تحتفل شعوب آسيا الوسطى والصغرى والغربية وجنوب القوقاز بعيد النوروز أو النيروز، الذي يوافق رأس السنة وفق التقويم الشمسي. والنوروز كلمة فارسية مركبة من "نو" بمعنى جديد و"روز" وتعني يوم. وقد عرب الاسم قديما وظهر في المعاجم التراثية مثل لسان العرب باسم «النيروز».
وتعود الاحتفالات بعيد النيروز إلى أكثر من 2000 سنة. وفي عام 2009 تم إدراجه في قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
ويعتبر الإيرانيون حلول النيروز تزامنا مع تجدد الطبيعة مع بداية فصل الربيع رسالة لها معان إيجابية كثيرة كالتفاؤل والحب والأمل والسلام.
كما تذكر مصادر تاريخية أن الشعوب التركية القديمة كانت تحتفل بالنيروز منذ فترة ما قبل الميلاد.
وهناك روايات وأساطير متعددة حول أصل عيد النيروز وسبب الاحتفال به. فالأسطورة الفارسية تقول إن الملك "جمشيد" كان له سلطان واسع ويحكم الإنس والجن، وتنقل إلى جميع ممالك حكمه على سرير/ عرش ذهبي مرصع بالجواهر في يوم دخول الشمس في برج الحمل، فتم تقديس ذلك اليوم.
وهناك رواية فارسية أخرى تقول إن الملك الفارسي جمشيد، وكان يدعى "جم"، كان يسير في العالم وحين وصل إلى أذربيجان أمر بنصب عرش، وحين جلس عليه أشرقت الشمس وسطع نورها على تاج وعرش الملك فابتهج الناس، وقالوا: هذا يوم جديد. ولأنّ الشعاع يقال له في البهلويّة "شيد" أضيفت الكلمة إلى اسم الملك فأصبح جمشيد، وقيل إن هذا أصل الاحتفال بهذا اليوم.
وذكر الباحث في تاريخ إيران، مسعود لقمان، أن أصل النيروز يعود إلى أسطورة تتحدث عن احتفالات عمت البلاد في عهد الملك جمشيد بسبب نشره للسعادة والخير والبركة.
ثم شيد مدرج جمشيد أو ما يعرف بـ"تخت جمشيد" لإقامة مراسم العيد في عهد الأخمينيين الذي ما زال قائما في مدينة شيراز.
وفي عهد الملك كورش الكبير، أعلن يوم النوروز كعيد وطني بداية من سنة 538 قبل الميلاد، وقد رسخ كورش بعض العادات في هذا اليوم، كترقية الضباط والجنود، وتنظيف الأماكن العامة والمنازل، والإعفاء عن بعض المحكوم عليهم بالسجن، وحافظ الملوك المتعاقبون على هذه العادات، ثم في عهد الملك داريوس الأول تم الاحتفال بالعيد في برسبوليس العاصمة آنذاك.
أما الأسطورة الكردية فتقول إن ملكا "ظالما" اسمه أزدهاق أوأزيدهاك (مذكور في الشاهنامه باسم الضحاك) كان يذبح كل يوم عددا من الشباب حتى يشفى من مرضه وذلك بناء على نصيحة من الكهان -وفي رواية أخرى لإطعام ثعابينه التي لا تتغذى إلا على مخ البشر- فقام أحد الشباب واسمه "كاوا الحداد" برفقة آخرين بالثورة على الملك الظالم وتخلصوا منه، وأوقدوا النيران على الجبال احتفالا بالحرية والتخلص من الاستعباد، وصادف يوم احتفالهم دخول الشمس في برج الحمل وحلول الاعتدال الربيعي.
كذلك تحتفل تركيا والجمهوريات التركية في أسيا الوسطى بالعيد احتفالاً ببشرى الربيع و"بداية العام الجديد" و"عيد الطبيعة".
ويربط الأتراك بين عيد النوروز وأسطورة "أرغنكون". حيث تمكنوا من الخروج من مكان عاشوا فيه لقرون يطلق عليه "أرغنكون" محاط بجبال بها نسبة كبيرة من معدن الحديد. وبعد أن أذابوا الحديد ظهر أمامهم عدة ممرات لم يعرفوا أيها يسلكون، حتى ظهر لهم ذئب أغبر (رمادي) ضخم مشى أمامهم ودلهم على الطريق. فخرجوا وانتشروا في العالم وأسسوا دولهم التي حكمت كل الشعوب. وتقول الأسطورة إن هذا اليوم يصادف يوم النوروز.
ويذكر كتاب الأبستاق (الكتاب المقدس لدى الديانة الزرادشتية ويعرف أيضاً باسم "أفيستا") أن الإنسان خلق في ذلك اليوم. ولم ينفصل الاحتفال بالنيروز عن الثقافة الإيرانية حتى بعد الإسلام.
ومن أهم الطقوس في الاحتفال بالنيروز لدى الإيرانيين خاصة إعداد مائدة خاصة تسمى «سفره ى هفت سين» أي سفرة السينات السبع توضع عليها سبعة أشياء تبدأ بحرف السين هي:
"سبزه" أي الخضرة.
"سركة" الخل.
"سنجد" ثمرة تشبه التمر.
"سمنو" نوع من الحلوى الايرانية.
"سيب" أي التفاح.
"سير" أي الثوم.
"سماق" نوع من البهار.
وقد تعوض واحدة من هذه الأشياء بشيء آخر يبدأ بالسين مثل «سنبل» أي سنبلة إضافة إلى ذلك تحتوي المائدة في العادة على مرآة ونسخة من الكتاب المقدس لدى المجوس، وبعد الإسلام حل محله المصحف وديوان حافظ الشيرازيّ، وأسماك زينة حمراء اللون.
ويعتقد بعض المحتفلين بالنيروز أن أرواح أقاربهم ترجع إلى الأرض وتجتمع مع الأهالي في يوم عيده، لذلك يهتمون بتجهيز السفرة والمنزل لإكرام الضيوف من العالم الآخر.
وخلال هذا اليوم يحتفل الناس كذلك باللعب بالماء كرمز للتطهر وتفاؤلا بموسم زراعي ناجح.
وفي تخليدهم للمناسبة، يجتهد الإيرانيون في تغيير أثاث منازلهم وشراء ملابس وحلي جديدة، وشراء المكسرات واللحوم والحلويات الخاصة بالمناسبة.
ومن العادات الأخرى ظهور الحاج فيروز في الشوارع، ويرتدي في العادة لباسا أحمر ويصبغ وجهه بلون أسود، وبعدها يقوم بإنشاد قصائد شعبية.