيعة الخلابة من مختلف بقاع العالم، حيث الغابات والمياه وعبق التاريخ وتعاقب الحضارات.