ليبيا.. مسجد "مراد آغا" العثماني يحارب الزمان

وكالة الأناضول للأنباء
طرابلس
نشر في 14.12.2022 11:22
آخر تحديث في 14.12.2022 11:32
مسجد مراد آغا التركي الأناضول مسجد مراد آغا التركي (الأناضول)

حرب مع الزمن يعيشها مسجد "مراد آغا" الكائن في ليبيا، والذي بني منتصف القرن السادس عشر الميلادي خلال الحكم العثماني.

ويقع المسجد في منطقة تاجوراء شرق العاصمة طرابلس، وعلى مدار قرون يعد أحد أهمّ وأعرق المساجد في ليبيا، رغم الدمار الذي لحق بالبلاد في سنوات الحرب.

وعلى مدار 5 قرون يقف المسجد شامخًا، حاملاً اسم مراد آغا، أول ولاة الدولة العثمانية في ليبيا، الذي حكم من 1551 إلى 1553 ميلادية.

وفي عام 1521، جرى التخطيط للمبنى ليكون قلعةً تُستخدم لأغراض عسكرية، ثم حوّله الوالي مراد آغا مسجداً بعد القضاء على التهديد الإسباني في ليبيا.

ورغم الهجمات المسلحة التي تعرّض لها المبنى عام 2013 فترة الاضطرابات الداخلية في ليبيا، إلا أن المسجد لا يزال قائماً يحافظ على طابعه المعماريّ، إلى جانب استضافته أكبر عدد من المصلّين في المنطقة.

** بوجه الغزو الإسباني

ووفق منسّق وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) في ليبيا، غياث الدين قره تبه، تعود حكاية بناء مسجد مراد آغا إلى فترة الغزو الإسباني لشمال إفريقيا.

وقال قره تبه، إن الإسبان وبالتعاون مع الصليبيين بدأوا شنّ حملاتٍ عسكرية ضد شمال إفريقيا، بعد أن استولوا على آخر إمارة في الأندلس عام 1492.

وأشار قره تبه إلى أن الإسبان احتلوا طرابلس الغرب عام 1510 بعد احتلال المغرب والجزائر خلال هذه الفترة.

وأضاف: "نتيجة تقدم الإسبان في طرابلس، تراجعت قوات المقاومة المحلية إلى تاجوراء، ليرسل بعدها مجلس أعيان المنطقة وفدًا إلى إسطنبول عام 1519 لطلب المساعدة".

وتابع: "بناءً على ذلك، جهّز السلطان العثماني سليمان القانوني 6 آلاف عسكري من القوات البحرية بقيادة مراد آغا، أحد أبرز آغوات القصر السلطاني في إسطنبول، وأرسلهم إلى طرابلس عام 1520 لتحريرها من السيطرة الإسبانية".

وأضاف قره تبه ذكر أن مراد آغا شرع عام 1521 ببناء قلعة كبيرة في تاجوراء لحماية المدنيين الذين لجأوا إلى المنطقة من طرابلس، وبالفعل، تمكن من خلالها من صدّ هجمات الإسبان وحماية المدنيين.

وقال: نتيجةً للجهود التي بذلها في حماية المدنيين ودحر الإسبان والتخلّص من خطرهم، عيّن السلطان مراد آغا أول والٍ على طرابلس، وعام 1535 حوّل الأخير القلعة إلى مسجد.

ولفت قره تبه إلى أن مراد آغا توفي عام 1556، ودُفن جثمانه في باحة المسجد.

وبحسب تصريحات قره تبه، تمكّن مسجد مراد آغا الذي يعتبر أقدم مسجد عثماني في ليبيا، من الحفاظ على خصائصه المعمارية التي تجمع بين المسجد والقلعة معاً.

وأشار إلى أن البناء خضع للعديد من أعمال الترميم في سنوات مختلفة.

وقال: "إحدى الشركات التركية المتخصصة رمّمت المسجد عام 2013، بناءً على توجيهات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".

وأردف: "إلا أن المسجد، ونتيجةً للاضطرابات الداخلية في ليبيا، تعرّض لأضرارٍ جسيمة في قصفٍ صاروخيّ وقع في نوفمبر 2013، وذلك بعد شهرين فقط من انتهاء أعمال الترميم فيه".

** "جامع طرابلس الكبير"

وفي حديثه، قال نوري عمار، مواطن ليبي وأحد المصلين في المسجد، إن سكان تاجوراء يطلقون على مسجد مراد آغا اسم الجامع الكبير، لأنه يستضيف يومياً أكبر عدد من المصلين.

وذكر عمار أن المسجد خضع لأعمال ترميم واسعة في عام 1986، حيث جرى إصلاح جميع الأسقف والأعمدة والأقواس، التي تحمل ملامح العمارة الإسلامية، وخاصة المئذنة التي تحمل خصائص العمارة المغاربية.

بدوره، قال عبد الرزاق غرياني، أحد المواظبين على الصلاة في المسجد، إن "الجامع الكبير يحتوي على بئرين للمياه، أحدهما داخل المسجد والآخر خارجه.

وأضاف أن تركيا أعادت ترميم المسجد بعد ثورة 17 فبراير (شباط)"، مبيّنًا أنه "يحتاج لأعمال ترميم وصيانة دوريّة.

ولفت غرياني إلى أن "سكان تاجوراء اعتادوا تأدية صلاة الجمعة في هذا المسجد وباحته الكبيرة".

وأشار إلى أن "مسجد مراد آغا لا يعتبر أكبر مساجد تاجوراء فحسْب، بل هو أيضًا أكبر مسجد في طرابلس بأكملها".