الإفطار في حدائق السلطان أحمد.. تجربة رمضانية فريدة
- وكالة الأناضول للأنباء, إسطنبول
- May 23, 2018
اعتاد الناس في تركيا لا سيما في إسطنبول خلال شهر رمضان المبارك، إقامة موائد إفطار جماعية في الأحياء والساحات العامة. وهم يختارون عموماً مكانًا روحانيًا مميزًا، لتتويج نهار صومهم بإفطار روحاني، يكون قريباً من أحد مساجد المدينة الكثيرة.
ومنطقة السلطان أحمد، الواقعة في قلب المدينة التاريخي وعلى أول تلة من تلالها السبع، تضم العديد من المعالم الروحانية لعل أبرزها مسجد "السلطان أحمد"، أحد أكبر المساجد التي بنيت في العصر العثماني، ويسمى أيضًا "الجامع الأزرق"، ويقع قبالة متحف "آيا صوفيا" الذي كان كنيسة ثم تحول بعد الفتح العثماني إلى مسجد ثم إلى متحف، فضلًا عن قصر توب قابي.
والوصول إلى هذه المنطقة بما فيها من مراكز تاريخية وروحانية تذكر بعبق التاريخ وتتمازج مع التطور الحضاري، سهل عبر وسائل النقل الكثيرة وأبرزها خط الترام.
ونظرًا إلى المكانة التاريخية والروحانية لهذه المنطقة، أصبحت قِبلة لسكان إسطنبول وزائريها من الأتراك والأجانب، إذ يتدفق إليها يوميًا آلاف الزائرين الذين تتضاعف أعدادهم في شهر رمضان.
ويحضر الصائمون الراغبون في تتويج صيامهم بالإفطار في المكان، معهم أطعمتهم المُعدّة في المنزل ويفترشون الحدائق ويصنعون سفرة طعام مميزة على الأعشاب الخضراء.
ونظرًا إلى هذه الرغبة الشعبية الملحة، وفرت بلدية "الفاتح" طاولات مخصصة، لتناول وجبة الإفطار تتسع لنحو ألف صائم، فضلًا عن الآلاف الآخرين يفترشون الحدائق.
كما نظمت البلدية في أول أيام رمضان من العام الجاري، إفطارًا جماعياً على مائدة اتسعت لـ30 ألف صائم، أفطروا مع إطلاقة من مدفع الإفطار.
وتشهد المنطقة كذلك فعاليات متعددة تبعث بروح التاريخ وتذكر بروحانية رمضان، من أناشيد دينية وعزف لفرقة "المهتار" العثمانية، وتلاوة للقرآن، في أجواء تميّز رمضان في هذه المنطقة عن الأيام العادية.
"نزاهت غوك"، سيدة تركية من سكان إسطنبول، تأتي سنويًا للإفطار هنا مع صديقاتها، تقول: "كل عام أسعى للقدوم إلى السلطان أحمد من أجل الإفطار مع أصدقائي المقربين".
وعن سبب هذا الاختيار، أضافت في حديث للأناضول: "اخترنا هذا المكان، لأنه منعش وجميل ومؤثر معنويًا وروحانيًا، كما نذهب إلى المناطق الروحانية الأخرى، وهذا المكان من أهم الأماكن".
وتابعت: "هنا جو مختلف وشعور جميل يختلف عن البيت، شعور مختلف بالإفطار مع الآخرين، وفيه روحانيات كثيرة، ونتواصل مع أصدقائنا كما أننا نفطر مع أناس لا نعرفهم، فهنا شعور بالطمأنينة".
ووجهت "غوك" حديثها للصائمين والزائرين قائلة: "أتوجه لكل الزائرين من تركيا وخارجها، بتجربة هذا الشعور الجميل في هذه الأماكن الروحانية، وأن يجربوا هذا الشعور الجميل الذي نشعر به".
أما العم "جميل يلماز"، الذي قدم أيضًا من خارج إسطنبول، فقال: "في إسطنبول الشعور مختلف، جئنا من مكان بعيد، هنا أشعر بالجو القديم، الجو العثماني الرائع، إن تفرقنا نختفي، وإن اتحدنا شبعنا جميعًا، كما قال الشاعر التركي يونس إمره".
وأضاف: "قول الشاعر مغروس في جوهرنا، هنا الجو الروحاني مختلف، لا يوجد في البيوت والمطاعم، لذلك فضلنا القدوم إلى هنا مع زوجتي".
وتحدث عن فرحة الصائم بالإفطار الجماعي، قائلًا: "هذا ما نعجز عن التعبير عنه، ومع الازدحام والجو الروحاني يكون إفطارًا مميزًا، ونأكل أكثر من الفرحة. النسمات الإيمانية جميلة هنا، حيث نأتي كل عام مرة، والخدمات التي توفرها الجهات الرسمية جيدة وكافية".