ترميم قصر "البرغل" التاريخي لإعادة افتتاحه كمركز ثقافي في إسطنبول
- ديلي صباح, إسطنبول
- May 12, 2021
قصر "البرغل" هو مبنى قديم مهجور وقصر مهيب لا يزال منذ زمن طويل يقف بشموخ في شبه جزيرة إسطنبول التاريخية.
وظلت الحياة خامدة في هذا القصر لسنوات عديدة دون أن يتمكن الزوار من التجول داخله أو الاستمتاع بمناظر إسطنبول الخلابة من نوافذه المطلة على سواحل بحر مرمرة. وسمي القصر بهذا الاسم الغريب نظراً لأن صاحبه الأصلي "محمد حبيب بك" جنى النقود التي بنى فيها القصر من تجارة البرغل في حقبة الحرب العالمية الأولى. ومؤخراً قامت بلدية إسطنبول الكبرى بشراء القصر لإعادة ترميمه وتحويل المبنى ذي الهندسة المعمارية الاستثنائية والجو الصوفي إلى مركز ثقافي يجذب سكان المدينة والزوار.
يقع القصر التاريخي المراد ترميمه على تلة "قوجا مصطفى باشا" التي تبدأ في منطقة "أقسراي" وترتفع بين أحياء "جراح باشا" و"صماطيا". وللقصر قصة مثيرة للاهتمام مثل مظهره الخارجي المهيب. فقد كلف المهندس الإيطالي "غوليو مونغيري" ببناء هذا القصر عام 1912 من قبل "حبيب بك" المولود في بولو شمال تركيا عام 1878.
ومع بداية الحرب العالمية الأولى، نشأت شركات حكومية مساهمة مثل جمعيات المحاصيل الوطنية والمخابز، بهدف تلبية احتياجات الجيش العثماني المشارك في الحرب من خلال الهيئات الوطنية. وكان "حبيب بك" أحد رواد مجموعات المحاصيل الوطنية التي كانت تشتري منتجات مثل القمح والشعير والبرغل من الأناضول إلى إسطنبول ثم إلى جبهات الحرب. ونشط الرجل خصوصاً في تجارة البرغل.
وتقول الشائعات إن "حبيب بك" أثرى ثراءً عجيباً من بيع البرغل في السوق السوداء. ما جعله يتقلد لقب "ملك البرغل". وفي هذه الأثناء وضعت أساسات قصر "البرغل" الذي كسب "حبيب بك" نقوده من تجارة البرغل في حي "جراح باشا" على التل السابع من إسطنبول.
وبالرغم من خسارة العثمانيين الحرب والفقر المدقع الذي ساد في أعقاب هذه الحرب استمر بناء قصر "البرغل" بأقصى سرعة، واستورد "حبيب بك" جميع المواد المستخدمة في تشييد المبنى من الخارج. وفي الوقت الذي احتل فيه النضال الوطني جدول أعمال البلاد، قوبل مشروع القصر برد فعل عنيف.
وفي عام 1920 نفي "حبيب بك" إلى مالطا. وبعد أن حوكم في مالطا عاد إلى إسطنبول ولكن لم يعد يتمتع بنفس الامتيازات والدعم الذي اعتاد عليه. وسرعان ما قبض عليه مرة أخرى في إسطنبول واضطرت عائلته إلى اقتراض الكثير من الأموال من البنوك خلال هذه الفترة. وتوقف استكمال بناء قصر أيضاً.
في عام 1926، توفي "حبيب بك" بنوبة قلبية مفاجئة عن عمر يناهز 48 عاماً دون أن يقيم في في قصره. وتنازلت زوجته عن قصر "البرغل" للبنك العثماني لسداد ديون الأسرة. وتم استخدام المبنى كأرشيف للبنك العثماني ثم كمسكن لموظفي البنك لسنوات قبل أن يتم التخلي عنه في النهاية.
وفي عام 2001، أصبح البنك العثماني جزءاً من بنك "غارانتي" وآلت ملكية قصر "البرغل" إليه. وبعد أن طرح بنك "غارانتي" المبنى للبيع في الأشهر الأخيرة، قامت بلدية إسطنبول بشرائه وهي تخطط الآن لبدء أعمال الترميم في المبنى المهجور ليضم بعد انتهائه مركز وثائق وأرشيفاً ومكتبةً وقاعة معارض ومقهى. ومع تاريخه العريض وعظمته المعمارية وإطلالته على تلال إسطنبول، سيصبح قصر "البرغل" موقعاً شهيراً وجديراً بزيارة سكان المدينة والسياح والضيوف.